الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

"كنز وطني رائع"... جان-بول بلموندو فقيد السينما الفرنسية

المصدر: "النهار" "أ ف ب"
الممثل الفرنسي الراحل جان-بول بلموندو (أ ف ب).
الممثل الفرنسي الراحل جان-بول بلموندو (أ ف ب).
A+ A-
فقدت السينما الفرنسية أحد أبرز أعلامها مع وفاة الممثل جان-بول بلموندو عن 88 عاماً أنهى بها مسيرة ناهزت نصف القرن وأثرى خلالها المكتبة السينمائية بعشرات الأدوار المتنوّعة في أفلام حُفرت في ذاكرة الملايين.
 
داخل منزله في باريس وافته المنيّة، على ما أعلنت عائلته في بيان أرسلته بواسطة محاميها لوكالة "فرانس برس"، مسدلاً الستار على الشاب الوسيم في "À Bout de Souffle" (منقطع الأنفاس)، وتاركاً وراءه مشاهده في فيلم "Le Guignolo" التي ظهر فيها معلّقاً بطوافة كانت تحلّق فوق أجواء مدينة البندقية الإيطالية.
 
وانطلق بلموندو صاحب الكاريزما العالية والابتسامة المشرقة، في مسيرته التمثيلية على خشبة المسرح، قبل أن تحمله عطاءاته على مرّ العقود إلى قمة شبّاك التذاكر الفرنسي، مع حصيلة تراكمية لأعماله بلغت 130 مليون مشاهد في صالات السينما.
 
وبعدما كان أحد أكثر النجوم شعبية من أبناء جيله، مع آلان دولون وبريجيت باردو، غاب جان-بول بلموندو بصورة شبه كاملة عن الشاشات إثر تعرّضه لجلطة دماغية أثناء تصويره أحد الأعمال سنة 2001.
 
 
"آخر الأبطال"
تطوي وفاة جان-بول بلموندو صفحة أساسية في تاريخ السينما الفرنسية، لينضمّ إلى كوكبة من زملاء المهنة الذين جمعته بهم صداقة منذ أيام الدراسة في معهد الكونسرفاتوار، من أمثال جان روشفور وجان بيار مارييل وبرونو كريمير وكلود ريش.
 
من جانبه، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر تويتر جان-بول بلموندو بأنه "كنز وطني" قائلاً إنّه "سيبقى إلى الأبد -"Le magnifique"- ("الرائع"، وهو اسم أحد أفلامه في السبعينات)".
 
 
شكّل جان-بول بلموندو مثالاً أعلى لممثّلين كثر، بينهم جان دو جاردان الذي كان يعتبره "أحد آخر أبطال" السينما الفرنسية. وهو لفت أنظار الملايين بأدائه التمثيلي، حتى أنّ أداءه في فيلم "L'Homme de Rio" (الرجل الذي من ريو) ألهم المخرج العالمي ستيفن سبيلبرغ في فيلمه "إنديانا جونز".
 
ولا تزال أعمال بلموندو تستقطب أعداداً كبيرة من المشاهدين الفرنسيين، على الشاشة الكبيرة أو التلفزيون أو أخيراً عبر "نتفليكس"، خصوصاً مشاركاته في أعمال بوليسية للمخرج جان لوك غودار.
 
وقد شكّل اللقاء مع السينمائي البارز للموجة الجديدة نقطة فاصلة في مسيرة الممثل. فقد قال غودار لبلموندو بعد مصادفة جمعتهما في الشارع" تعال إلى غرفتي في الفندق، سنصوّر معاً وسأعطيك 50 ألف فرنك". ووُلد عن اللقاء فيلم "À Bout de Souffle" عام 1960 حين لم يكن بلموندو قد بلغ الثلاثين من العمر.
 
وتواصل التعاون بين الرجلين في أعمال لاحقة بينها "Une femme est une femme" عام 1961 و"Pierrot le Fou" عام 1965.
 
 
منافسة ودّية مع دولون
راكم جان بلموندو بعدها النجاحات. ومن جان بيار ميلفيل (Léon Morin, Prêtre) إلى فرنسوا تروفو (La Sirène du Mississipi) مروراً بلوي مال (Le Voleur)، تنافس السينمائيون على التعاون مع الممثل الذي شكّل طويلاً المنافس الوحيد للنجم آلان دولون.
 
وقد علّق بلموندو في تصريحات سابقة على هذه الثنائية مع دولون، قائلاً: "أنا وهو كالنهار والليل"، واصفاً العلاقة بينهما بأنها "صداقة مخلصة" بعيداً من التنافس الذي كان سائداً بحسب آراء النقاد.
 
وإثر الإعلان عن وفاة بلموندو أعلن آلان دولون الذي شارك معه في أفلام عدة إنه "محطّم بالكامل" بعد علمه بالنبأ. وقال الممثل البالغ 85 عاماً عبر قناة "سي نيوز" الإخبارية: "أنا محطّم بالكامل. سأحاول الصمود كي لا أحذو حذوه بعد خمس ساعات… قد يكون من الجيّد لو نرحل كلينا معاً. هو كان جزءاً من حياتي، لقد انطلقنا سوياً قبل 60 عاماً".
 
واتّسمت أدوار بلموندو بصعوبتها على صعيد المتطلبات البدنية، فيما ساعده قوامه الرياضي الشبيه بأجسام الملاكمين في تحقيق نجاحات جماهيرية في أفلام مثل "L'Homme de Rio" لفيليب دو بروكا (4,8 ملايين مشاهد في السينما سنة 1964)، و"Le Professionel" (1981) لجورج لوتنر و"لاس ديزاس" (1982) لجيرار أوري (أكثر من خمسة ملايين مشاهد في الصالات).
 
 
قصص حب
وتقاسم بلموندو الحائز جائزة "سيزار" عن دوره في فيلم "إItinéraire d'un enfant gâté”، الشاشة مع بعض من أبرز الممثلات بينهن كاترين دونوف وكلوديا كاردينالي، كما ارتبط بقصص حب مع بعض منهنّ، من أمثال أورسولا أندريس ولورا أنتونيلي.
 
وتسببت الجلطة الدماغية التي تعرض لها عام 2001 بإعاقة كبيرة، ما تجلّى خصوصاً بتراجع قدراته على النطق. لكن رغم اختفائه شبه الكامل عن الشاشة الكبيرة، أطلّ بلموندو في مناسبات عدّة أقيمت تكريماً له، بينها حصوله على جائزة "سيزار" شرفية عام 2017. وقد قال أمام أقربائه وشخصيات من عالم السينما اجتمعوا للمناسبة: "عندما كنت أقصد المسرح في ريعان الشباب، كان الجميع يرى أنّ وجهي لا يسمح لي أن أكون ممثلاً، قالت لي أمي إنّ عليّ التحلّي بالشجاعة مثل والدي. ولم تكن الشجاعة تنقصني يوماً، لذا أنا هنا اليوم".
 
وقد عُرف الرجل بحبه للحياة، وله أربعة أبناء (بينهم ابنة متوفاة تدعى باتريسيا) من زواجين. ونقل حبّه للسينما إلى ابنه بول الذي خاض غمار المسرح والتلفزيون بموازاة مسيرته كسائق محترف، كما أن حفيده فيكتور كانت له بدايات واعدة في السينما.
 
كذلك وجّه المندوب العام لـ"مهرجان كانّ السينمائي" تييري فريمو عبر "تويتر" تحية إلى الممثل الراحل كاتباً "شكراً جان-بول". وأشاد بـ"سخائه كإنسان وممثل".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم