حركة ثقافية "متأرجحة" في بيروت بعد غزو غزة تفاوت في قياس التضامن والوجهة الصمود

مرة جديدة، تثبت الثقافة بمكوناتها المختلفة قوة تفاعلها مع الحوادث، ودورها الريادي في الصمود بوجه الظلم والطغيان والألم، متحولة الى "وجبة رئيسية" في يوميات الإنسان وفرصة ذهبية لصقل مهاراته كمواطن مناهض للعنف والقتل، مؤمن بالحوار والحقّ في الاختلاف من دون خلاف. إنطلاقاً من ذلك، تُرجم فعلياً دور الحركة الفنية والمسرحية في بيروت مع الواقع المأسوي لغزو غزة وتداعياته على جنوب لبنان والوطن كله من خلال ثلاثة اتجاهات رئيسية: الأول برز من خلال ثلاثة معارض فنية لأسماء علم رياديين في الحركة التشكيلية في لبنان عكست أهمية مدينة بيروت الكوسموبوليتية وصمودها في وجه الانكسار المتوغل في الداخل او على حدودها مع فلسطين المنكوبة، من خلال معرض هو تحية إكبار للراحل الكبير حليم جرداق في ذكرى مرور ثلاثة أعوام على رحيله في متحف نابو في الهري، شمال لبنان (مستمر الى 20 كانون الثاني 2024)، وصولاً الى معرض تكريمي للفنان التشكيلي جان خليفة في محترف المصور الفوتوغرافي ماهر عطار في شارع غورو، الجميزة (مستمر حتى 2 تشرين الثاني 2023) واختتام معرض قبل أيام قليلة للرسامة التشكيلية العالمية أوغيت كالان تخللته قصة صداقة متينة بينها وبين مديرة "غاليري جانين ربيز" نادين بدكاش، في مقر الغاليري في الروشة. تضاف الى هذه المحطات المفصلية الصامدة في وجه تخلّف الحرب وقفة صمود مع مئوية ولادة عاصي الرحباني، التي تنضوي في إطار سلسلة ندوات علي غندور الثقافية للعام 2023- 2024، وهي من تنظيم برنامج زكي ناصيف للتأليف الموسيقي في الجامعة الأميركية في بيروت بمحاضرة يلقيها الأب الدكتور بديع الحاج من جامعة الروح القدس، الثلثاء 31 من الجاري، ويديرها صاحب "دار نلسون" سليمان بختي. عزوف وتأجيل أما المنحى الثاني فيصبّ في تغيير جذري في الروزنامة الثقافية والفنية لسببين: الأول يعود الى امتثال عازفين وموسيقيين عالميين وخبراء أجانب في الآثار والتراث لقرار حكوماتهم بعدم السفر الى لبنان بسبب الظروف الأمنية الراهنة، ما أدى الى إلغاء 7 حفلات من مهرجان "موسيقيات بعبدات" حتى الآن، وتأجيل ندوتين في تشرين الثاني في متحف ما قبل التاريخ...