الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

نقاد ومثقفون لـ"النهار العربي": هذه أفضل كتب العام 2021

المصدر: "النهار العربي"
أفضل كتب عام 2021.
أفضل كتب عام 2021.
A+ A-

مايا الحاج

 

بعد موتٍ قسري عاشته الحياة الثقافية جرّاء وباء كوفيد19، شهد العام 2021 عودة تدريجية الى عالم النشر والكتب والمعارض وغيرها من القطاعات الإبداعية التي تأذّت كثيراً خلال الأزمة العالمية وتداعياتها.

والمُلاحظ أنّ كمّ الإصدارات هذا العام كان لافتًا، ما يومئ بانعكاس العزلة الصحية إيجابًا على الكتّاب والباحثين ممّن استغلّوا فترات الحجر الصحي لمزيد من النشاط، قراءةً وكتابةً.

وفي هذا السياق، توجه "النهار العربي" الى مجموعة من أبرز النقّاد في العالم العربي لمعرفة أبرز قراءاتهم خلال العام المنصرم، وترشيحاتهم لأهمّ الكتب العربية في 2021. جاءت الأجوبة مختلفة بين روايات ويوميات وقصص وكتب نقدية، ومنهم من ذكر روايات صدرت قبل عام وإنما لاقت شهرتها في 2021...

في هذا الحصاد، دعونا نتعرّف الى قراءات النقّاد العرب في 2021...

 

1-التونسي عبدالدائم السلامي:

"حجابُ العادة، أركيولوجيا الكَرَم: من الخطاب إلى التجربة"...  


يبدو لي، في أيامنا هذه، أنّ أصعبَ شيءٍ يفعله القارئُ بنفسه هو أن يُبْدِيَ رأيَه في كتابٍ جديدٍ، لأن إبداء الرأي في الكتاب هو كناية عن إبداء الرأي في صاحب الكتاب، أي: هو فعل أخلاقي محفوف بالنّدم في أغلب أحواله. وصورة ذاك النّدم هي أنك حين تُبدي رأيَك الأدبيَّ في الكُتُبِ فأنتَ قد تُبدِّدُ علائقك الهشّة بكُتّاب الأدبِ.

 
 

فإذا امتدحتَ كتابَ فلان فذاك يعني أنك اخترتَ أن تذمّ كُتبَ الآخرين، وإذا ذممتَ كتابًا، سيُعاديك مَن لم تذمّ كُتبَهم لأنّ الذمّ في فلسفة السوشيل ميديا صار أكثرَ جدوى من المديح. وأنت بوعيك الآدميّ غير الحسابيِّ لا تملك إلاّ أن تمدح أو تذمّ، لأن منتهى القراءة بجميع أنواعها هو مدح أو ذمّ، أو مدح وذمّ معًا. ويبقى عزاء إبداء الرأي في كُتبِ النّاسِ هو الوعي الحادّ بأنّ كتابة الأدب إنما هي بالتوصيف ضيافةٌ، وكلّ ضيافة لا يُعتدُّ بقيمتها إلا إذا قامت على التبديدِ، حتى وإن انصبّ ذاك التبديد على المعاني والعلاقات خارج النصّ، أعني: مع كُتّاب الأدب أنفسهم.
وقد وجدتُ في قراءة كُتب النقّاد والباحثين مهرَبًا لأمثالي من أفق هذا النّدم الأدبيّ، فأقبلت في الأشهر الأخيرة من هذا العام على قراءة مجموعة من الكتب ذات النزوع الفلسفي والاجتماعي والنقد الثقافي.

وكان كتاب "حجابُ العادة، أركيولوجيا الكَرَم: من الخطاب إلى التجربة" (ط.3، دار مدارك 2021) للدكتور سعيد السريحي أكثر تلك الكتب التي شدّتني إليها، فهو يسلك بك مسالك في الفكر جديدة، ومحيِّرة، بل ومقلقة. ذلك أنّ صاحبه ينتزع منك في صفحات قليلة وهمًا ثقافيًّا يزيد عمره عن خمسة عشر قرنا وصورته ادّعاءٌ بأنّ الكرم فضيلة مطلقة اختصّ بها العرب وفاقوا فيها باقي الأجناس البشرية. غير أنّ نفسَ الكريم، في ما يكشف عنه سعيد السريحي في قراءته لأبيات من شعر الكرم والجود، تتنازعها رغبتان: رغبة في الإنفاق ورغبة في الإمساك، وهو ما يشرحه بالقول إنّ لغة الشعر الذي تناول قيمة الكرم قلقة قلقا كان نتاجًا لتوتّر العلاقة بين بنية التجربة وبنية الخطاب، بحيث تكشف لنا عن لغة تُبطن في داخلها غير ما يبدو في ظاهرها مجانسة بذلك نفس الكريم التي تتمزّق بين نفسين، نفس للجود، وهي التي يعمل الخطاب على إبرازها على سطح القول، ونفس للحرص يتمّ قمعها غير أنّها تظلّ تتراءى لنا خلف الرموز المختلفة المتمثّلة في النار والكلب والذّئب وما يتّصل بها من عوالم تكشف عن توتّر العلاقة بين الضّيف والمضيّف (ص 12).

 

 
  • 2-الأردني فخري صالح:

    "حارس الذكريات" و"سفر الاختفاء"

  •  

  •  

    قرأت منذ مدة قصيرة روايتين للروائي التنزاني- الزنجياري- اليمني الأصل- الإنكليزي لغة الكتابة عبد الرزاق غورنة (أو قرنح)، وهما "جنة" أو "فردوس" Paradise و"هجران" Desertion، وأواصل قراءة أعماله الأخرى. السبب هو محاولة التعرف على هذا الكاتب شبه المجهول الذي وضعته جائزة نوبل في دائرة الضوء، وهو أصلاً روائيّ مهمّ ومختلف.

  •  

    كما أنني قرأتُ عددًا من الروايات التي فاتتني قراءتها قبل سنوات، وهي في المجمل لكاتبات وكتاب من فلسطين 1948، وتعاين الوضع الوجودي المعقد للفلسطينيين الباقين على أرضهم بعد نكبة 1948. وأخص بالذكر هنا رواية ابتسام عازم "سفر الاختفاء" التي تصور الحلم الصهيوني باختفاء الفلسطينيين، وتبخرهم في الهواء. رواية جميلة وكاشفة تذكر بعوالم خوسيه ساراماغو.

    قرأت أيضًا كتاب "حارس الحكايات"، وهو كتاب تذكاري مهدى إلى الناقد الفلسطيني فيصل دراج، ويضم شهادات عنه ودراسات حول عمله ومراجعات تسعى إلى تكريم هذا الناقد العربي الكبير الذي لم يوفَّ حقه، كما هم آخرون مثله في هذا العالم العربي الواسع الذي يضيق بمبدعيه ويهملهم في حياتهم ومماتهم. الكتاب من إنجاز الباحث عيسى برهومة وعامر أبو محارب، وهو جهد مميز مشكور لهما.

     

  • 3-المغربي أحمد المديني:

"سُمٌّ في الهواء"، "نازلة دار الأكابر"، "السارد وتوأم الروح ـ من التمثيل إلى الاصطناع"

 

 

في المدى المتاح هذا العام، قرأت أكثر شيء الكلاسيكيات، أجنبية خاصة وعربية، وما جدّ من هذه الأخيرة قليل، وفي حسبان ذائقتي وفهمي أقلّ، منه أقتبس ما أسبغ عليه طرفة ابن العبد أبلغ وصف في قوله: "ولولا ثلاثٌ هنّ من عيشة الفتى/ وجدَّك لم أحفل متى قام عُوّدي".

فمنهن "سُمٌّ في الهواء" (دار الساقي)، الرواية الأخيرة التي ودّع بها جبور الدويهي هذا العالم الزائل، تاركاً فيها زبدةَ سيرة حياة وتجربةَ شيخ في السرد العربي الحديث لا يضاهّى، درسَ كتابة لغةً ودقةً ومهارةَ حكي واقتصادَ عرضٍ وخبرةَ حياة وامتلاءً بالأرض ومعنى الوطن.

ورواية "نازلة دار الأكابر"(مسكلياني) للتونسية أميرة غنيم، التي خاطت بإبرة التاريخ تململ وتطور مجتمعها، انطلاقا من حكاية عائلة.

وأيضًا "السارد وتوأم الروح ـ من التمثيل إلى الاصطناع" (المركز الثقافي للكتاب) للباحث الجامعي المغربي محمد الداهي. هي أمتن دراسة مدققة وموثقة في المحكيات الذاتية العربية الحديثة بمنهجية تتراوح بين محمول النصوص ومنظورات الدرس النقدي الجديد، وتستجلي تمثيلات الواقع بين حقيقته وتخييل الذات، مستعملة المصطلح العالم بالرأي المركب لا الحاكم. 

 

4-المصري يسري عبدالله:

"حكايات من جنازة بوتشي"، "أبناء حورة"، "شيطان الخضر"

 

 

من روايات عديدة يمكن الإشارة إليها في العام ٢٠٢١، من بينها روايات ثلاث حوت عوالم شديدة الخصوصية، مغايرة ومختلفة في الآن عينه.
هناك "حكايات من جنازة بوتشي" للروائي أحمد صبري أبو الفتوح، وتحمل مدًّا إنسانيًا رفيعًا، ورواية "أبناء حورة" لعبدالرحيم كمال، التي تتكئ على إفساح طاقات كبرى للخيال، وتتميز بجدلها بين الغرائبي والواقعي، واستلهام فضاءات محنة الكورونا لكتابة استشرافية من جهة، وقابعة في قلب التراث المشرقي من جهة ثانية، دفاعًا عن فكرة الحكاية وتمجيدا لها.
وثمة رواية "شيطان الخضر" للكاتب محمد إبراهيم طه التي تكتسي بمساحات واسعة من التجريب الروائي، والجسارة الفكرية والجمالية، ويتجادل في بنيتها سرديات الموسيقى والتصوف والهوامش البعيدة، جاعلة متلقيها يقف على حافة السؤال والتأمل لكل ما حوته من تصورات تعاين واقعًا صلدًا فتفككه على نحو جمالي لافت.

 

5-المصرية هويدا صالح:

"مقهى ريش، عين على مصر"، و"نهايات قصيرة"

 

 

"مقهى ريش، عين على مصر- قراءة في الأنساق الثقافية المضمرة في مصر الحديثة" هو كتاب للشاعرة والروائية ميسون صقر (صدر عام 2021) لتعيد من خلاله تاريخ مصر الحديث من خلال قراءة تاريخ المقهى الأشهر في مصر، في وسط القاهرة الذي كان يرتاده المثقفون المصريون والعرب والذي كان نقطة التقاء ما هو سياسي مع ما هو ثقافي.

الكتاب الثاني هو "نهايات صغيرة" للقاص المصري محمد علام، وفيه يناقش موضوعات شديدة الإنسانية في قالب قصصي محكم ومكثف. والكتاب الثالث هو بالانكليزية "عزيزي سينثوران: مذكرات الروح السوداء"، ولم تترجم الى العربية بعد.

 

 

6-اللبناني سلمان زين الدين

"رجال الدار البيضاء"، "الشرق المتخيّل في الخطاب الغربي"، "خميس مجلة شعر"

 

 

كثيرةٌ هي الكتب التي قرأتها في العام 2021، بحكم الضرورة أو الاختيار، وتنتمي إلى أكثر من حقل معرفي. غير أنه بين تلك الكثرة ثمة زبدٌ يذهب جفاءً، وثمة ما ينفع الناس ويمكث في الأرض؛ وفي هذه الفئة الأخيرة، تندرج رواية الصادرة عن "المركز الثقافي للكتاب" للروائي المغربي أحمد المديني، وهي رواية ضخمة كمًّا ونوعًا، يرصد فيها الحراك السياسي والثقافي والاجتماعي في الدار البيضاء، خلال السبعينات من القرن العشرين، ويتناول التحوّلات التي تطاول الإنسان والمكان والزمان في تلك المرحلة، وتشكّل علامة فارقة في الرواية المغربية والعربية، بانفتاحها على الحقول المعرفية المختلفة، واستخدامها تقنيات سردية متنوعة.

 وفي الفئة نفسها، يندرج كتاب "الشرق المتخيّل في الخطاب الغربي" الصادر عن "جروس برس" للباحث اللبناني جان جبور، وهو كتاب يدخل في باب الدراسات الاستشراقية. ولا يخرج من هذه الفئة النافعة كتاب "خميس مجلة شعر" الصادر مؤخّرًا عن دار "نلسن" للمستشرق الإيطالي جاك أماتيسي السالسي، وهو يلقي الضوء على حقبة مهمة في تاريخ الحداثة الشعرية.

 

7-المغربي هشام مشبال:

"مرائي النساء"، "عن بدايات الخطاب البلاغي العربي الحديث"، "في أثر عنايات الزيات"

 

 

الكتاب الأول هو "مرائي النساء... دراسات في كتابات الذات النسائية العربية"، لجليلة الطريطر، وهو يسعى الى تدقيق النظر في كتابات الذات النسائية وتلمس خصوصيتها وسماتها.
الكتاب الثاني "في أثر عنايات الزيات" لإيمان مرسال، وهو يزاوج بين التوثيق والتخييل، بين المرجعية الحقيقية التاريخية والتخييل الذاتي. قرأته هذا العام ووجدت أنّ أهمية هذا الكتاب لا تنبع من كونه يقتفي أثر كاتبة عانت الوحدة وانتحرت، بل يحاول أن يفهم سياقًا تاريخيًا بأكمله، وبكل تناقضاته.

والكتاب الثالث "عن بدايات الخطاب البلاغي العربي الحديث" لمحمد مشبال، وهو استكمال للمشروع البلاغي الرحب الذي يخوض فيه محمد مشبال منذ سنوات طويلة. يحاول من خلاله الباحث، متسلحًا بمفاهيم البلاغة الجديدة، أن يعيد قراءة الخطاب البلاغي الحديث في بداياته الأولى أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

إن أهمية هذا الكتاب تتمثل بالدرجة الأولى في أنه يبحث عن المكون الحجاجي والمكون النوعي المرتبط بعمليتي التصنيف والتجنيس، في حقل البلاغة العربية التي هيمنت عليها القراءات الجمالية والأدبية، من خلال إعادة قراءة البدايات الأولى للتفكير البلاغي العربي الحديث ذي الملمح الحجاجي. إنه كتاب يقرأ تاريخيا حقلا بلاغيا شائكا وشديد التعقيد، بوعي نقدي عميق يثير جملة من الأسئلة.

 

8-المصري ممدوح النابي:

"والله إن هذه الحكاية لحكايتي"الإنشاد الديني في مصر"، "ترجمة الأرض اليباب ومقارنتها بست ترجمات"، "طه حسين من الملَكية إلى الجمهورية"

 

 

تعددت القراءات في عام 2021 ما بين قراءات لأعمال جديدة صدرت لهذا العام، وأخرى كانت استعادة لأعمال تمّ قراءتها في أوقات سابقة، وبما إن العام كان عام دوستويفسكي بمناسبة مرور مئتي عام على ميلاده (1821)، فأعدت قراءة رائعته "الإخوة كارامازوف" ورسائله، وأيضًا الكتاب الذي كتبته زوجته آنا غريغوريـﭬنا عن علاقاتهما معًا، منذ أن بدأت عملها عنده ككاتبة اختزال، ثم زواجهما. إضافة إلى بعض الكتب التي صدرت سابقًا، ولم تتح الفرصة لقراءته مثل كتاب "بصمة الإنسان" لتزيفتيان تودروف.

أما عن أهم الكتابات العربية التي لفتت انتباهي هذه السنة فهي كالتالي:

الكتاب الأول "الأرض اليباب وتعدديّة الترجمة"، كتاب فاضل السلطاني الصادر عن دار المدى. وتكمن أهميته في أنه يطرح قضية إشكاليّة متعلِّقة بتعدديّة الترجمة، ومتى تكون الحاجة إليها ماسّة وضروريّة.

"الإنشاد الديني في جنوب مصر"، هذا الكتاب من تأليف الروائي والباحث أحمد أبوخنيجر، وهو صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة 2021، تكمن أهمية الكتاب في أنه بادرة توثيق لهذا الفن الشعبي، ونشأته، والتأريخ لأهم رواده، بغرض حفظ هذا التراث الحضاري من الاندثار.

كتاب "التأويل السيميائي للشعر: أمل دنقل من العلامة إلى التاريخ" (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة)، للباحث عبد الرحمن عبد السلام محمود، ويلتزم الكتاب منذ مفتتحه منهجًا لا يحيد عنه عبر آليات التأويل، مفككًا البني الصغرى والكبرى للقصيدة، بادئًا بالشكل الطباعي والعنوان والمعجم وغيره. في محاولة للوصول إلى الخطاب الدنقلي، وما الذي قاله، وما الذي ميزّه عن مجايليه؟

 

ثمة كتاب آخر مهم وهو رواية عبدالفتاح كيليطو "والله إن هذه الحكاية لحكايتي" عن دار المتوسط 2021، وهي الرواية التي يتقاطع فيها التاريخ الشخصي والفكري لكيليطو، مع حكايتيْن من التراث؛ هما حكاية حسن البصري في ألف ليلة وليلة، وحكاية أبي حيان التوحيدي، وكتابه مثالب الوزيرين.

ومن الكتب المهم أيضًا "طه حسين من الملَكية إلى الجمهورية" للصحافي حلمي النمنم (الهيئة العامة لقصور الثقافة-2021). الصُّورة التي يظهر بها طه حسين في النظامين، هي صورة المثقف العضوي بتعبير جرامشي، الذي لا يتلوّن أو يتبدّل؛ بحيث قدَّم نموذجًا للمثقف المستنير (الحرّ) الذي يجعل قضايا وطنه في الصدارة.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم