"كلنـا للوطـن، للعـلى، للعـلم، ملء عين الزّمن، سـيفنا والقـلم، سهلنا والجبـل منبت للرجـال، قولنا والعمـل في سبيل الكمال.... "، بصوت واحد أنشدوه، في كل المناطق اللبنانية ورغم الاختلافات والانقسام الحاصل وحدهم يوم الاستقلال، بالاحتفالات، والنشيد الوطني اللبناني، والأعلام التي رفرفت فوق رؤوسهم. فقد عمت الاحتفالات في جميع المدارس اللبنانية، الجميع هتف "كلنا للوطن". هؤلاء الصغار الذين يحتفلون بعيد الاستقلال، ماذا يعرفون عنه؟.
رامي جبور (11سنة) طالب في احدى مدارس بعبدا، يشير الى ان عيد الاستقلال هو عيد الوطن "منذ زمن، كانت فرنسا تحتل لبنان، انما رؤساء تلك الفترة قرروا النضال للحصول على استقلال بلدهم، فرفضت فرنسا ذلك وسجنت المسؤولين في قلعة راشيا.. إلا أن نضالهم لم يتوقف حتى حصلوا على الاستقلال".
عيد الإستقلال لا يعني رامي شخصياً ولكنه يعتبر أن هذا العيد هو عيد الوطن الذي هو "بلدي" والذي يجب أن "أحبه وأن يبقى في قلبي اذا غادرته وسافرت". يعترف "أنا مش حافظ كل النشيد الوطني رغم انني درسته في المدرسة". أما علم بلاده "فواجب علينا أن نحترمه وأن لا ندوس عليه في حال وجدناه مرمياً على الأرض". ويختم "على السياسيين انو يحافظوا عليه ويوقفوا الحرب اللي عم يشنوها".
أنشد هادي وهب (8 سنوات) النشيد الوطني اللبناني في مدرسته في الضاحية الجنوبية، اعاد كلماته على مسامعنا باخفقات بسيطة. يخبرنا "لبسنا اليوم قبعة حمراء عليها الأرزة". لم يُجب، حالٌ من السكوت سادت، بعد سؤاله عن عيد الاستقلال ومعناه. "ما بعرف شو بدي قول للبنان"، ولكنه يؤكد أنه لا يحب أحداً من السياسيين. أما أخوه وائل (6 سنوات) فيقول ببراءة الطفولة "غنينا "كلنا للوطن" وحملنا العلم اللبناني، "أنا مش حافظ النشيد بس غنيتو مع رفقاتي". يضيف "ما بعرف شو يعني عيد الاستقلال"، ويعترف أنه لا يحب كل السياسيين في لبنان.
يروي ايليو باز (13 سنة) أنه أمضى اليوم في مدرسته جونية يحتفل بعيد الاستقلال وشرح لـ"النهار" كيف كل التلامذة من كل مراحل الصفوف احتفلوا بهذا العيد. "عيد الاستقلال هو يوم أخذ لبنان حريته واستقل عن الفرنسيين"، بهذه التعابير أصرّ ايليو أن يعطي تفسيراً لهذا العيد. يتكلّم ايليو بثقة كبيرة ويضيف أن "الاستقلال لم نأخذه فقط لأننا استطعنا اخراج الفرنسيين، بل اخرجنا العثمانيين وكل من استبد بلبنان". ويشير الى أن بعد الاستقلال "صار عنا بلد له اسم وعلم .. صار عنا حرية، دستور، رئيس جمهورية، بطل في عنا استبداد"، ولكن رغم صغر سنه الا أنه يعي الوضع السيئ الذي يمر به لبنان "للأسف الأوضاع الأمنية والحالة السياسية عار على لبنان". طموح ايليو يتعدى المدرسة، "هذا الجيل ينبغي أن يغيّر و"يعمل فرق""، وأضاف "يجب على اللبنانيين أن يستيقظوا، عليناً أن نصنع التغيير، علينا بناء دولة".
يتكلم وكأنه ملم بتفاصيل اليوميات السياسية "ما عرفو يعملو قانون انتخاب.. كل واحد بدو مصلحته"، ويؤكد أن خلاص لبنان سيكون على يد الجيل الجديد "هني اللي رح يعملو لبنان". ويشرح أنه لا يريد أن يعمل في المجال السياسي، انما يريد أن يعملَ ما يحبه، وجلّ ما يريده "أن أعبر عن نفسي وعن أفكاري بكل حرية .."، متمنياً أن يعرف لبنان السكينة "بدنا راس يشتغل للبلد".
أما داليا وأخوها جو، وهما من الشوف، فيقولان أنهما احتفلا بعيد الاستقلال في المدرسة "رقصنا على أنغام الأغاني الوطنية". تقول داليا (13 سنة) أن عيد الاستقلال هو مناسبة يجتمع خلالها اللبنانيون ويتحدون، وناشدت جميع اللبنانيين أن ينسوا خلافاتهم، وان يتحدوا لتخطي العوائق. وجو (10 سنوات) طالبَ ببلد حرّ، رغم "أننا حصلنا على الاستقلال الكامل"، وأكد "يجب أن نكون موحدين كي نصبح أحلى بلد في العالم".
يروي محمد بدر كنيعو من بيروت تفاصيل يوم الاستقلال "دبكنا ورقصنا وغنينا أغاني وطنية"، ارتدى طلاب المدرسة ثياباً من لون العلم اللبناني ورفرفوا عالياً بالأعلام اللبنانية. بالنسبة لكنيعو: "عيد الاستقلال هو عيد الوطن"، ويضيف شارحاً "الاستقلال يعني بطل في حرب". ومثل كثيرين طلب من السياسيين واللبنانيين "ما تتخانقو بقى".
غاييل، لين وجو، وهم من المتن، شرحوا تفاصيل الاحتفال الذي أقيم في مدرستهم "غنينا ودبكنا واستمعنا للألحان التي عزفها الجيش اللبناني"، مشيرين الى أنهم وقفوا دقيقة صمت عن أرواح الشهداء. لين (6 سنوات) تقول "حصلنا على الاستقلال بعد ما فلّو الـMechant من لبنان"، وتضيف "أنا بحب لبنان وبدي ضلني فيه". أما غاييل (10 سنوات) فحكت لـ"النهار" ما حصل ليلة الاستقلال "خسر الفرنسيون المعركة بعد أن خرج الوزراء من قلعة راشيا"، رأي غاييل لم يختلف عن رأي شقيقها جو "لازم نعمل كثير اشياء تنضل ببلدنا ونضل نحبو".
صغار يعون مخاطر أفعال الكبار، غنوا "كلنا للوطن.. ". صحيح أنهم لم يعرفوا المعاني كاملة الا أنهم يعون أكثر مما يعرف "الكبار" الذين يديرون البلد المعاني الجوهرية.
نبض