كان الرئيس جمال عبدالناصر، رحمه الله، يسحر الجماهير بخطبه، وكان يعرف ان امامه وامام الناس مرحلة شاقة، ولذا يملأ خطابه عرضاً للقوة وعرضاً للسخرية من خصومه، وعرضاً للأحلام التي سوف تنقل المصريين من الفقر والمغلوبية الى الحلم الاشتراكي. وكان العنصر الأهم في خطبه هو "الحضور"، أي الإلقاء ومباسطة الجماهير ورشّ النكات والضحكات على الطريقة المصرية.ولم تعد الجماهير المسحورة تهتم بما سيقول أو يعلن بقدر ما كيف سيبلِّغها مشاريعه. كانت تلك مرحلة الكاريزما في العالم الثالث، والكاريزما اولاً. ولذلك كانت الخطب تطول، وكلما طال الخطاب زادت أهميته. وقد القى فيديل كاسترو ذات مرة خطاباً استمر ست ساعات دفن خلاله الرأسمالية الحمقاء والامبريالية، وعندما تقاعد بعد عقود من الخطب، كان الاتحاد السوفياتي قد انهار، وفلوريدا لا تزال تزدهر قبالة الشاطىء الكوبي.وأشهر خطباء المرحلة كان نيكيتا خروشوف الذي خلع حذاءه في جلسة الجمعية العمومية وضرب به المنضدة امامه وامام عالم مذهول. وحتى ديغول، بكل هالته، استخدم الخطابة في حروبه السياسية وخصوصاً حربه مع مجانين فرنسيي الجزائر وبقايا التيوس الاستعمارية. ذكّرنا النائب جبران باسيل بكل هذه اللحظات التاريخية في خطابه الأخير، ولو من دون جماهير أو كاريزما. وذكّرنا بواقع لبنان وحقائقه وقواه،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول