الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قتلى البَرّ والبحر

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
لوحة لمنصور الهبر.
لوحة لمنصور الهبر.
A+ A-
هؤلاء الذين ركبوا زورق الموت، في طرابلس، كانوا على يقينٍ من أنّ البرّ (لبنان الرسميّ) قد لَفَظَهم (قَتَلَهم) إلى غير رجوع. وأنّ الأرض لم تعد أرضهم، ولا الأزقّة أزقّتهم، ولا بساتين الليمون بساتينهم، ولا السماء العارية سماءهم. كان البحر لهم مجرّد احتمالٍ ضعيفٍ، كمثل الضعف الذي كان يعتري ضوء حياتهم الشحيح. قالوا لأنفسهم ما دمنا عارفين أنّنا قتلى وضحايا وموتى هنا، فوق البرّ، فلِمَ لا نحاول، لِمَ لا نُراوِد البحر، لِمَ لا نسأل هذا البحر، الذي لم يبخل علينا يومًا بالسمك الغفير، والحلم الغفير، والهرب الغفير. هم ماتوا، هم قُتِلوا في البحر، لأنهم كانوا ماتوا قبْلًا، وكانوا قُتِلوا قبْلًا، ولم يعثروا في أرضهم، في بلادهم، في طرابلسهم والجوار، على مقبرةٍ يرقدون فيها آمنين مطمئنّين.كان ينبغي لهم أنْ يفعلوا أيّ شيء. أنْ يحاولوا أيّ شيء. سوى أنْ أنْ يمدّوا يد السؤال إلى حكّامهم، الذين لطالما استكثروا عليهم كرامةً تقيهم وجعَ المهانة، ورغيفًا يسدّ الرمق، ووظيفةً تكشح عنهم ذلَّ الحاجة، وضمانًا يطرد كوابيسهم، ويجعل ليلهم كما ينبغي لكلِّ ليلٍ أنْ يستضيء بنجومه، بقمره، وكما ينبغي لكلّ سماءٍ أنْ تتعمشق بربّها، ولكلِّ بلادٍ أنْ تحترم أهلها وعبادها. كان ينبغي لهم أنْ يفعلوا أيّ شيء،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم