تربية مدنية
06-04-2022 | 00:40
المصدر: "النهار"
"الخطأ ليس عند الغوغاء التي تطالب بالهراء، بل عند أولئك الذين لا يعرفون كيف يقدّمون أي شيء آخر"- دون كيشوتفي مقالته الاسبوعية الأحد الماضي، يبحث القانوني العريق، عبد الحميد الأحدب، عن ديغول لبناني ينتشل البلد من النزع الأخير. وليست هي المرة الأولى التي يذكّرنا فيها الرجل بالحاجة الى عملاق قادر على فعل إنقاذ من رجل غير مرتهن لأحد إلا لشعبه وبلده، وغير مدين لأحد إلا لصلابته الوطنية ونقائه الوجداني.يعرف الأحدب اكثر منا جميعاً استحالة العثور على شخصية في هذا المستوى من النصاعة والفكر والثقافة التاريخية، في مثل هذا الزمن الأشد رداءة وعقماً. لكن الدعوة تؤكد نظرية قديمة أنا من المؤمنين بها، وهي ان التاريخ، بصفحتَيْه، الحسنة والشرّيرة، هو صناعة الفرد. الجماهير في كل مكان وزمان، ليست سوى تظاهرات تخرج الى الشارع وتعود الى البيت. وهذه قد يتسنى لها رجل مثل ديغول، أو رجل مثل زمور. وفي الحالتين هي فرنسا وهم الفرنسيون. وقد مرّ بفرنسا – وبالعالم – ديغول واحد كما مرّ بها أسراب من غي موليه، والمارشال بيتان، وصنوف من تفهاء السياسة ومطأطئي الضمير وسفهاء القوم. يبرز هنا مثال اكثر قرباً منا في الجغرافيا وفي التاريخ، ولو مع اعتراض البعض عليه. فالقضية الفلسطينية المكافحة منذ العام 1948، والمناضلة منذ بدايات القرن الماضي، لم تحقق شبراً في العودة أو فتراً في الوجود السياسي، إلا مع رجل واحد هو ياسر عرفات. وعندما غاب في تلك الظروف الدرامية المشابهة لكل حياته، غاب معه وهج القضية برمّتها، وتحولت الى مجموعة خطب يُلقيها اسماعيل هنيّة في عين الحلوة أو في غزة. قبل عرفات ظلّت القضية مجموعة عواطف صادقة وعجز كبير، ثم جاء هو يعلو ويهبط، يُخطىء ويُصحّح، يندفع ويتراجع، يُقحم العالم العربي وغير العربي في مسيرته، يُصارح ويُهادن ويحارب ويرفع شارة النصر وهو في ذروة الانهزام، لكن من دون كل ذلك المهرجان لما كان هناك اليوم سوى "حماس" وقطر وبركة ايران في الطريق الى القدس. تدور اليوم حرب طاحنة بين رجلين وليس بين بلدين أو دولتين: فلاديمير بوتين وفولودومير زيلينسكي. وقد اجتمعت أمة الروس خلف رجل يُطلق رشاشه في وجه العالم، وتجمّع الأوكرانيون...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول