بوليس العميد
10-04-2024 | 00:40
المصدر: "النهار"
كان العميد ريمون إده سياسياً من النوع التقليدي الكلاسيكي، المتمسك بالدستور، والقوانين، والمواثيق، والمعاهدات، وخصوصاً بالأصول والأعراف، والمفاهيم المتفق عليها، غير أنه في بلد مثل لبنان، كان يبدو خارجاً عن المألوف، ومعارضاً مزمناً، ومنشقّاً عن التوافق العام. ذلك أن لبنان كان قد اعتاد على أن القاعدة هي الخروج على القواعد، وأن النموذج هو التجاهل والتجاوز لكل ما هو مقبول. ولمّا قبض العميد على مجرم شهير بعد ثورة 1958، رأى اللبنانيون في ذلك شجاعة ومغامرة وتهوراً غير مسبوق. فالمألوف هو تجاهل الجريمة وتركها للزمان يحلّها على كيفه، وكان جزءاً من البطولة، أو المباهاة، أن يقضي السجين ليله في ملهى، ويعود ليداوم في السجن خلال النهار.لم يكن ريمون إده عبقرياً خارقاً، ولا محامياً فوق العادة، ولا زعيماً جماهيرياً يحرك المنابر، وإنما كان تماماً مثل خصمه فؤاد شهاب، حارس "الكتاب"، أي الدستور والقانون وما يحصّنهما من مناعة شعبية. وفي حالات الالتباس أو الحيرة، كان أكثر تعلّقاً بالنص القانوني وتطبيقه. لا وساطة ولا تأويل ولا تفسير ولا استثناءات في النظرة إلى القانون. لهذا السبب بالذات كان عدوّاً للسياسيين وغير محبوب من الجماهير إلا من الناس المتنوّرين الذين يرون فيه وفي نموذجه، طريقاً الى الخلاص من النشاز والحفاظ على...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول