الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

حرب الـFake news في واشنطن... ترامب وقع أيضًا في الفخّ !

المصدر: النهار
هالة حمصي
هالة حمصي
حرب الـFake news في واشنطن... ترامب وقع أيضًا في الفخّ !
حرب الـFake news في واشنطن... ترامب وقع أيضًا في الفخّ !
A+ A-

أصبح المصطلح الاشهر منذ بداية عهد الرئيس الاميركي #دونالد_ترامب قبل اكثر من عام. Fak_News# او #الاخبار_المزيفة، الكاذبة، المفبركة، تهمة فاضحة، الهراوة التي يحلو لترامب ان يلوّح بها، كل يوم او يومين، في تغريداته او مواقفه، في وجه صحف ووسائل اعلام اميركية كبيرة، ردا على معلومات اوردتها عنه. وابعد من التهمة، لعبة كباش قاسية، قذرة احيانا، تدور في الاروقة السياسية الاميركية، وايضا خارجها.

 
السياسة في #واشنطن تعيش على وقع الـ"#فايك_نيوز". ذروة الاستعراض الاميركي فكرة لم يسبق ترامب عليها اي رئيس آخر، اميركي او غير اميركي: اطلاقه جائزة "Fake News Awards" في واشنطن اخيرا، باسلوبه التهكمي، واعلان اسماء الفائزين بها (18 ك2 2018). 6 مؤسسات اعلامية اميركية كبيرة: "سي.ان.ان"، "نيويورك تايمز"، "واشنطن بوست"، "آي.بي.سي نيوز"، "نيوزويك"، و"تايم". ما امكن تسجيله عليها، 10 قصص "مزيفة كليا" نشرتها تلك المؤسسات، قبل ان تقر بها، او تتراجع عنها، او تصححها بسرعة، او تعتذر عنها.  


تأثير على ملايين 

المنازلة في اوجها بين الرئيس الاميركي ومناوئيه. واحد ابرز اوجهها، الـ"فايك نيوز" التي تقتحم، ميدانيا، الصراع السياسي الاميركي، من بابه العريض، مع استخدامات عدة لها، اوّلها التأثير على الرأي العام، وفقا لخبراء. قبل نحو عامين، بدأت الامور تأخذ منحى تصاعديا مقلقا. وفقا لدراسة نشرتها جامعة #ستانفورد في ربيع 2017 (هانت ألكوت وماثيو غانتزكاو)، "يشكل تأثير الاخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي مصدر قلق خاص، في اعقاب الانتخابات الرئاسية الاميركية العام 2016".

4 نقاط تتوقف عندها، منها ان "دلائل حديثة تبيّن ان 62% من البالغين الاميركيين يحصلون على الاخبار من وسائل التواصل الاجتماعي (غوتفريد وشيرير 2016)"، وان "اكثر الاخبار الكاذبة شعبية تمت مشاركتها على "الفايسبوك" في شكل اوسع مما حظيت به الاخبار الرئيسية الاكثر شعبية (سيلفرمان 2016). كذلك، يقول اشخاص كثيرون ممن قرأوا اخبارا كاذبة انهم صدقوها (سيلفرمان وسينغر-فاين 2016)". ويبقى ان "اكثر الاخبار الكاذبة التي تمت مناقشتها تميل الى مصلحة ترامب على حساب منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون (سيلفرمان 2016)".


وبأخذ هذه النقاط في الاعتبار، "يقترح عدد من المعلقين ان ترامب ما كان انتخب رئيسا للولايات المتحدة لولا تأثير الاخبار الكاذبة". ما تبينه دراسة ستانفورد هو انه "تمت مشاركة الاخبار الكاذبة في شكل واسع، والتي كانت تميل، في الوقت نفسه، في شكل كبير الى مصلحة ترامب. وتتضمن قاعدة بياناتنا 115 خبرا كاذبا لمصلحة ترامب تمت مشاركتها على "الفايسبوك" بحدود 30 مليون مرة، و41 خبرا كاذبا لمصلحة كلينتون تمت مشاركتها بحدود 7,6 ملايين مرة".      

وفقا لاحصاءاتها، حصل "نحو 38 مليون مشاركة لاخبار كاذبة في قاعدة بياناتنا، وتترجم بـ760 مليون مستخدم ينقرون عليها ويقرأونها، او نحو 3 اخبار مزيفة يقرأها اميركي واحد". واشارت الى ان "لائحة مواقع الاخبار المزيفة الالكترونية، حيث يظهر ان نصف اخبارها مزيفة، تلقت 159 مليون زائر خلال شهر الانتخابات الاميركية".

 بهذا الحجم، بحجم الملايين، يبلغ تأثير الاخبار المزيفة. وفقا لدراسة أخرى نشرها مركز ابحاث "بيو" الاميركي في ك1 2016، "يشتبه معظم الاميركيين في أن الأخبار المفبركة لها تأثير. ويقول اثنان من كل 3 أشخاص بالغين في الولايات المتحدة (64%) إن التقارير الإخبارية المفبركة تتسبب بقدر كبير من الارتباك حول الحقائق الأساسية للقضايا والأحداث الراهنة".  


اشباح ومرتزقة 

اكثر من موسم رئاسي انتخابي. انه عهد الـ"فايك نيوز"، على ما يُخشى، نظرا الى شموله دولا كبيرة، في طليعتها الولايات المتحدة، مع ترجيح ازدهاره في المستقبل. صناعة الاخبار المزيفة بات لها اربابها، منصات او حسابات او صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما على "الفايسبوك" و"تويتر" و"غوغل"، يديرها "اشباح"، على ما يحلو القول، او "مرتزقة" بتعابير اخرى، لاهداف محددة، اولها التأثير على الرأي العام، في شكل او بآخر.


من دون شك، تُعتبر الانتخابات الرئاسية الاميركية العام 2016 مختبرها التنفيذي الاساسي، مع استخدام "#فايسبوك" و"#تويتر" و"#غوغل" خصوصا، ادوات رئيسية لها. اولى التداعيات فتح وزارة العدل الاميركية تحقيقا في تدخل روسي محتمل في الانتخابات، من خلال هذه الاخبار المزيفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، للتأثير في النتائج لمصلحة انتخاب ترامب. ويفتش حاليا المدعي الخاص المكلف التحقيق روبرت مولر عن ادلة تثبت تواطؤا محتملا بين الفريق الانتخابي لترامب وروسيا، تأمينا لفوزه، في مواجهة منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون.  


كذلك، استوجب الامر ان يفتح "فايسبوك" تحقيقا. في 31 ك1 2017، اعلن الموقع ان نحو 126 مليونا من مستخدميه في الولايات المتحدة ربما شاهدوا محتوى شاركه مستخدمون في روسيا في العامين الماضيين. وافاد ان نحو 80 ألف مشاركة كتبت قبل الانتخابات الأميركية العام 2016 وبعدها، لافتا الى "انها مشاركات نشرتها شركة أميركية على صلة بالكرملين". وركز معظمها على محتوى اجتماعي وسياسي مثير للجدل.  

وامكن ايضا الامساك بخيوط مماثلة على "تويتر". في حصيلة اولية، توصلت الشركة إلى "2652 حسابا، وأغلقتها جميعا بعد تعقب مصدرها، وهو وكالة أبحاث للإنترنت في روسيا"، على ما نقلت وكالة "رويترز" عن شهادة ادلى بها مصدر مطلع في الشركة. وفي تقرير قدمته اخيرا الى الكونغرس الاميركي، قالت ان "روبوتات بصلات روسية شاركت في اعادة نشر تغريدات لترامب نحو نصف مليون مرة خلال الاشهر الاخيرة من الانتخابات الرئاسية" (موقع بلومبرغ). وبينت النتائج ان هذه الحسابات الآلية اعادت نشر تغريدات ترامب نحو 470 الف مرة، في مقابل 50 الفا للمرشحة الديموقراطية كلينتون، في الفترة الزمنية نفسها.   


وافادت ايضا ان الامر يتعلق بـ"677,775 شخصا في الولايات المتحدة"، كانوا عرضة لتأثير من 50 الف حساب آلي لها صلات بالحكومة الروسية، "فتبعوا احد هذه الحسابات او اعادوا نشر بوستات او وضعوا "لايك" لها، خلال فترة الانتخابات".   


الفكرة المجنونة" 

غزو من نوع آخر، "تهديد" جدي. تكنولوجيا التواصل الجديدة تتمتع بخصوصيات تميزها كليا عن المنصات الاعلامية او الصحافية التقليدية. فهي تؤمن فسحات حرة ليتبادل عبرها المستخدمون المعلومات مباشرة، في غياب فريق ثالث جدي، يصفي الاخبار او ينقيها، او يتولى التدقيق فيها. كذلك، يمكن مستخدما معينا ان يكسب آلاف المتابعين على صفحته او حسابه، بقدر اي مؤسسة اعلامية جدية. في وسائل التواصل الاجتماعي، تنقلب معايير التواصل التقليدية برمتها، رأسا على عقب.

"الفكرة مجنونة للغاية"، على ما وصف مؤسس "فايسبوك" مارك زوكربيرغ استخدام الاخبار المزيفة للتأثير على نتائج الانتخابات الأميركية. منذ انتشار الخبر، نفت روسيا مرارا المزاعم أنها حاولت التأثير على الانتخابات. من جهته، صنّف ترامب كل ما يتم يتداوله عن تواطؤ روسي مع حملته الانتخابية ضمن "الاخبار الكاذبة".

وفقا لارشيفه، غرّد 180 مرة عن "الاخبار المزيفة"، خلال 377 يوما. الرقم يعكس مقدار الاهمية التي يوليها الامر. ك1 2016: "تقارير "سي ان ان" عن مواصلتي برنامج "ذو ابرنتس" خلال تولي الرئاسة، حتى بدوام جزئيا، سخيفة وغير صحيحة". 17 شباط 2017: "محطات الاخبار المزيفة ليست عدوتي، بل عدوة الشعب الاميركي. شيء مقزز!"  


الـ"فايك نيوز" اصبحت المطرقة التي يضرب بها ترامب كل يوم او يومين، خصومه من المحطات الاعلامية، زارعا الشك في صدقيتها وتقاريرها، ليسجل نقاطا في معاركه الداخلية. لغويا، فرض هذا المصطلح نفسه في طليعة تعابير العام 2017، وفقا للائحة يعدها قاموس "كولينز". ولم يسع الرئيس الاميركي سوى ان يتفاخر بانه من ابتكاره، وهو "احد اعظم التعابير كلها التي جئت بها"، على ما يعلن في مقابلة معه.  

غير ان زعمه هذا ليس دقيقا، "خبر كاذب" بدوره، بمراجعة قاموس "ميريام ويبستر" الاميركي العريق الذي اعد شرحا عن هذا المصطلح و"قصته الحقيقية"، بحيث توصل الى انه يرجع الى اواخر القرن التاسع عشر. لسخرية الامر، أوقع الرئيس الاميركي نفسه في فخ الـ"فايك نيوز"... من دون ان يدري.  

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم