مشاكل القرنية المخروطية... علاج جديد يُعيد البصر

إجتاز الطب شوطاً كبيراً في التقنيات الحديثة لمعالجة الأمراض، بحوث ودراسات وحلول جذرية بدأت تشق طريقها في عالم الطب الحديث. تعتبر أمراض العين عالماً بحدّ ذاته بتحدياته وحساسيته، فكيف اذا كانت المشكلة تُعنى بتصحيح عيوب البصر ومعالجة العمى في بعض الحالات. هل سمعت بمشاكل القرنية المخروطية؟ وكيف نجح الطبيب اللبناني الياس جرادة في معالجتها ومنع فقدان البصر عند المرضى؟ من جديد إنجاز طبي آخر يُسجل للبنان، ماذا في التفاصيل؟  

يستهل الاختصاصي في تصحيح عيوب الأبصار وجراحة القرنية والمياه البيضاء الدكتور الياس جرادة بالتعريف اولاً عن القرنية المخروطية "هي مرض تقوس القرنية او مرض ترقق القرنية. القرنية هي الجزء الأمامي من العين الذي يحمي العين والجزء الثاني والأهم هو الجزء البصري الذي يساعد في تأليف الصورة. تساهم القرنية في الجزء الأكبر من تأليف الصورة بالإضافة الى عدسة العين.

تتألف القرنية التي يجب ان تكون متجانسة، من أنسجة كولاجين مترابطة بشكل كبير. ويجب وضع الكولاجين بطريقة منتظمة حتى تكون القرنية شفافة. هذا في ما خصّ القرنية الطبيعية، أما بالنسبة الى المخروطية هو مرض يضرب انسجة الرابط بين الكولاجين ما يؤدي الى اضعاف القرنية. انخفاض نسبة الكولاجين يؤدي الى ترقق القرنية وينتج من هذا الضغط اعوجاج في القرنية ما يتسبّب بفقدان التجانس وتكسّر الصورة على الشبكة وتالياً ضعف النظر بشكل تدريجي".

وفق جرادة "يُصيب هذا المرض فئة الشباب عادةً، ويكون في كلا العينين ويتطور المرض بشكل تدريجي. ولكن ما هي أسباب المرض؟ برأي جرادة في النظر بشكل عام عالمياً تكون "الأسباب المكتسبة نتيجة الحساسية، وفي محيطنا العربي واللبناني تعود الى العامل الوراثي (زواج القربى وتراكم الأمراض). انطلاقاً من خبرتي في لبنان والعالم العربي العامل الوراثي هو الأكثر شيوعاً للإصابة بهذا المرض بالإضافة الى الأسباب المكتسبة الأخرى واهمها المضاعفات والآثار بعد جراحة تصحيح النظر او ما يُعرف بالليزر والليزيك". 

أعراض القرنية المخروطية:

* تقوس القرنية

* انخفاض تدريجي في النظر (بداية يمكن تصحيح النظر عبر النظارات ولكن مع الوقت لا تعود النظارات تجدي نفعاً في تصحيح النظر)

* تكسّر بطيء في القرنية

* انحراف النظر

ويشدد الاختصاصي في تصحيح عيوب الأبصار وجراحة القرنية والمياه البيضاء "من المهم أن نعرف ان النظارات والعدسات اللاصقة تصحح النظر ولكنها لا تعالج النظر. لذلك عندما نتحدث عن علاج القرنية المخروطية فنحن نقصد نقطتين رئيسيتين:

* تصحيح النظر: يكمن هدفنا الأساسي بتصحيح النظر إما من خلال النظارات او من دونها بحسب كل مريض ودرجة تقدم مرضه. اذاً يمكن تصحيح النظر من خلال:

- زراعة عدسات داخل العين او حلقات في حال كان هناك اعوجاج في القرنية، هذه الحلقات تكون متجانسة جداً مع الجسم ونضعها بشكل مهندس داخل القرنية لإعادة تجليس سطح القرنية لتكوين صورة متجانسة على القرنية.

- ليزر خاص للقرنية المخروطية مغاير عن الليزر الشائع. يكون من خلال طريقة معينة لتثبيت القرنية ونستخدمه في بعض الحالات لتصحيح النظر وعادة ما يكون في الحالات التي ما زالت في بداية المرض.  

* تثبيت القرنية: علينا ان نعرف انه مهما عملنا على تصحيح النظر في حال لم نعمل على القرنية نحن سنواجه خطر العمى. لذلك ولعدم الوصول الى نتيجة سيئة في النظر، علينا معالجة المشكلة منذ البداية اي في المراحل الاولى من المرض وتفادي الوصول الى مراحل متقدمة حيث يكون الحل الوحيد في زراعة القرنية. إذاً، لعلاج القرنية المخروطية هناك ما يُعرف بعلاج تثبيت القرنية.

يرتكز علاج تثبيت القرنية على وضع مادة فيتامين B2 مع الأشعة ما فوق البنفسجية وفق طريقة معينة لإعادة تثبيت أنسجة الكولاجين ما يجعل القرنية أقسى لمقاومة التدهور. وقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في تصلب القرنية بنسبة عالية. لكن لهذه الجراحة آثاراً جانبية وأهمها انها موجعة، تستغرق وقتاً لإعادة النظر بين الأسابيع والأشهر، وقد تُسبب بعض المضاعفات كالإلتهابات وتقرحات في القرنية...

يمكن اجراء هذا العلاج بمفرده او بالتزامن مع علاجات اخرى كزرع العدسات او الحلقات او الليزر وغيرها، وهي تختلف بين شخص وآخر.

وبرأي جرادة "أظهرت عملية تثبيت القرنية عدم فعاليتها بشكل كبير بعد عمليات الليزر. لذلك عملنا على اعادة انتاج انسجة الكولاجين بطريقة معينة على القرنية بخاصة للمرضى الذين خضعوا لعمليات ليزيك. في هذه الجراحات يقطع الجسم الأمامي للعين مما يُسبب ضعفاً في القرنية. وانطلاقاً من ذلك، قمنا بإعادة مزج الأنسجة لتؤدي دورها الطبيعي واعادة تقوية أنسجة القرنية. ومن إيجابياتها انها غير مؤلمة ونسبة الإلتهابات والتقرحات شبه معدومة وأثبتت فعاليتها بشكل كبير".

لقد نجحنا في فتح آفاق جديدة في العلاجات وما زال امامنا تحديات كثيرة في هذا المجال. اليوم نجحنا في علاج التقوس الناتج من عمليات الليزر والليزيك وأعطت نتائج فعالة عند عدد كبير من المرضى، وسنشهد على تطورات اخرى لتحسين هذه العلاجات.