الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

وليم فريدكين الراحل عن 87 عاماً: هناك إله سينمائي!

المصدر: "النهار"
هوفيك حبشيان
Bookmark
المخرج الأميركي وليم فريدكين.
المخرج الأميركي وليم فريدكين.
A+ A-
 قبل أسابيع قليلة من عرض جديده في مهرجان البندقية السينمائي، باغتنا المخرج الأميركي وليم فريدكين برحليه عن 87 عاماً. هذا الذي يُعدّ من أباطرة حركة "هوليوود الجديدة" السبعيناتية، أنهى "محكمة تمرد كاين العسكرية" الذي سيكون فيلمه الأخير… ومضى! السينمائي الكبير الذي أنجز 20 فيلماً روائياً طويلاً، في فترة لا تقل عن ستّة عقود، يترك خلفه إرثاً بصرياً محترماً يستحق (اعادة) اكتشافه في ضوء الحدث الأليم.

 

ما إن نتكلّم عن فريدكين حتى تخطر في البال ثلاثة مشاهد مفصلية: المشهد الشهير الذي يعرفه الجميع عن ظهر قلب في "الإكزورسيست"؛ المطاردة الأشهر في السينما (مع "بوليت") بسيارة يقودها جين هاكمان في "الشبكة الفرنسية"؛ وطبعاً المقطع الذي دفع فنّه إلى الذروة: عبور الشاحنة الجسر المترهل تحت العواصف والمطر في "المُشعوِذ" (بيتر بيسكيند خصص فصلاً كاملاً من كتاب له عن التصوير الجنوني لهذا الفيلم). إلى هذه الأعمال الثلاثة، ترك فريدكين خلفه عشرات الأفلام المهمة والأقل أهميةً، تصوّر بعنف شديد وبلا أي تسوية أو تنازلات، العالم الذي كان سيشرع أبوابه أمام أبناء جيله بدءاً من السبعينات. معظم أفلامه اقتباسات، لكنه عرف كأي فنان جدير ان يضع فيها من هواجسه ويحولها مشاريع خاصة به. 

 

هذا المولود في شيكاغو، عاش وعمل على هامش هوليوود وفي قلبها. فاز بـ"أوسكار" أفضل مخرج وهو في السادسة والثلاثين من العمر. عشق ثلاثة وكان لهم فضل كبير عليه: أورسون ولز وألفرد هيتشكوك ومخرجو "الموجة الجديدة الفرنسية". تزوج جانّ مورو لفترة قصيرة وحاور فريتز لانغ وعاش تجربة حياة ثرية على أوسع نطاق، بلا مخدّرات أو جنّات اصطناعية كحال كثر من رفاق دربه. في سجلّه بضعة أفلام لا تزال ماثلة في ذاكرة محبّي السينما: "الشبكة الفرنسية” (1971) الذي ضمّته مكتبة الكونغرس إلى محفوظاتها، و”الإكزورسيست" (1973) الذي أضحى من كلاسيكيات سينما الرعب. فيلمان شرّعا له كلّ الأبواب. اما “المُشعوذ" (1977)، فرفع من شأنه عند السينيفيليين، رغم ما تعرّض له من فشل جماهيري لم يشفَ منه البتة. 

 

لا ينتهي الحديث عن أهم أعمال فريدكين من دون الإشارة إلى فيلمين: 1 – “كروزينغ" (1980) عن تسلل شرطي يلعب دوره آل باتشينو في العالم السفلي للمثليين بحيث يتحول البحث عن مجرم مناسبة لمساءلة الذات. 2 – "أن تعيش وتموت في لوس أنجليس” (1985) وهو نزول رهيب في عالم الشرطة والعنف من خلال تحقيق العدالة خارج إطار القانون.

 

أجادت سينما فريدكين المزج بين الحرفة الأميركية وحداثة أوروبية معينة، ولا شك انه ابن السينماتين. مع ذلك، إن هذا الذي لم يكن يشبه أياً من مخرجي بلاده، لا يعتبر نفسه مؤلفاً. في العام 2014، كرمه مهرجان كارلوفي فاري بجائزة عن مجمل أعماله، وكنت في عداد الذين تسنّت لهم محاورته. يومها، جالستُ شخصاً محبّاً، أميركيا في تعابيره الجسدية، أوروبيا في اجتهاداته، سينمائيا في كيانه، والأهم: كان لا يزال على روحه الشابة النضرة الطموحة على الرغم من اقترابه من الثمانين. 

 

استهللتُ اللقاء باعتذاري له، كوني كنت رفضتُ لسنوات طويلة مشاهدة "المُشعوِذ"، معتبراً عن سابق إصرار، بأنه اعادة أميركية بليدة لتحفة فرنسية ("أجر الخوف" لهنري جورج كلوزو - 1952)، قبل ان تتسنى لي معاينته في مهرجان البندقية في مناسبة تكريمه، وخرجتُ من الصالة بذهول. صارحته بأنني لم أكن أتقبّل فكرة "ريمايك" لواحد من أروع الأفلام، لكن المشاهدة أكّدت لي أنني كنت مخطئاً، فرد قائلاً: "لا داع للاعتذار، أسامحك"، ثم ضحك. 

 

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم