السينما اللبنانية في الطليعة برغم الأزمات!

كان العام الماضي أحد أبرز الأعوام للسينما اللبنانية التي شهدت نشاطاً غير اعتيادي وطفرة نادرة. بالرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالبلاد، قدّم السينمائيون بعضاً من أفضل إنجازاتهم. لم يروِ هؤلاء واقع بلادهم الآني، ذلك أن السينما تحتاج إلى وقت ليستوعب هول الحدث واتخاذ موقف منه. لكن أن يضع سينمائي كاميراته في مدينة تنزف كما حال بيروت خصوصاً بعد تفجير المرفأ في صيف ٢٠٢٠، فهذا يكفي كي تصبح الصورة، أيّ صورة، مثقلة بالمعاني والدلالات. علّمتنا الأفلام أننا نحتاج أحياناً إلى العودة بضع سنوات إلى الخلف، كي نقفز في الحاضر. وفي بلدان ومجتمعات تتكرر فيها المآسي نفسها بعناوين وأسماء وأشكال مختلفة، ليس الحاضر سوى صدى للماضي. ما لا يقل عن دزينة أفلام عُرضت في ٢٠٢١، نتناول في الآتي تسعة منها. هذه الأفلام شاركت في أهم المهرجانات الدولية: برلين، كانّ، لوكارنو، البندقية وغيرها، قبل أن تستعيدها المهرجانات العربية في نهاية العام الماضي. هذا الانتشار دليل إضافي على حيوية السينما اللبنانية الشابة التي يمكن المراهنة عليها. “أعنف حبّ” لإيليان الراهب آخر عمل للمخرجة التي اشتهرت بالفيلم الوثائقي الجيد الصنع وقد عُرض في مهرجان برلين ٢٠٢١ الذي عُقد افتراضياً. إلى اليوم، لم يخرج في الصالات اللبنانية بالرغم من أنه لفّ العالم أجمع، وفاز بعدد من الجوائز. عندما نشاهد هذا العمل الصادم والجريء ندرك حساسيته. بطل الفيلم المضاد شخصية استثنائية: هو ميغيل اللبناني المثلي الذي هاجر إلى إسبانيا بعدما شارك في الحرب اللبنانية. تنبش الراهب برفقته أشباح الماضي في سلسلة لقاءات قاسية وطريفة تكشف الوجه الحقيقي لإنسان معذَّب يعيش صراعاً مع محيطه بحثاً عن هويته في بلاد غريبة. تصوّره الراهب بحنان كبير، ليس من دون محاسبته، رابطةً كما عادتها العام بالخاص ببراعة كبيرة. “البحر أمامكم” لإيلي داغر أول عمل روائي طويل لداغر الذي كان صنع مفاجأة عام ٢٠١٥ من خلال فوزه بـ"سعفة" الفيلم القصير عن “موج ٩٨”. مع هذا الفيلم عاد إلى مهرجان كانّ الأخير. الممثّلة الرائعة منال عيسى تؤدي دور جنى التي تعود إلى وطنها بعد فترة من...