Edson Arantes do Nascimento
06-01-2023 | 00:00
المصدر: "النهار"
كانت لذّتي العميقة أن أرى إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو المعروف بـ بيليه في الملعب. ويلعب. كان يكفيني أنْ أراه. وكم كان يكفيني أنْ يكون حظوتي، وأنْ يكون لي، لعينيَّ، لقلبي، وأنْ يسرق قلبي، ونظراتي، ومشاعري، وانفعالاتي، وأحلامي، وأنْ يتلاعب بها، ويستبدّ، حين كان يأخذها كرًّا وفرًّا، يمنةً ويسرةً، إحجامًا وإقدامًا. أو حين كان يقف متربّصًا، موحيًا – والله أعلم - أنّه يهمّ أو يخطّط أو يستريح أو يتكاسل. كان إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو المعروف بـ بيليه فائقًا كسحر. فائقًا كسحرٍ يسحر، وكسحرٍ يخلب، ويذهل، ويتفوّق، ويربح الملعب، والطابة، والمرمى، والشباك، وسائر المواطنين والرعاة والرعيان. آمين.ليس صحيحًا أنّي لم أكن أرى فيه إلّا قدمَيه؛ أي وهمَ قدمَيه، أعني. لكنّ قدمَيه كانتا في الغالب تضيّعانني، وكانتا تضيعان منّي، فلا أعرف أين تذهبان ولا أين تستقرّان. وأُخطئ خطأً جسيمًا إذا ظللتُ أتحدّث عن قدميه. ففي الغالب الأعمّ، كنت أروح أدوخ معه، بل أسكر بل أنتشي، فلا أعود قادرًا على ملاحقة قدمَيه هاتين، ولا حركاته تلك، ولا رقصاته، ولا قفزاته، ولا تمايلاته، ولا انحناءاته، ولا تأوّهات عضلاته، ولا رفرفات روحه في الملعب، ولا تموّجات مناوراته، ولا مرونات ساقَيه، ولا لهاثات وجهه، ولا دموع عَرَقه المترقرقة من جلدة رأسه من بشرة وجهه السمراء من مآقيه، وتترقرق على ذقنه على عنقه على صدره، وتحت إبطيه، وعلى أسفل ظهره. ولا أعود قادرًا على ملاحقة ما يمكن أنْ أُطلِقُ عليه تسمية "الأكاذيب البيضاء"، وهي الحركات والموسيقات والإيقاعات والمراوغات الطربيّة اللّامتوقّعة، لاتّصالها العضويّ بوشائج من تملّصاته البدنيّة، ومروناته الجمّة، وطواعيّات إرهافاته، وتسرّباته، وتسريباته، وتسلّلاته غير الخاضعة لصفّارةٍ وعقوبة.وكنتُ مشغوفًا بعينيه. مشغولًا ومنشغلًا بهما. فقد كانتا تقودانني كمثل بوصلةٍ في المتاهة....

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول