الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بعد عقود من التوتر... أزمة حلايب وشلاتين اقتربت من الحل؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسر خليل
بعد عقود من التوتر...  أزمة حلايب وشلاتين اقتربت من الحل؟
بعد عقود من التوتر... أزمة حلايب وشلاتين اقتربت من الحل؟
A+ A-

وعلى الجانب المصري الرسمي، تفرض حالة تعتيم على الملف، ومن غير الواضح ما أمكن التوصل إليه بشأن حل هذه الأزمة التي بلغت ذروتها بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في العام 1995، ومنذ ذلك الحين وقضية حلايب وشلاتين، تشتعل وتهدأ من وقت إلى آخر.

حلان أساسيان

يرى الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية أن تصريحات وزير الإعلام السوداني كانت "غامضة، وليس فيها أية إشارة إلى طبيعة المنهج المتبع في حل الأزمة، ولم يتضح إن كان هناك تفاوض، أم أن الأزمة ستجمد".

ويقول الخبير البارز لـ"النهار": "إن الحلول المطروحة لن تخرج عن خيارين، إما التفاوض المباشر بين البلدين، أو اللجوء للتحكيم الدولي. وأتصور أن تصريحات وزير الإعلام السوداني كانت موجهة بشكل أساسي إلى الداخل السوداني، فخلال الفترة الأخيرة كان هناك هجوم حاد من السودانيين على مصر، وتم تصويرها على أنها خصم للسودان، واتخذت الكثير من المواقف السلبية في الإعلام والسوشيال ميديا والتصريحات الرسمية ضد القاهرة".

ويشير رسلان إلى أن "الأمر قد وصل إلى اتهام مصر بالتآمر على السودان، والتدخل في دارفور، وأنها تعد للهجوم على السودان من الشرق، وأنها تتلاعب بجنوب السودان، واتهامات أخرى من هذا القبيل. الآن بعدما طويت هذه الصفحة وفتحت صفحة جديدة، كان لابد للخرطوم أن تبرر لمواطنيها ما يحدث، خاصة وأن حلايب وشلاتين كانت ضمن القضايا الساخنة المطروحة، وكان ينظر إليها على أنها اعتداء على الكرامة السودانية، وأنه تحقير من شأن السودان أن ترفض القاهرة التحكيم والتفاوض".

ويؤكد أن "موضوع حلايب وشلاتين مرحلي، يستخدمه النظام السوداني برئاسة البشير، كورقة سياسية. فحين تكون هناك مصلحة مع مصر، يختفي ملف حلايب وشلاتين، ويبدأ الحديث عن العلاقات الأزلية، وحين تحدث أزمة أو يظهر حلفاء آخرون للخرطوم، يبدأ الهجوم على القاهرة. الأرض ليست هي المشكلة بالنسبة لنظام البشير، فقد فرطوا من قبل في ثلث السودان، رغم سقوط مئات الآلاف من القتلى والمصابين في صراعات بجنوب السودان ودارفور وكردفان والنيل الأزرق، والسودان يكاد يتفكك، وحلايب شلاتين تستخدم وكأنها (قميص عثمان)".

قضية رئاسية

أما بهاء الدين عياد الباحث في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي فيقول لـ"النهار": "منذ رفع مستوى اللجنة العليا المشتركة بين البلدين إلى المستوى الرئاسي، وعقدها لقمتين في القاهرة والخرطوم، تم الاتفاق على حصر تناول قضية حلايب وشلاتين على الرئيسين السوداني والمصري، وعليه فإن أغلب المسؤولين السودانيين أصبحوا يرددون نفس تصريح وزير الإعلام السوداني".

ويرى عياد أن تصريح الوزير السوداني "يشير إلى رغبة الخرطوم في تغييب هذه القضية عن التناول الإعلامي، ومن ثم تجنب إثارتها كونها أبرز النقاط الخلافية وأكثرها جدلية، لارتباطها الوثيق بمسألة التراب الوطني، ورغبة الجانب السوداني المتكررة في استغلالها سياسيا عبر المطالبة بها وتأكيد (سودانيتها) في أحاديث المسؤولين بالخرطوم، كنوع من الضغط على مصر في أوقات التوتر، فضلا عن استخدامها لمخاطبة الداخل السوداني كورقة لفت أنظار أو تحويل انتباه الرأي العام إلى هذه القضية الخارجية، وكذا مواجهة استغلال المعارضة السودانية لتلك القضية".







"التفاهمات المصرية-السودانية، حول المسألة، لا تزال غامضة، ولكنها وفقا لتصريحات المسؤولين وتحركات البلدين في المسألة الحدودية، تدور حول وقف استغلال القضية في التراشق الإعلامي أو تناولها بصورة تسيء للعلاقات بين البلدين، وخاصة بعد الاتفاق على (ميثاق شرف إعلامي بين البلدين)" يقول عياد.

ومن التفاهمات أيضا، حسبما يقول الباحث "منع قضية حلايب وشلاتين من الوقوف كعائق أمام تطوير العلاقات الثنائية، ومن ثم الاستناد إلى الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين لإيجاد حل وسط مرضي في تلك المسألة، فالاتفاق على فتح الحدود المشتركة، وزيادة الربط السككي والبري وفتح المعابر الحدودية وتسهيل أو عودة العمل بإلغاء التأشيرات بين الجانبين، فضلا عن تفعيل اتفاق الحريات الأربع (التنقل، والإقامة، والعمل، الملكية) لمواطني البلدين، وكذا الاتفاقيات على التعاون في ضبط وتأمين الحدود وتسيير دوريات مشتركة".

ويفترض عياد "أن هذه المصالح المشتركة والتفاهمات سوف تجعل من مسألة المثلث الحدودي قضية هامشية، بالنظر إلى حرية التنقل بين البلدين، وهو ما يتيح التواصل والتكامل في المناطق الحدودية، مما قد يمهد لإقامة منطقة رخاء مشتركة على الحدود، تذوب معها أهمية الخلاف حول المثلث الحدودي الضيق، وهناك أكثر من تأكيد سوداني على الاتفاق على تجاوز هذه المسألة ضمن صيغة منطقة الرخاء الاقتصادي المشتركة على الحدود بين الجانبين، فهناك نية حقيقية لتحقيق التكامل بين مصر والسودان من هذا المنطلق".

تعاون حدودي

ومن جهته يؤكد الدكتور أحمد أبوزيد الباحث في إدارة الأزمات والأمن الإقليمي "على وجود تفاهمات حدودية بين البلدين خلال القمة الثنائية التي عقدت في السودان، مؤخرا، فضلا عن زيارة الفريق أول محمد زكي وزير الدفاع المصري للخرطوم التي تناولت الكثير من المسائل المتعلقة بضبط وتأمين الحدود المشتركة، ما يعني بطبيعة الحال اتفاق على ماهية تلك (الحدود)".

وأعتبر أبوزيد أنه "لا يمكن للسودان اللجوء إلى التحكيم الدولي لأنه لابد أن يكون بموافقة الدولتين حيث تقوم أطراف النزاع باختيار هيئة التحكيم وقبول التحكيم كوسيلة لتسوية الخلاف. أما التفاوض، فمصر ترفضه، لأنها لا تنظر إلى مثلث حلايب كمنطقة متنازع عليها، باعتبار أنها لن تتفاوض على أرض مصرية تمارس عليها كامل سيادتها منذ عقود. القاهرة ترفض مجرد تداول أي وسيلة إعلام محلية أو عالمية لخريطة مصر مقتطع منها المثلث كما فعلت مؤخرا مع قناة روسيا اليوم التي أجرت استفتاء على موقعها الالكتروني، ودفعت القناة لحذفه فورا".

وأوضح الباحث أنه "لا دولتين عربيتين متجاورتين إلا وبينهما مشكلة حدودية"، معتبرا أن مسألة حلايب لن تخرج عن إطار التفاهم بين البلدين سواء عن طريق الوصول إلى حل وسط يضمن تطبيق صيغ النفع المشترك من المناطق الحدودية بين البلدين، أو من خلال تغييب هذه القضية عن الإعلام، ووضعها فقط في الإطار الرئاسي"، مؤكدا "أن مستوى التعاون والتنسيق العسكري بين البلدين وخاصة على الحدود، سيشهد طفرة خلال الفترة المقبلة بعد المباحثات الهامة التي قام بها وزير الدفاع المصري مؤخرا في الخرطوم".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم