"اللبناني بحب الحياة".. إنفجار، حرب، إشتباكات،.. أمور مأساوية إعتادها اللبنانيون، و"تأقلموا" مع الوضع السوداوي الذي يخيّم على البلاد منذ سبعينات القرن الماضي. اللبنانيون "بضلو مكيفين" لا شيء يعيقهم حتى الموت بات سهلاً على مسامعهم وعيونهم. اذ قرروا بعد ان ملّوا من المصائب التي تحل بوطنهم، والحالة التي يرثى لها.. أن يستمروا في الحياة ويرفضوا الحزن والاكتئاب.
اتخذوا السهر والاستمتاع بليالي لبنان، وسيلة للهروب من المآسي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشونها. ومع ازدياد استخدامهم مواقع التواصل الاجتماعي، اتخذوا صفحات العالم الافتراضي مساحة كي يعبروا بحرية عما يشعرون به، وغالباً ما تكون تعليقاتهم ممزوجة بشيء من الاستهزاء بالوضع.
ضحكة حزينة ثائرة على الوضع يطلقها اللبنانيون من وراء شاشات الكمبيوتر واللوحات الالكترونية، والهواتف الذكية، عندما يقرأون النكات والصور التي تنشر على موقعي التواصل الاجتماعي "فايسبوك" وتويتر".
وعند كل مناسبة أو حادثة، تبدأ الطرائف والنكات بالظهور في العالم الافتراضي. ومؤخراً تلقى اللبنانيون كالعادة التفجيرات والصواريخ وتدهور الوضع الأمني ببسمة وبالنكات رغم حالة التوتر التي تسود المنطقة. فبعد تفجير الرويس والعثور على السيارة المفخخة في الناعمة أصبح الوضع الأمني "نكتة" بالنسبة للبنانيين.
فبات سائقو السيارات يحذرون المارة "افتراضياً": "لا تلحقني ملغومة". أما التجار وبعد انهيار الإقتصاد والوضع الأمني في آن، فقد استبدلوا الورقة التي يعلّقونها على واجهة المحال "ممنوع الدين" الى "يرجى عدم التفجير قرب المحل لأنو أكتر من نص البضاعة بالدين.. وشكراً". وبعد المحاولات الحثيثة للحفاظ على امن البلاد، نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي اشارت سير جديدة تنصح المواطنين الانتباه وعدم الاقتراب: "انتبه قناص"، "انتبه انتحاري"، "انتبه عربات متفجرة"، "انتبه أر بي جي"،.. .
كما صدر تعميم يشرح للمواطنين كيفية التعامل عندما يشتبهون بسيارة وضع عليها رقم هاتف: "اي شخص في حال ذهب إلى سيارته ووجد أخرى تعيق مروره موجود عليها رقم تلفون الشخص صاحب السيارة للاتصال به ليزيلها .. الرجاء الانتباه جيدا وعدم الاتصال بهذا الرقم الموضوع على الزجاج وذلك للإشتباه بأن هذا الرقم قد يكون موصولاً بصاعق متفجرة يحتمل وجودها في هذه السيارة، وبمجرد الإتصال بهذا الرقم يتم تشغيل الصاعق وتفجير السيارة .. الرجاء عدم الاتصال وتبليغ الأمن."
بلد تبلغ مساحته 10452 كلم مربع أصبح في نظر مواطنيه "الافتراضيين": "10452 كلم متفجر". وطن لم يعش الا في الوضع المأساوي فبدأ البعض يتساءلون "كيف تكون الحالة طبيعية في لبنان؟". ذلك الوضع دفع البعض لينشروا صورة لطفل يقول "بطلنا نكيّف!".
مواطنون يحاولون الترفيه عن نفسهم "افتراضياً". عسى وعلّ ان تنتقل العدوى من العالم الافتراضي الى الواقع.
نبض