
"السلطة الرابعة" هي الصحافة، اما "السلطة الخامسة" فهي الانترنت وتحديداً وسائل اعلام مواقع التواصل الاجتماعي التي يندرج ضمنها موقع "ويكيليكس" الشهير، فاضح مئات الاف الوثائق الدبلوماسية والعسكرية السرية في العالم، ومزلزل اكبر الانظمة السياسية العالمية ونجم الفيلم البريطاني The Fifth Estate للمخرج بيل كوندون. سيرة ذاتية درامية شائقة عن كل من مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان اسانج (بينيديكت كامبرباتش) ومساعده السابق الالماني دانيال دومشيت- بيرغ (دانيال بروهل)، تروي كيفية ولادة الموقع ومساره بين عامي 2007 و2010 وكيف استحصل اسانج على تلك الملفات السرية وقام بنشرها للعلن رغم احتوائها على معلومات فائقة الخطورة لم تتمكن يوماً أهم وسائل الاعلام العالمية من الحصول عليها. يركز الفيلم ايضاً على الخلاف الذي وقع بين اسانج المصمم على الابقاء على صدقيته امام قرائه من خلال نشر الوثائق كما هي من دون ازالة اسماء المصادر، وبين بيرغ الذي اعتبر ان نشر الاسماء سيؤدي الى مقتل هؤلاء الاشخاص على يد الانظمة التي تم فضحها، مما ادى الى انفصالهما. يؤدي الممثل البريطاني بينيديكت كامبرباتش دور اسانج، وهو سبق وتلقى رسالة من اسانج اللاجئ في سفارة الاكوادور في لندن، يدعوه فيها الى رفض الدور خوفاً من ان يقدم الفيلم اكاذيب وتلفيقات في اشارة الى بيرغ. كما اكد بأن المخرج تلقى دعما ماليا ليقدمه كمصاب بجنون العظمة ومناهض للنظام الاجتماعي، بينما هو مجرد صحافي مندفع وناشط. من السهل تصديق اسانج عند مشاهدة الفيلم، وخصوصاً ان لا احد اتصل به أو وقف على رأيه اثناء الاعداد. في المقابل بيّض الفيلم صورة كل من بيرغ والحكومة الاميركية المتمثلة بانسانية لورا لايني الخائفة على مصدرها العربي، و"سوّد" صورة صاحب الشعر الابيض واظهره شخصاً معقداً وكاذباً ومريضاً بجنون العظمة.
لكن رغم الصورة القاتمة، تمكّن الممثل بينيديكت كامبرباتش من التألق فعلاً في تقديم الشخصية من خلال اداء جذاب ومقنع وحضور قوي ومغناطيسي، فكان اهم عنصر من عناصر نجاح الفيلم الحافل بمحطات قوية ومرفهة وذكية لا تخلو من التشويق والحماسة وكأننا في صدد ثريلر، مع الاشارة الى وجود بعض المحطات المضجرة احياناً، وخصوصاً في القسم الاول. ايضاً يؤخذ على الفيلم عدم تركيزه على الثورة التي احدثها ويكيليكس على مستوى العالم بأسره.