"لا جديد في الغرب" أفضل فيلم أجنبي: السينما ولدت لتصوير الحروب

أفلام الحرب كثيرة، ولحسن الحظ هي لا تجتمع حول كلام واحد ورؤية واحدة. "لا جديد في الغرب"، أفلمة ألمانية لرواية ألمانية لإريك ماريا ريمارك، سبق ان اقتبسها لويس مايلستون في أميركا بين الحربين العالميتين. نظرة إدفارد برغر حديثة، قاسية، لا ترحم، لا يمكن فصلها عن هويته وألمانيته، وعن كلّ شيء يحيط به وبنا أيضاً من أحوال وظروف. نسخته أقرب إلى "تعالَ وشاهد" لكليموف منها إلى أي فيلم أميركي يؤمن بالنهايات شبه السعيدة رغم كلّ الشرور. في نظرة بول، الرعب نفسه الذي كان مزروعاً في عيني فليورا عند كليموف. الجندي هنا، الصبي الصغير هناك، شخص واحد. لا رومنطيقية، لا عملية انقاذ، لا شيء سوى أجساد تتهاوى وتتفحّم وتحاول الهروب من جحيم الحرب العالمية الأولى، تحديداً المعارك بين الألمان والفرنسيين. لا شرف على أرض المعركة كما يحاول الجنرالات اقناع الجنود. الحاجة إلى البقاء حياً هي الشيء الوحيد الذي يحاول الجنود التزامه. الانقاذ الوحيد الممكن هو الفرار بالجسد إلى حيز الامان، ذلك ان الإنسان الذي في داخل ذلك الجسد قُضي عليه ما إن تسلل إلى هذه الجهنم.

يتشارك الفيلم مع "فول ميتال جاكيت" لستانلي كوبريك في نقطة مهمّة: الحروب تُخاض مع أعداء لا نراهم. حروب بلا وجوه. وجود الفرنسيين نادر في الفيلم الذي يرينا الحرب من جانب الألمان. الوجه الوحيد الذي يقترب من بول هو وجه جندي فرنسي يطعنه خوفاً، ثم لا يتحمّل سماع أنين احتضاره في مشهد عظيم يحمل الفيلم إلى ذروته. فكم من السهل ان نقتل فكرة أو نحاربها من بعيد، لكن الاقتراب من الجسد والجلد والدم والأنفاس وكلّ ما يصنع دفء الإنسان، حقيقة أخرى تجعل من النزاعات المسلّحة جحيماً. تلك لحظة تأسيسية في فيلم لا يوفّر في الامكانات ليؤكد كم ان السينما ولدت لتصوير الحروب. وفي حين يتساوى البشر بالوحول والماء والدماء، يجلس الجنرالات بعضهم الى بعض ليقرروا مصير الشعوب والجنود. ينسب إلى الشاعر بول فاليري القول الآتي: "الحرب هي ان يتقاتل ناس لا يعرف أحدهم الآخر خدمةً لناس يعرف أحدهم الآخر لكنهم لا يتقاتلون!". فيلم برغر ترجمة بصرية لهذا القول.