الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أيّها المتردّدون إيّاكم أنْ تتردّدوا

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
العرض المدني في عيد الاستقلال (أرشيفية).
العرض المدني في عيد الاستقلال (أرشيفية).
A+ A-
عشيّة الانتخابات النيابيّة، وقبل نحوٍ من خمسة عشر يومًا من موعد إجرائها القانوني (ودائمًا إذا جرت)، يهمّني أنْ أعبّر عن الآتي:

إنّي أحترم أصحاب الرأي والتفكير الحرّ والخيار الحرّ مطلقًا.
 
وإنّي أحترم أيضًا هؤلاء الذين يعتبرون القانون الحاليّ للانتخاب مسلخًا للديموقراطيّة.
 
وإنّي أحترم أيضًا وأيضًا هؤلاء الذين ينطلقون من هذا الوصف لقانون الانتخاب، للإعراب عن تشاؤمهم حيال أيِّ جهدٍ يُبذَل لإحداث خرقٍ تغييريٍّ في الخريطة الانتخابيّة، من شأنه قلب الطاولة على سلطة الفساد والنهب والمحاصصة والإرهاب والاحتلال.
 
وإنّي أحترم (بالثلاث) هؤلاء الذين ينظرون نظرةً نكراء مستهجنة إلى التشرذم في اللوائح التي تعارض مافيا الأمر الواقع.
 
ثمّ ماذا بعد؟
 
بالعربي الدارج، أطرح على هؤلاء المحترمين المذكورين أعلاه (وأنا منهم) السؤال الآتي: "وبعدين؟".
 

أعني: ماذا ستفعلون في 15 أيّار، أيّها المتردّدون؟
 
1- هل ستبقون في بيوتكم، وتمتنعون، للأسباب الموجبة، عن المشاركة في العمليّة الانتخابيّة؟ وإذا بقيتم في البيوت، وامتنعتم عن التصويت، هل تعرفون ما سيترتّب على هذا القرار من نتائج انتخابيّة وخيمة، ليس أقلّها التجديد للسلطة القائمة؟
 
2- هل ستذهبون إلى صناديق الاقتراع؟ وإذا قرّرتم الذهاب، هل تعرفون الجدوى الناجمة عن كلِّ خيارٍ تتّخذونه؟ لكي تعرفوا هذه الجدوى، ألا يقتضي ذلك منكم، الاطلاع الموضوعيّ وبدقّةٍ متناهية على المعطيات (بالأرقام والوقائع) التي تجعل خياركم مؤثّرًا وفاعلًا، بحيث يساهم في تغيير المعادلة السياسيّة القائمة، لصالح إلحاق الهزيمة بهذا العهد الجائر، وبالتحالفات (الجهنّميّة) المخزية التي عقدها، وأودت بالبلاد إلى ما آلت إليه من خرابٍ وانهيارٍ وموت؟
 
3- وإذا قرّرتم المشاركة في التصويت، هل تعلمون ماذا يعني أنْ تختاروا التصويت بورقة بيضاء؟ هل تعلمون أنّ التصويت بالورقة البيضاء يرفع الحاصل الانتخابيّ لقوى السلطة، للحكم القائم، ولعصابة الأمر الواقع؟
 
4- إنّي أخاطب المتردّدين، المحتارين، ماذا ستفعلون: هل ستبقون في بيوتكم؟ هل ستصوّتون بورقة بيضاء؟ هل ستصوّتون للوائح (ثانويّة – بل جاهلة – بل عمياء – بل طفيليّة – بل مدسوسة – بل مفخّخة - بل أنانيّة) لا حظّ لها من النجاح، إنّما يكمن دورها الموضوعيّ (السرّيّ والخطير) في تفويت الفرصة على قوى التغيير الحقيقيّة، وعلى اللوائح الاعتراضيّة – الأساسيّة – التي تملك حظوظًا موضوعيّةً لإحداث الاختراق المنشود؟
 
5- شغِّلوا عقولكم أيها المتردّدون المحتارون. تشغيل العقول يتطلّب الوعي لتحمّل المسؤوليّة عن كلّ خيار يُتَّخذ. ووعي المسؤوليّة يتطلّب المعرفة، معرفة المجدي والمفيد من اللّامجدي واللّامفيد، ومعرفة الوقائع والأرقام والمعطيات على الأرض، بحيث لا تذهب الأصوات إهدارًا وسدًى.
 

6- مسؤوليّتي ككاتبٍ ومواطن، تقتضي منّي الآتي:

لا أنْ "أوجّه" خياراتكم، بل أنْ أدعوكم إلى تشغيل العقل، الذي يوجب عليكم عدم البقاء في البيوت وعدم الامتناع عن التصويت، ويوجب عليكم في الوقت نفسه عدم اتّخاذ خيار الورقة البيضاء، لأيّ سببٍ كان.
 
ماذا بعد؟ في هذه الحال فقط، ألفت عقولكم والانتباه إلى لزوم تضييق مروحة الخيارات الاعتراضيّة والثوريّة والتغييريّة، وإلى لزوم اعتماد "التوليف" العقلانيّ (حيث تدعو الحاجة) الذي يؤدّي، معًا وفي آنٍ واحدٍ، إلى المساهمة في إنجاح أكبر عددٍ ممكنٍ من النوّاب الاعتراضيّين (لوائح الثورة، لوائح التغيير، اللوائح السياديّة... إلخ). وهذا يعود قراره إلى كلِّ واحدٍ منكم. وليس لي رأيٌ فيه، إلّا من حيث توجيه البوصلة إلى الفائدة المرجوّة من هذا الخيار أو ذاك.
 
أيّها المتردّدون، إيّاكم أنْ تتردّدوا.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم