الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

قلعة صلاح الدين في القاهرة بريشة شوقي دلال... مرتع منيع للذاكرة

لوحة "قلعة صلاح الدين الأيوبي في القاهرة" بريشة الرسام شوقي دلال.
لوحة "قلعة صلاح الدين الأيوبي في القاهرة" بريشة الرسام شوقي دلال.
A+ A-

الدكتورة بهية أحمد الطشم

نطلق العنان لتأمّلنا المُمعن في حنايا قلعة صلاح الدين الأيوبي  أو قلعة الجبل، وهي من أرقى القِلاع الحربية التي تم تشييدها ابّان العصور الوسطى وتُعتبر من أهم  المعالم التاريخية والحضارية على أرض الكنانة (مصر)، وقد بُنيَت وفق هندسة بارعة  للطراز الاسلامي فوق إحدى التلال المنفصلة عن جبل المقطم على مشارف مدينة القاهرة.  ويعود تاريخ بنائها إلى عام 1176 وبفكرة رائدة منبثقة عن أفكار القائد صلاح الدين الأيوبي أثناء جولته على تلك المنطقة التي تُعدّ احد  الشرايين الحيوية لحضارة بلاد النِّيل.

ولا غرابة أن تتسم تلك  القلعة بسِمة استثنائية، كونها حاجز طبيعيّ مرتفع بين مدينتي القاهرة والفسطاط، حيث ما زالت تتحدّى الزمن بشموخها لتبقى خالدة في ذاكرة الأيام على مسرح التاريخ ونطاق الجغرافيا.

تجول أجنحة أرواحنا في أروقة القلعة الراقية عبر تموجات الخطوط والألوان للوحة بشغف الفضول الجميل والتحرّي السّاحر عن مسار استكشاف حكاية كل زاوية فيها.

ويمكننا القول حِيال ذلك أنّ هذه القلعة كانت بمثابة الحارس الأمين على أمن سكان المدينة ومرتع صمودهم في مجابهة الغزوات التي تهاجمهم بضراوة، إذ شهدت أسوارها أحداثأً تاريخية جمّة خلال العصور الأيوبية، المملوكية وفي زمن الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 م.

تُحاكي رؤوس القِبب الحادّة  فيها سمّو الشموخ وجلال الوقار في بصمة حضارة زاخرة بمعالم الأصالة ومداميك التراث.

وينمّ التدرّج في الطبقات والأبراج للقلعة  عن أهم استشراف للرؤية وكذلك عن الامساك بزِمام مستوى أعلى للرّصد سيّما تحرّكات الغزوات.

كما يعكس بهو القلعة الشاسع مدى الرّحابة التي تسرد قصصاً من الماضي الغابر، فتستثير الخيال لمحاكاتها واستحضار حبكة أحداثها بالكثير من العمق.

تدلّل ضخامة الأعمدة المرتكنة عليها أبراج القلعة على الجلال الفائق والرسوخ العملاق في الدفاع عن المدينة ضمن معركنها الوجودية.

وفي سِياق استقراء فلسفة الألوان التي تزدان بها أرجاء اللوحة البهية، يُلفتنا وُلوج اللون الازرق الفاتح وتداخلِه العذب باللون الابيض الناصع في قِبب القلعة ما ييثّ روحية الولاء الكبير للمكان وسِمات القوة الخلاّقة التي تعزّز الشعور بالحرية المتماهية مع حدود السّماء.

يتناغم اللون البني للجدران والأعمدة والمنسجم مع لون الأرض (ملاذ الانتماء) والاستقرار والثبات والرسوخ في الدّفاع عن حدود الوطن.

 وبموازاة ذلك، يرفرف العلم المصري الأغرّ بمحاذاة الاشجار الخضراء الغضّة والسامقة والمُلازمة لحنايا الخير.

أمّا اللون الرمادي الفاتح الذي يفترش مساحة البهو، فيشير الى الى سُطوع أرجاء المكان، وإلى الحيوية  الساطعة لحيّزه.

إذاً، تبقى القلعة  الحصن المنيع للمدينة، ذاكرة تاريخها، كتاب أحداثها المفتوح، والعلامة الفارقة في ديمومة وجود الحضارة بمرور الارهاصات الزمنية والمعالم الحضارية في ذاكرة الأجيال المتعاقبة على كوكب الارض، ويُحاكي تشييدها بالخطوط البارعة والألوان الاستثنائية  عبر فن الرسم ماهية فلسفة الجمال (الاستطيقا ) بأجلّ  لغة دون منازع.

 

 

 

 


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم