الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

حكومة "لم سمعنا لم قشعنا"!

المصدر: "النهار"
راجح خوري
راجح خوري
الرئيس نجيب ميقاتي (نبيل إسماعيل).
الرئيس نجيب ميقاتي (نبيل إسماعيل).
A+ A-

كم مرة علينا أن نسمع الرئيس نجيب ميقاتي، يبلغنا أنه لا يملك عصا سحرية ولا يمكنه صنع المعجزات، رغم انه كان قد قال إنه يملك الضمانات الخارجية المطلوبة للخروج من الأزمة، وأنه "لو لم يكن هناك لديّ ضمانات وتطمينات خارجية محددة لما أقدمت على خطوتي وأنا مطمئن"؟

 

الآن ذهبت "سكرة التشكيل" وبدأت فكرة المسؤولية الثقيلة والمُرة، إذ بعدما رحبت دول العالم بقيام حكومة اخيراً في لبنان، ربطت أي مساعدة يمكن ان تقدمها لهذا البلد المنكوب بالعوز والجوع والعطش والمرض والموت، بأن تبدأ الحكومة برنامجاً إصلاحياً حقيقياً، يكنس الوسخ السياسي، ويلقي العصابة الفاسدة المؤلفة من شركات السرقة التي يديرها السياسيون والمسؤولون والتجار والمستوردون في السجون، فماذا سيكون في استطاعة هذه الحكومة، التي استغنت عن صفة "العزم" خشية ألّا تستطيع ان تكون عازمة في شيء، وذهبت إلى التعميم عندما اختارت إسم "معاً للإنقاذ"، وكلمة "معاً" قد تشمل غداً بعد الفشل الذريع، الناس قبل الوزراء والسياسيين.

 

وللتذكير أوَلم يدعو فخامة الرئيس ميشال عون المواطنين إلى مساعدة الدولة، التي  يطالبونها بمساعدتهم، ثم أوَلم نسمع من قبل شعار: "ما خلّونا"، الذي قد تصل اليه حكومة الضمانات والتطمينات المحددة، التي جعلت ميقاتي يقدم على هذه المغامرة، وهي وفقاً لوعود عون وميقاتي وبعض وزرائها، تعني محاولة انتشال بلد محروق من الجحيم إلى النعيم في ثمانية اشهر، وهي مدة قد لا تكفي ليعرف الوزراء ماذا يدور في كهوف وزاراتهم، وأي شياطين فساد تنام في الملفات على مكاتبهم وسيوقّعونها، ولا وقت للقراءة، او بالأحرى لا جرأة للإعتراض، ففي كل وزارة وكيل عن الزعيم الذي تكون هذه الحقيبة من حصته، فهل نسيتم قواعد المحاصصة؟

 

عندما كانت حكومة "معاً للإنقاذ" تقر بيانها الوزاري من غير شر، وتتحدث عن الإصلاح، لم يكن أيّ من أعضائها يتذكر مثلاً ما يردده المجتمع الدولي والدول المانحة، من انها لن تدفع قرشاً خارج إطار المساعدات الإنسانية، إلا من خلال المفاوضات مع صندوق النقد، وهذا مسار يتطلب دراسات ومباحثات تستغرق وقتاً واللبنانيون يترمّدون في جهنم، وقد تنتهي مهلة الأشهر الثمانية قبل التوصل إلى آلية تنظم هذه المساعدات.

 

هل تملك حكومة آخر "العهد القوي جداً" أي فكرة عن شروط وملفات صندوق النقد، ومنها مثلاً الخصخصة، فهل يوافق "حزب الله" وغيره على الخصخصة، ومعها تنظيم قطاع الكهرباء والتنظيم سيكشف بالضرورة عورات وفضائح خسارة الـ 43 مليار دولار على الكهرباء، وسيطالب بمكافحة الفساد واستقلال القضاء، فماذا في وسع حكومة "العزم سابقاً" ان تفعل لتكافح العصابة السياسية، التي هي الفساد كما يقول عون والأسوأ انها هي الدولة، هل سيدمر ميقاتي وحكومته العظيمة الدولة الفاسدة، ويقيم القضاء المستقلّ؟

 

وسيطلب صندوق النقد من الحكومة وقف التهريب ومحاربة الإحتكار، فماذا في وسع حكومة ميقاتي ان تفعل، وهي التي بينما كانت تقرّ بيانها الوزاري، كانت أصوات قذائف الـ "آر بي جي" والرشاشات تصل من بعلبك إلى بعبدا، احتفالاً بوصول المازوت الإيراني الذي استجلبته دولة "حزب الله"، من فوق رأس دولة عون، ولكن الحكومة لم تعلّق بكلمة لأنها ستكون دائماً حكومة "لم سمعنا لم قشعنا"!

 

والسؤال تكراراً إلى دولة الرئيس ميقاتي: كيف اخترت راضياً، وهل كان من الضروري أن تكون شريك تفليسة العهد، لا بل المتهم غداً بأنك انت الذي افلست العهد في آخر حكوماته؟

 

[email protected]      

twitter@khouryrajeh            

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم