الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كرة القدم للسيدات في لبنان "مهمشة"... 10 سنوات على اطلاقها ولا تزال "فقيرة"

فاتن أبي فرج
كرة القدم للسيدات في لبنان "مهمشة"... 10 سنوات على اطلاقها ولا تزال "فقيرة"
كرة القدم للسيدات في لبنان "مهمشة"... 10 سنوات على اطلاقها ولا تزال "فقيرة"
A+ A-

عرفت لعبة كرة القدم بذكوريتها منذ وضع قواعدها في لندن في منتصف القرن التاسع عشر، إلا أن السيدات اقتحمن اللعبة "الخشنة" مع تقدم مراحل تطورها وبطولاتها. ومنذ تأسيس كرة قدم السيدات، عملت بعض الجهات على محاربة اللعبة الأكثر شعبية في العالم للحفاظ على طابعها الذكوري لكونها ارتبطت منذ نشأتها بالرجال. 




وشهدت العاصمة البريطانية لندن أول مباراة لـ "الجنس الناعم" 1895، إذ قوبلت بالرفض من الإتحاد الانكليزي حينها، على الرغم أن متابعة اللقاء جماهيرياً فاق المتوقع وتفوق على نظيره في مباريات الرجال بحجة حرص الإتحاد على "رجولية" اللعبة الشعبية.

ونالت كرة القدم للسيدات في انكلترا شعبية كبيرة لم تشهد لها مثيلاً الى اليوم، إذ وصل الحضور الجماهيري في تلك الفترة الى أكثرمن 53 ألف متفرج في بعض المباريات، إلا أنها تلقت ضربة قوية عندما منع الإتحاد إقامة المباريات على ملاعبه عام 1921 ووصفها بالمقززة، وأنها تمثل تهديداً لمباريات الرجال بسبب أعداد الجماهير الهائلة التي تواكب لقاءاتها.

وعلى الرغم من بعض الحواجز التي ساهمت في إبطاء تطور اللعبة، إلا أن شعبيتها استمرت بالتزايد نتيجة الاهتمام الشعبي، ما أدى الى رفع الحظر عنها عام 1971 في حين لم تحظ بالشعبية عينها التي كانت عليها قبلاً.

ومع إطلاق بطولتي الأمم الأوروبية وكأس العالم للسيدات عام 1991، تطورت اللعبة حيث سجلت المباراة النهائية لمونديال الولايات المتحدة عام 1999 بين الدولة المضيفة والصين حضور أكثرمن 90 ألف متفرج، وأصبحت بطولة أساسية في العالم بأنديتها ومنتخباتها ولاعباتها وجوائزها.




تهميش

تعاني كرة السيدات في بلاد الأرز ما يشبه التهميش، برغم التأكيدات من مدربات ولاعبات أجانب بوجود مواهب مميزة ينبغي الإهتمام بهن، خصوصاً ان الاتحاد الدولي "الفيفا" يولي هذا القطاع اهتماماً بغية تعزيز كرة السيدات وتنميتها في البلاد العربية.

مرت أكثر من 10 سنوات على إطلاق اللعبة في لبنان، حيث شهدت تقلبات كثيرة وتأسيس نواد كثيرة وانسحاب عدد آخر، إلا ان "الكرة الناعمة" استمرت مع إقبال كثيف من الفتيات عليها، وأضحت تمتلك قاعدة شعبية لا بأس بها مقارنة بالسنوات السابقة.

ومع كل هذا التطور، لم تصل اللعبة الى النتيجة المرجوة إذ لا تزال "لعبة فقيرة" تغيب عنها شركات الرعاية أسوة ببطولات الرجال، ومراد هذا الأمر الى استخفاف البعض واعتبارها هواية وتسلية فقط، أو لعدم ايلاء مباريات السيدات الجدية ما يدل على ان الفكر الذكوري هو المسيطر على اللعبة الشعبية.

ورأت رئيسة نادي "ستارز أكاديمي" سارية الصايغ أن "السبونسر" يتجنب رعاية فرق للفتيات: "نواجه صعوبات ومواقف محرجة لتأمين شركات رعاية، رغم هذا استطعنا تأمين اثنين فقط، وهما شركة "ألفا" للاتصالات لفريق الفوتسال والتي وقفت معنا رغم أننا لم نحرز اللقب وجمعية أبعاد لفريق السيدات والتي لها فضل كبير علينا في احراز اللقب في آخر سنتين".

وأضافت الصايغ: "نحن نموّل الاكاديمية والفرق لدينا من اموالنا الخاصة حتى أننا اقترضنا مبلغا من البنك في أول سنتين حتى استطعنا المشاركة في البطولات. ونطلب من الاتحاد أن يخصص مبلغا صغيرا للبطل، فبهذه الخطوة سيزيد عدد الفرق المشاركة وستأتي شركات الرعاية عندما ترى انها بطولة كبيرة ومعروفة".

وختمت: " يجب أقله ان نصل الى ما وصلت اليه كرة السلة للسيدات من نقل تلفزيوني وشركات رعاية، فكرة القدم بحاجة لنفس الدعم لتكون قوية علما ان الاتحاد يعمل جاهدا على تحسين اللعبة ويبذل ما باستطاعته لمساعدة الأندية".

تشهد البطولة هذا العام 11 نادياً، تتنافس على بطولتي الدوري العام وكأس لبنان، لكن الأمر الغريب ان هذه البطولات تلعب من دون أي حوافز، إذ عندما يتوج أي ناد بلقب ينبغي حصوله على جوائز مالية لتأمين الاستمرار، لكن هذا الأمر لا يتحقق، إذ تغيب الايرادات عن النوادي جراء مشاركتها بكافة الفئات، وتقتصر على الميداليات والكأس للبطل فقط وبكلفة زهيدة، علما أن الجوائز المالية ولو كانت رمزية هي أكثر ما تحاجته النوادي النسائية لتتطور فنيا وتقنيا، بخاصة ان أغلبها يعتمد على القروض لانشاء أكاديميات والمنافسة في البطولات الرسمية ايماناً منهن بمستقبل اللعبة.

تعتيم إعلامي

لا تحظى بطولات السيدات التي تشهد متابعة ملحوظة طوال الموسم، 50 % مما تناله بطولات الرجال من متابعة ونقل تلفزيوني وجوائز، وبالتالي فإنها تعيش في ظلال مسابقات الذكور، فثمة مدربون ولاعبات يستحقون التكريم نظير عطاءاتهم في تطوير اللعبة "من دون مقابل".

كانت هذه الأمور سبباً رئيساً في انسحاب بعض النوادي من اللعبة لا سيما الصداقة الذي استأثر بالألقاب لفترة طويلة وكان أكثر الفرق صرفاً للأموال حينها، وعن أسباب هذا الانسحاب تقول رئيسة نادي الصداقة سابقا هناء عاشور: "عدم الاهتمام واللامبالاة بالفرق وغياب الحوافز مثل المشاركات الخارجية لفترة 7 او 8 سنوات في أي مشاركة عربية وآسيوية كانت سبباً للانسحاب، علما أن النادي دفع خلال 10 سنوات تقريبا نصف مليون دولار على الفريق لكننا حوربنا دائما وتم تغريمنا 5 ملايين ليرة لعدم مشاركتنا في الكأس".

وتابعت لاعبة زوق مصبح حاليا: " اليوم زوق مصبح يدفع رواتب لبعض اللاعبات بدعم من البلدية لتقوية النادي حيث لديه الامكانيات اللازمة ما يعطي دافعا لهن للاستمرار في الفريق، لكن هل ستبقى البلدية تؤمن هذ الدعم للنادي؟! ودائما الاعتماد يكون على النوادي لتجهيز اللاعبات وتطويرهن ويتم استدعاؤهن الى المنتخب جاهزات على حساب النادي". أتمنى أن تصل اللعبة الى مستوى خارجي مثل مستوى منتخبات الاردن وحينها سنكون تطورنا فعلا".

لاعبات بالمجان!

وعلى عكس عقود الرجال والمبالغ التي يتقاضونها، الا أن 80% من اللاعبات لا يتقاضين رواتباً ايماناً منهن بتقدم اللعبة ووصولها الى الاحتراف وأقله الى ما وصلت اليه الاردن اليوم بعد تأسيس ملعب خاص لمنتخب السيدات واستضافتها كأس العالم للناشئات وسيرها على النهج الاحترافي في أوروبا وأميركا.

وأوضح رئيس لجنة الكرة النسائية في الاتحاد اللبناني لكرة القدم هامبيك ميساكيان أن "لبنان وضعه جيد مقارنة بالدول الأخرى في الشرق الأوسط بخاصة أنه البلد الوحيد الذي يمتلك 11 نادياً للسيدات في كل الفئات العمرية وهذا الرقم قابل للارتفاع، بينما الأردن تعمل على تعزيز الكرة النسائية على صعيد منتخباتها فقط ولا تمتلك أكثر من 4 نوادٍ".

وأضاف ميساكيان: "اللجنة تعمل على تأمين شركات رعاية لتعزيز اللعبة وسنقترح على الاتحاد الجديد الذي سينتخب قريبا بمتابعة الموضوع بشكل جدي وحثيث لتطوير اللعبة".

"لعبة فقيرة" بتجهيزاتها وإمكاناتها وملاعبها، غنيّة بمواهبها ولاعباتها وايمان المسؤولين فيها بتنميتها وتطويرها بما توفّر بخاصة بعد خطوة اتحاد اللعبة إلغاء رسوم الملاعب والحكام لتخفيف الأعباء المالية عن كاهل النوادي. وعلى امل أن يتحقق حلم العاملين فيها بوصولها الى الاحتراف او على الأقل ان تضاهي كرة القدم للرجال.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم