الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

ما هي الرواية التي تنبأت بالمستقبل بشكل مخيف؟

جاد محيدلي
ما هي الرواية التي تنبأت بالمستقبل بشكل مخيف؟
ما هي الرواية التي تنبأت بالمستقبل بشكل مخيف؟
A+ A-

الكثير من الروايات والقصص حققت نجاحات كبيرة عبر التاريخ، إلا أن تصورات الروائي جون كيليان هوستون برانر تميزت بدقة عالية، وهو ولد عام 1934 في مقاطعة أوكسفوردشير، وبدأ اهتمامه بالخيال العلمي في سن السادسة. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى انتقلت عائلته إلى هيرتفوردشير، حيث اعتزم أبوه تخصيص ريع مزرعة يمتلكها لدعم جهود الحرب.  وفي سن التاسعة، بدأ في كتابة قصص الخيال العلمي، ولم يكن قد تجاوز 17 عاماً عندما نشرت له قصة قصيرة بعنوان "المراقبون"، ونجح في بيع أول قصة لمجلة أميركية قبل أن يبلغ 18 عاماً، وحينها ترك الدراسة في مدرسته الخاصة ورفض منحة دراسية من جامعة أوكسفورد ليتفرغ للكتابة، لكنه فشل في تحقيق النجاح لا بل فشل فشلاً ذريعاً. وكان يكتب بأسماء مستعارة، حتى يتمكن من المشاركة في الكثير من القصص لمجلة الخيال العلمي "ساينس فانتاسي". ونشرت له أكثر من 80 رواية وقصة قصيرة. 

وصف جون ببراعة في روايته "استمع! إنها النجوم"، في عام 1962 جهازاً محمولاً، يشبه الأجهزة الإلكترونية في الوقت الحالي، وتؤدي كثرة استخدامه إلى الإدمان. وفي عام 1972، نشر برانر واحدة من أكثر رواياته تشاؤماً "الغنم تتطلع إلى أعلى"، التي تنبأ فيها بوقوع كارثة بيئية ووصول نسب التلوث في العالم إلى مستويات بالغة الخطورة. وفي روايته "راكب موجات الصدمة"، في عام 1975، وصف برانر قرصان الكمبيوتر، الذي لم يكن معروفاً آنذاك، وتصور ظهور فيروسات الكمبيوتر، في الوقت الذي استبعد علماء الكمبيوتر ظهورها تماماً، وصاغ مصطلح "دودة" لوصف الفيروسات. أما روايته "الوقوف في زنجبار" التي نُشرت عام 1968، فكتب فيها وصفاً دقيقاً للحياة في عام 2010. وعندما قرأ الناس ما كتبه سخروا منه واعتبروا ذلك مستحيلاً. وتنبأ الكتاب بظهور أجهزة إلكترونية يمكن ارتداؤها، والفياغرا، والمحادثات المرئية، وزواج المثليين، وتقنين القنب (الحشيش)، وحتى انتشار حوادث إطلاق النار الجماعي. كما ذكر برانر أن عدد سكان العالم في عام 2010 سيفوق سبعة مليارات نسمة - وهذا ما حدث بالفعل لكن في عام 2011، وواجهت الحكومات، في الرواية، الانفجار السكاني بقوانين عالمية شديدة الصرامة لتحسين النسل، وتطويع الجينات لتحديد الأشخاص الذين يحق لهم الإنجاب دون غيرهم.

وفي الوقت نفسه كتب جون أيضاً بأنه سيستشري التطرف، وتنتشر حوادث القتل الجماعي، وتسود العصبية الحزبية، وينتهج الكثير من المتطرفين العنف دفاعاً عن عقائدهم الدينية. ويمسك بمقاليد الأمور في هذا العصر أول كمبيوتر يصنف بأنه "أكبر دماغ اصطناعي"، وستظهر شبكة اجتماعية تتيح للمؤسسات الإعلامية نشر آخر الأخبار وتلقّي تعليقات من الأعضاء بشكل فوري.  وانقسمت آراء النقاد بشأن الرواية عند نشرها، إذ ذكر البعض أن رواية زنجبار هي جزء من موجة جديدة في الخيال العلمي، يطغى فيها الأسلوب على المحتوى. وعندما نشر مقتطف منها في مجلة "نيو ويرلدز" في تشرين الثاني 1967، علق رئيس التحرير بأنها أول رواية تصف بأدق التفاصيل "مجتمع محتمل في المستقبل". المجتمع الذي تصوره برانر في رواية زنجبار، يشبه من عدة نواح مجتمعنا الحالي. إذ تخيل برانر قيام مؤسسة قريبة من الاتحاد الأوروبي، وتوقع أن تكون الصين هي المنافس الأكبر للولايات المتحدة، وتنبأ بوجود هواتف تتصل بموسوعة، على شاكلة ويكيبيديا، وبوجود طابعات ليزر، وبأن مدينة ديترويت ستتدهور وتصبح مدينة مهجورة وحاضنة لنوع جديد من الموسيقى التي تشبه بشكل عجيب الموسيقى الإلكترونية التي انتشرت في ديترويت في التسعينيات من القرن الماضي. وبحسب المؤرخين لم تأت دقة تنبؤات برانر في رواية زنجبار من فراغ، بل توصل إليها عبر المشاهدة والإنصات والقراءة، وفوق ذلك خياله. ولولا انشغال برانر التام بالقضايا المعاصرة واهتمامه بمتابعتها، لما استطاع أن يستشرف المستقبل بهذا الوضوح المذهل، وتحويل كتابه إلى آلة زمان يتنقل بها من عصر إلى آخر. يشار إلى أنه توفي عام 1995، أثناء حضور مؤتمر للخيال العلمي.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم