الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

معرض "الاحتفال بالدراويش": رسائل متسلّلة في المحيط، الفكر والذات

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
من المعرض .
من المعرض .
A+ A-
يعنينا معرض "الاحتفال بالدراويش" للفنّان التشكيلي السوري بديع جحجاج في غاليري "آرت ديستريك" في شارع غورو - الجميزة بمجموعة رسائله الآتية إلينا كمتسلل إلى الوعي مع تأكيد على أنها تمتلك في كل منها بعداً كونياً للبشر كلّهم من دون حدود زمانية أو مكانية...
 
 
 
الدراويش في حركة دائمة. هم أفضل حالاً منّا لأننا نعاني وضعاً صعباً اليوم أكثر من أيّ وقت، في ظلّ ضيق المساحة في هذا العالم، أو صعوبة التجوال في كواليس الحياة، أو تكبّدنا وطأة ضيق الوقت، الذي يغدر يومياً بنا من دون رحمة لردع أنفسنا عن سباقنا مع الفراغ الموحش في حياتنا المملّة.
 
 
لنعُدْ إلى دينامية الدراويش. برأي جحجاج "العمل الفني يخلق نوعاً من العلاقة مع الإنسان في السعي والطواف لتحقيق آماله وأفكاره، على أن يكون فرصة ثبات لفكره أو لثقافته ولتجدّده في طوافه النهائي".
 
من الشام إلى بيروت جاء جحجاج مع منحوتات الـ"دراويش"، وهي تحمل ثلاث رسائل، وفقاً لما ذكره لـ"النهار" من أن "الدرويش يطوف، وهو يميل إلى رسالة هي إشارة كيف تُلتمس الحكمة...".
 
 
"
فالدرويش الأول،" وفقاً له، "هو من قلب السلام" و"علاقته ثابتة قائمة على المحبّة، ونابذة لكلّ هيمنة، فيما الدرويش الثاني هو يوسف الصديق حامل سنبلة قمح، شغوف بعمل الخير له ولغيره".
 
"الأهم،" وفقاً له، "ألا يحدّ نفسه عن أيّ عمل خير، لأنه يحمل في طياته قصّة مهمّة جداً عابرة للأديان، نصّت في الثقافة العالمية على قدرة الإنسان على السّماح والعطاء ومشاركة ما يحمله مع الآخر مع تمسّكه بقدرته على منح ما لديه لغيره...".
 
 
أمّا الدرويش الثالث، وفقاً له، "فيحمل شعار اقرأ، وهو مولع بالقراءة". بالنسبة إليه، "يرمز عملياً إلى الإنسان المتّصل بالثقافات والمطّلع على المميّزات الحضارية المحيطة به مع قدرته على البناء والانسجام والتعايش من خلال تمثيله المعرفة والخير والإيمان...".
 
لمَ الدرويش؟ قال: "يعكس الإنسان، من خلال إضفاء الوعي عليه، وحثّه على أن يتمسك بالحكمة والمعرفة وقدرته على أن ينتقل من صفة التوحش إلى صفة الإنسان...".
 
عمّا إذا كان الدراويش في المعرض ذكوراً، وقد يكونون يوماً إناثاً قال: "هذا ممكن. لكن الداويش كانوا  تاريخياً رجالاً، ومن المرجّح أن يصبحوا إناثاً، وذلك في الحاضر المقبل مع حمل رسائل مختلفة".
 
 
عرض لأهمية المحدّد اللوني الممتدّ في الدراويش كاللون الأزرق، ويرمز إلى الماء، وهو مورد أساسي يولد منه كلّ شيء، فيما البرونز لون يحكي عن التراب المرتبط بأصول الإنسان التي تعود إليها".
 
شدّد على أن "اللون الذهبيّ في أحد الدراويش يعكس الطاقة المقدّسة ذات البُعد الكونيّ في داخل الإنسان كدليل قاطع للنور...". ولفت إلى أن "وجود منحوتات أخرى في المعرض برونزية اللون ترمز إلى رحلة من الباء إلى النون، أي من البداية إلى النهاية". وذكر أن "حرف الباء نقطة تحت الحرف فيما النون رمز للقلب والعقل السليم، ويمكن التعامل معه بقلب واسع؛ فوجود حرف الباء والنون هو حكاية عن اللغة، تحمل ضمناً دعوة إلى التفكير بالميراث الشرقي الذي ننتمي إليه".
 
 
لمن يتوجّه هذا المعرض؟ قال: "هو دعوة لمن ينتقل طوعاً من الصّفة الماديّة إلى العالم الروحانيّ. هذا المعرض يُحاكي كلّ شرائح النّاس من راشدين وأطفال فشيوخ، في دعوة صريحة للتمسّك بالوعي...".
 
لمَ جئت إلى بيروت المدينة الحزينة لعرض منحوتاتك؟ أجاب بعفوية تامة أنّ الوضع "في دمشق ليس بأفضل ممّا هو في بيروت"، مشدّداً على "أننا نتشارك الالآم بأشكال مختلفة".
 
 
 
شدّد على أن "المعرض رسالة للارتقاء فوق الآلام،" معبّراً عن "تمسّكه بالتعويل على ولادة طائر الفينيق من جديد، لا سيّما أن الأمكنة بحدودها الجغرافية لا تعني الدرويش لا من قريب ولا من بعيد".
 
بالنسبة إليه، "هذا المعرض فرصة للتأمّل والتواصل الروحيّ مع الطبيعة، المحيط، الفكر والذات"، ويشير إلى أنّ "الدرويش الذي يسكنه هو درويش من حبق، وهي رحلة وعي الروح. وحبق كلمة لها بعدها الصوفيّ لتجتمع كلمتان هما الحبّ والحق المضادتين للقبح، لأنّ لا شيء يحرّر الإنسان إلا الحب والحق...".
أعلن أنه "متمسّك بالدارويش طالما ما زال حياً"، معتبراً أن "رحلة إنسان عبر الفن يجب أن يصدر رسائل من خلالها ليعيش الحرية مع نفسه ويعزّزها مع الآخرين...".
 
 
ختاماً، أكّد على أنه "متمسّك بالصفاء الروحي في دفء هذا المشرق، الذي يجب أن ندافع عنه. فنحن نراهن على وعينا من تجارب تبدأ  في ابتسامة طفل وصولاً إلى مساعدة الناس...".
 
*يستمر المعرض حتى السبت في الـ22 منه، يومياً من العاشرة صباحاً إلى السادسة مساء.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم