الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

قتال "حزب الله" في سوريا:هل يملك الحزب توكيلاً مفتوحاً من الطائفة الشيعية؟

علي منتش
A+ A-

تستمر مشاركة "حزب الله" في المعارك الدائرة على الاراضي السورية في اثارة اسئلة كثيرة، لعل اكثرها تعقيداً موقع البيئة الشيعية التي ينتمي اليها مقاتلو الحزب في هذه المعركة.


لا مشكلة ظاهرة بين الحزب وبيئته الحاضنة بعد المعارك السورية، استنتاج قد يمكن استخلاصه بسهولة من مشاهد تشييع قتلى الحزب الحاشدة جداً، ومن براعة الحزب في الترويج لقتاله على الاراضي السورية، على انه محدود، ومن ثمّ على انه حرب وقائية لحماية لبنان من الارهاب المتمركز على الحدود.
لكن هل ينطوي مشهد التأييد العام على نقاش داخلي غير معلن في الطائفة الشيعية وان كان بين النخب حول المشاركة في الصراع السوري وشكلها وتأييدها او رفضها؟ وهل وافق افراد الطائفة على مشاركة الحزب المفتوحة في هذه الحرب وهل يؤثر عدد الضحايا المرتفع من الشبان الذين يسقطون يومياً على رأيهم؟
في الآتي، نعرض لعدد من آراء شخصيات متابعة للشأن الشيعي في شكل خاص او عام.


"الكل تحت النار"


يرى استاذ العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية احمد بعلبكي ان في الطائفة الشيعية هناك واقعان مختلفان "الاول هو الواقع السلطوي الذي يمثله التحالف الشيعي، اما الواقع الثاني فهو منكفئ، معترض، او ربما محبط، لكن احتكار التمثيل الشيعي مرسّخ، ومحافظ عليه، ليس فقط من داخل الطائفة بل ايضا من الزعامات الطائفية الاخرى".
ويشير بعلبكي في حديث لـ"النهار" الى ان "القسم السلطوي اصبح مقتنعاً ان نظرته الى الشيعة كطائفة متخطية للحدود، وتاليا يرى هذا القسم ان القسم الآخر المعارض مجرد تفصيل في الواقع السياسي الداخلي لانه غير مؤثر في الواقع الاقليمي".
ويرى بعلبكي ان التداعيات على الطائفة الشيعية من تدخل الحزب في سوريا هي "كبيرة جداً، ولن تفرّق بين القسم السلطوي وبين القسم الآخر العلماني او المعارض، الكل سيكون تحت النار، والتداعيات ستطال ايضاً الواقع اللبناني في شكل عام".
ويشير الى وجود ريع الانتماء الطائفي وهو امر ازداد "بعد المعركة في سوريا و سيزيد حتما في تغريب الطوائف احدها عن الآخر، بل سيجعلها تخاف وتنفر من بعضها، ويخفف من الاختلاط السكاني".
ويستبعد بعلبكي ان يحدث حوار داخل الطائفة الشيعية "لان الفريق السلطوي لا يناقش، وخاصة ان الفريق الآخر في الطائفة الشيعية لم يستطع بناء كيان معارض واقتصر بالزمر المعارضة النخبوية والثقافية التي لا يمكن ان تشكل كيانا مهددا للكيان الموجود، اذ اصبحت الثقافة بمعناها النقدي واللاايماني (هذا لا يعني انهم ليس لديهم اخلاقيات وروحانيات مختلفة عن اخلاقيات السلطة المحتكرة) منقطعة عن السياسة، لكنه يعتبر ان رغم هيمنة الوعي السلطوي الوظيفي الاندماجي على الفرد، الا ان هذا الوعي يخفي وعيا تأمليا لا يعلن عنه لاسباب كثيرة اهمها القمع".


نقاش علني


الصحافي قاسم قصير يرى ان "الشخصيات الشيعية التي اعترضت على مشاركة "حزب الله" في الحرب السورية كانت واضحة منذ اليوم الاول للمشاركة، وهي شخصيات لا تملك اي تأثير فعلي على البيئة الشيعية التي باتت اليوم اكثر اقتناعاً بمشاركة الحزب في سوريا لان افرادها يرون افعال الجماعات المتطرفة، ويعتبرون ان التدخل كان ضروريا نظراً لخطورة سيطرة الجماعات المتطرفة على سوريا، وشخصياً، كنت في البداية من المتحفظين على تدخل الحزب في الصراع الدائر في سوريا لكن اليوم اصبحت مؤيّداً بقوة، لانه لو لم يدخل "حزب الله" في المعركة، لكان لبنان اصبح مثل العراق، وكانت العمليات الانتحارية والتفجيرات فيه لا تحصى".
ولا يعتبر قصير ان هناك نقاشاً داخلياً في الطائفة الشيعية، فـ"النقاش علني، لكن مع الاشارة الى ان الاصوات التي كانت معترضة خفتت وتراجعت، او لم يعد لها صدى رغم ازدياد عدد شهداء الحزب الذين يسقطون في سوريا".
ويؤكد قصير انه "وبعد نحو عام ونصف من مشاركة الحزب في المعركة، من المستبعد ان ينسحب من سوريا الا بعد حصول حلّ شامل لاوضاع هذا البلد".
ولا يربط قصير عدم اعلان الحزب عن عدد قتلاه في سوريا باي ارتباك او تستّر، فـ "رغم القدسية الكبيرة لحرب حزب الله مع اسرائيل الا انه لم يعلن عن عدد شهدائه في حرب تموز، وهكذا يفعل اليوم، هو ينعيهم، ويشيعهم ويعلن عنهم، لكنه لا يعطي عددا محددا، والحروب لا تقاس بعدد الضحايا من العسكرين، بل بالنتائج المحققة جراءها".


نزاع العائلات والعشائر


يوافق رئيس جمعية "امم" لقمان سليم ان جزءاً لا بأس فيه من البيئة الشيعية اعطت الغطاء الى حدّ ما لحرب "حزب الله" في سوريا، لكنه يربطه بـ"الخوف الذي صنعه حزب الله من التكفيريين، ومن السلفي الآتي الى لبنان من سوريا والذي يجب ايقافه، لكن هناك شرائح اخرى داخل الطائفة ترفض هذه المشاركة وتعتبر انها تستدرج العنف الى بيئة الحياة الوطنية في لبنان".
ويشدد سليم على وجود عدد لا يحصى من التبعات السلبية الناتجة عن مشاركة الحزب في معارك سوريا، "من ابرزها المشاكل الاجتماعية التي لا يعبّر عنها على الشاشات، فالموت في سوريا لا يشبه الموت في الحرب ضد اسرائيل، وها نحن نرى ان حزب الله يخلي الساحة الشيعية للعائلات والعشائر ونزاعاتها الداخلية حيث يلاحظ ازدياد المشاكل في هذا السياق ".
وهناك وفق سليم تبعات خطيرة على الطائفة الشيعية، كـ"مستقبل عمل ابناء الطائفة في الخليج واثر العدّاوات بين السنة والشيعة التي لا تمحى".
وبعيداً عن كل الشائعات التي تتحدث عن دفن عدد كبير من قتلى الحزب في منطقة السيدة زينب في سوريا، وعن اجبار الحزب عناصره ذكر رغبتهم ان يدفنوا في العراق وفق سليم، "بعيداً عن كل ذلك فان الحزب يعرف جيداً كيفية تقنين قتلاه، وكيف يخدّر المجتمع عن طريق الدولارات التي يدفعها، والكره الذي ينميه ضدّ التكفيري وفق مفهومه".


التخويف 



من جهتها تؤكد استاذة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية منى فياض في حديث لـ"النهار" ان "الحزب نجح في تخويف الشيعة، لانهم في الحقيقة يخجلون من الدفاع عن الرئيس السوري بشار الاسد، لذلك سعى الى ذرائع متعددة بدأت من الدفاع عن اللبنانيين المقيمين في الاراضي السورية ومن ثم الدفاع عن المقدسات، وعاد ليقول انه يقوم بحرب استباقية، وفي النهاية اصبح يدعي انه يقاتل هؤلاء الذين سيصلون الى لبنان اذا سيطروا في سوريا".
وترى فياض ان "البيئة الشيعية اصبحت خائفة ولديها شعور عدائي ولذلك هم يشعرون ان لا حلّ لديهم سوى ان يقاتل حزب الله في سوريا لانه بذلك يدافع عنهم، لكنهم في الواقع ليسوا مرتاحين او فرحين لمشاركته في الحرب".
وتلاحظ فياض انها تحصل على موقعها الخاص على الفيسبوك، "على عدد من الاعجابات من قبل بعض الاشخاص القريبين من حزب الله على بعض ما اكتبه من انتقادات ضد هذا الحزب، وهذا ما اعتبره تغييراً ولو محدوداً في هذه البيئة".
وتكمل فياض حديثها عن التبعات التي ستنتج عن تدخل الحزب في معركة ضد الشعب السوري على الطائفة الشيعية "سينظر من خلالها الشعب العربي الى الشيعة على انهم عملاء لايران، ويقفون ضد العرب والعروبة من اجل دعم مصلحة الفرس، فتدخل السعودية في شأن ما ليس كتدخل ايران، لان السعودية دولة عربية. هذا اضافة الى تزايد نسبة التفجيرات التي ستستهدف مناطق الشيعة، لانه ببساطة عندما تكون في مواجهة ناس تهان كرامتهم يوميا، فمن الطبيعي ان يكونوا مستعدين لتفجير انفسهم يمن يستخف بهم".
وتستبعد فياض ان يتغيَّر شيء في البيئة الشيعية "سيظل الشيعة مخوَفين، وحزب الله سيبقى مشاركا بالحرب السورية الا اذا جاء امر ايراني بالانسحاب، وهذا سيكون عند التسوية الاقليمية".


تفجيرات لبنان



استاذ العلوم السياسية غسان العزّي يلاحظ في حديث لـ"النهار" ان "الواقع اللبناني والانقسام الطائفي الموجود يجعلان من زعماء الطوائف دون استثناء قادرين على التصرف بسياسات لا تحظى بموافقة البيئات التي ينتمون اليها لكنهم في النهاية يحصلون على موافقة غالبية البيئة الحاضنة لهم، وذلك بسبب الانقسام والفرز الكبير الحاصل".
ويعتقد العزّي انه "لو حصل احصاء قبل مشاركة الحزب في الحرب السورية داخل الطائفة الشيعية لكان الجواب بعدم الموافقة على المشاركة لكن اليوم اصبح القتال في سوريا من وجهة نظر غالبية الشيعة ضرورة لانه دفاع عن النفس".
لا يجد العزّي اي تداعيات داخل الطائفة الشيعية لمشاركة الحزب "فمعركة القصير حصلت، ووصلت فيها مشاركة الحزب الى ذروتها، ولم يحصل اي ردة فعل معارضة داخل الطائفة الشيعية بالمعنى الفعلي، لكن طبعا هناك تداعيات على الطائفة من خلال التفجيرات التي لا يمكن ان نراها سوى ردّ على تدخل الحزب، لكن هل كانت لتحصل لو لم يتدخل؟ بإعتقادي لا".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم