السُرعةُ التي قَدّمَ فيها الرئيسُ المكلَّفُ ـــ وحسنًا فَعل ـــ إلى رئيسِ الجُمهوريّةِ تشكيلةَ حكومةِ تصريفِ الأعمالِ معدَّلةً قليلًا، قد تُنبئُ بتأخيٍر، لا بتسريعٍ، في تشكيلِ الحكومة، فقرّرَ وضعَ الكُرةِ في ملعبِ الرئيسِ عون من اللحظةِ الأولى. هذه الحكومةُ الحاليّةُ، أكانت قائمةً بكاملِ صلاحيّاتِها أم مستقيلةً تُصرِّفُ الأعمال، ليست جديرةً بالبقاءِ لمواكبةِ رحيلِ العهد، ولا مؤهَّلةً لتَحمُّلِ مسؤوليّةِ الشرعيّةِ في حاِل حَصَلَ شغورٌ رئاسيّ. الأمرُ لا يَتعلّقُ برئيسِها وبمستوى وزرائِها، وبينَهم من يَتَّسِمُ بالجِديّةِ والنشاطِ والأخلاق، إنّما بتركيبتِها السياسيّةِ الجانِـحةِ نحوَ محورِ الممانعةِ رغمَ اعتدالِ رئيسِها. لذا تحتاجُ البلادُ "حكومةَ احتياطٍ" جديدةً بوزرائِها وتوازناتِـها الوطنيّةِ وتداولِ حقائبِها، لا رَتْقَ هذه الحكومةِ وترميمَها. لسنا من مُستَخْدِمي الحكوماتِ المستعمَلة. لو لم نكُن في ظرفٍ انتقاليٍّ ومصيريٍّ في آنٍ معًا، لهانَتِ الأمور. لكنَّ كلَّ يومٍ يحمِلُ تطوراتٍ وأحداثًا تؤثّرُ على مصيرِ وِحدةِ لبنان. إذا كنّا عاجزين عن تأليفِ حكومةٍ جديدةٍ وعن تكوينِ أكثريّةٍ نيابيّةٍ ثابتةٍ، وعن انتخابِ رئيسِ جُمهوريّة، ماذا يبقى إِذَن من النظامِ الديمقراطيِّ ووِحدةِ الكيانِ اللبنانيّ وصيغةِ التعايشِ والدولةِ المركزيّة؟ "قِفا نبكِ من ذِكرى حبيبٍ ومنزِلِ". محاولةُ تعويمِ الحكومةِ المستقيلةِ دليلٌ جديدٌ نُعطيه لأنفسِنا وللعالمِ يُــثبِتُ أنَّ لبنانَ الحاليَّ تحوّلَ دولةً فاشِلة. نحن نعيشُ أزمةَ وجودٍ وشَراكةٍ أكثرَ من أزمةِ نظامٍ وإصلاحات. لقد تعاقبَ الشعبُ والمنظومةُ الحاكمةُ والقِوى...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول