الثلاثاء - 14 أيار 2024

إعلان

ثلاثيّة مشهديّة واقعيّة سورياليّة لأولاد حاراتنا اللبنانيّة

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
ثلاثية تشكيليّة لمنصور الهبر: في المصرف، في الـ"توك شو"، وفي العرزال.
ثلاثية تشكيليّة لمنصور الهبر: في المصرف، في الـ"توك شو"، وفي العرزال.
A+ A-
في المصرفدخل الرجل إلى المصرف لإجراء معاملةٍ روتينيّة، فاستقبله الموظّف من طرف عينه عابسًا متأفّفًا، وقال له من طرف شفتيه (أيضًا) وبآخر لسانه، من دون أنْ ينظر إليه: يجب أنْ تمهلني عشر دقائق، أمامكَ زبائن وصلوا قبلكَ، وأمامي معاملات... نظر الرجل حوله فلم يرَ زبونًا واحدًا، ثمّ التفتَ إلى الموظّف متعجّبًا، فعرف هذا الأخير من تلقائه أنّه أرتكب، وأنّ طبعه يظلّ يغلب التطبّع الذي تفرضه الأصول واللياقات والمعاملات مع الزبائن، وأنّه أجاب كمثل آلة تسجيل، من دون أنْ يفكّر.ثمّ كأنّ الموظّف أراد أنْ يتَدارَك غلطته، قال: أُنجِزُ هذه المعاملات، ثمّ أتفرّغ لكَ. الرجل (الزبون) مال فورًا على زميلٍ للموظّف العابس، يحاذيه ويكاد يلامسه، لينجز له هذا الأخير معاملته خفيفًا باشًّا مبتسمًا وبأسرع من لمح البصر، وهو يهزّ رأسه ويحرّك أصابع يده في الهواء، كأنّه يدعوه إلى تناسي ما حصل أنْ يحجم عن التعليق على تصرّف صاحبه. عندما ناداه الموظّف العابس (طبعًا لا تطبّعًا) داعيًا إيّاه إلى التقدّم، اقترب الرجل منه بودٍّ، ثمّ قال له هامسًا، مازجًا همسه بابتسامةٍ خفيفة، لكنْ بحزمٍ مقرونٍ بهدوءٍ مهذّبٍ على شيءٍ من لؤم: ألا تستطيع يا سيّدي أنْ تراعي أحوال الناس الكالحة المتجهّمة بدل أن تزيدها كلحًا وتجهّمًا باستقبالكَ الناشف الذي إذا دلّ على شيء فعلى أنّك ضيّق ذرعًا بوظيفتكَ ومعاييرها، فضلًا عن ضيق ذرعكَ بالناس؟ هل يتحمّل أولادكَ وزوجتكَ – مثلًا - أنْ تعاملهم بهذا الوجه الذي تخرج على الزبائن به، علمًا أنّ الزبون زبونٌ وليس ثمّة في المصرف "أهليّة بمحليّة" ولا ثمّة "خوش بوش" بينك وبينه لترخي جلافتكَ والفظاظة عليه، وأنّ من شروط الحدّ الأدنى للتعاطي مع الناس أنْ تُظهر شيئًا من حسن التصرّف والكياسة والرحابة؟ وأردف ناصحًا له، بعدما أعلمه بأنّه أنجز معاملته لدى...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم