"في كانون كن ببيتك وكثر من حطبك وزيتك"... مثل لبناني قديم تذكره اللبنانيون في الايام القليلة الماضية... من روسيا أتت "أولغا"، أتت حاملة معها كميات كبيرة من الأمطار فاضت بها الطرق وثلوج زينت أعالي الجبال وبلغت الساحل. تلك العاصفة حملت خيرات كثيرة، ولكن شكلت نقمة "رجعتنا سنين الى الوراء". فقد عاش اللبنانيون أيام زمن ولى، أيام يتذكرونها دائماً لكن خلال العاصفة "أولغا" عاشوها بحلوها ومرّها.

ستوف، كانون، سوبيا، وجاق، موقدة، تتعدد الأسماء والمطلوب واحد، دفء افتقده اللبنانيون بسبب انقطاع التيار الكهربائي في معظم القرى والبلدات اللبنانية... مازوت أو حطب أو الدق (أو الجفت: وهو مسحوق يستخرج من لب الزيتون والزيت كي يشعلوا النيران) ولكن من المؤكد أنهم لم يلجأوا الى الطاقة الكهربائية. "نتفة كستنا، تين، زبيب، نبيذ، جوز ولوز وسحلب وللبصل وزيتون والثوم والبطاطا المشوية لذة في شتاء عاصف". عادات محتها التكنولوجيا و"تقاليد" أطلت على العصر الحديث. عاش اللبنانيون أوقاتاً لا مثيل لها، استرجعوا زمناً طالما تذكروه.

"أولغا" كما حملت الخير، ولدت كابوساً للكثيرين. عان اللبنانيون في كل أرجاء البلاد: انقطع التيار الكهربائي في معظم القرى والبلدات اللبنانية حتى في بيروت الادارية، والمصيبة كانت للبعض مصدر ضحك واستمتاع رغم رداءة الوضع. نعم! استحم الكثيرون من اللبنانيين "بالكيلة"، سخنوا مياهاً على الجمر، كما لجأوا الى طرق لم يسخدموها منذ سنوات، كـ"كيس المياه الساخنة" ، أما الشمع فكان صديق اللبنانيين في تلك الليالي العاصفة، واستبدلوا الـ"Ipad" والـ "Laptop" بورق اللعب الذي كان تسليتهم الى جانب الهواتف الذكية التي لم تفارقهم رغم رداءة الـ"3G" بسبب "أولغا".