الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

"القتيلة 232" لجمانة حدّاد عن انفجار 4 آب 2020: المأسوية الواقعية مرفوعةً باقتدار إلى مصاف الرواية

المصدر: "النهار"
Bookmark
"القتيلة 232".
"القتيلة 232".
A+ A-
هند الزيادي*        تقاطعت طريقي مع جمانة حدّاد وانا أبحث في موضوع "ألف ليلة وليلة"، منهمكةً في قراءة كتاب "العين والإبرة"، وهو دراسة جميلة جدا كتبها الأستاذ عبد الفتاح كيليطو في الموضوع. بمزيد الحفر عن مصادر جديدة ومراجع للمسألة، صادفني عنوان كتابها "هكذا قتلت شهرزاد". هزّني الفضول لأطلع عليه، ومنه وصلت إلى ديوانها الشعري "عودة ليليث"، ومنه الى كتابها الحواري العظيم "صحبة لصوص النار" وفيه تحاور كبار الكتّاب في العالم بلغاتهم المختلفة. حرّكت هذه الكاتبة فيّ شيئا خفيّا، بل وجدت نفسي أتقاطع معها في كثير من الآراء والأفكار والطباع فشعرت برابط خفي يشدني إليها، ثم فطنت أنها تكتب الرواية فقررت الاطلاع على تجربتها الروائية. وقد صادف ذلك صدور روايتها الأخيرة "القتيلة رقم 232" عن "دار هاشيت انطوان". اقتنيت الكتاب. ووصلني خلال 24 ساعة. والتهمته في 72 ساعة.الكتاب مربك للغاية، اهتمت فيه الروائية بحكايتها تمام اهتمامها بهندستها الخارجية، بالمهارة والعمق نفسيهما. الرواية هي الدقائق الستون الأخيرة في حياة بطلتيها هند/عباس وميشا. الرواية هي في الوقت نفسه الساعة الأخيرة قبيل انفجار مرفأ بيروت، موزعة على فصول بقدر عدد الدقائق، تداولا بين هند وميشا. تفتح الكاتبة كل فصل بتصدير لكاتب ما وتختمه بفقرة مكتوبة بخطّ غامق يتغير فيها السارد وتستعيد فيه الكاتبة صوتها العليم الأعلى ليخاطب الشخصيات مباشرة، كأنّها تتقصّد استشراف ما يمكن أن تكون قراءتها النقدية فتخلق نصّا آخر موازيا لنصها السّردي الأصلي فتساهم بذلك في مزيد من تشظّي نصها وانفجاره الدّلالي. هي هنا إذ تعطي الكاتب صوتا، تحاول أن تعيد إليه فاعليّته وتنصّب نفسها قارئة أولى لنصّها وعينا متلصصة عليه عليمة به تسمح لنفسها بأن تنقده وتتخاطب فيه مع شخصياتها. لم أعرف كيف أفسّر لجوءها إلى هذه التقنية الميتاسردية: يمكن أن تكون جمانة المناضلة النسوية التي آلت على نفسها أن ترفع صوتها دفاعا عن المرأة المنتهكة في المجتمع وعن الأقلّيات المختلفة. يمكن أن يكون ذلك اشتغالا منها على فكرة التشظّي التي مثلت الخيط الناظم الموحد لروايتها.الرواية تنقسم تقريبا إلى ستين فصلا تتداول عليها شخصيتان رئيستان، بعدد الدقائق في الساعة التي سبقت انفجار الميناء في بيروت، وبالتالي الساعة الأخيرة في حياة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم