الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

177 مشروعا لبنانياً خاصاً بقيمة 4.8 مليار ليرة يخلق مئات فرص العمل الجديدة

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
177 مشروعا لبنانياً خاصاً بقيمة 4.8 مليار ليرة يخلق مئات فرص العمل الجديدة
177 مشروعا لبنانياً خاصاً بقيمة 4.8 مليار ليرة يخلق مئات فرص العمل الجديدة
A+ A-

تشكّل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحيّز الأكبر من مجموع المؤسسات العاملة في لبنان وهي تعتبر المصدر الأكبر لإيجاد فرص العمل وتحسين الدخل ومستوى المعيشة للفرد. لكن هذه المؤسسات تعاني مشكلات عدة، أهمها صعوبة الحصول على التمويل إذ تعتبر المصارف التجارية أنها ذات مخاطر عالية مما يحد من تطورها ويؤدي في بعض الأحيان إلى خروجها من سوق العمل. من هنا برزت أهميّة صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية - المموّل من الاتحاد الاوروبي – الذي يُعنى في تقديم برامج خدمات مالية واستشارية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة (SMEs)، عبر تأمين قروض ميسّرة من خلال مجموعة من المصارف المتشاركة مع الصندوق، وإعداد دراسات جدوى للمشاريع الانتاجية، وذلك من خلال فريق من مستشاري الأعمال لدى الصندوق، موزّعين على كل الأراضي اللبنانية، يساعدون أصحاب المشاريع على وضع خطط العمل وتحضير الملفات وتعبئة الاستمارات والطلبات وتقديمها إلى المصارف. تتم الموافقة على المشاريع بناءً على دراسة الجدوى الاقتصادية المبسّطة، ويتم بعدها التحقّق من أخلاقيات العميل من خلال الأشخاص المحيطين به والذين سبق لهم التعامل معه (مورّدين، زبائن...)، ومن خلال سجلاته المصرفية إذا كان له تعامل سابق مع المصارف. وتُعدّ دراسة الجدوى المبسطة بالإضافة إلى جدول التدفقات النقدية بناءً على الدفتر اليومي.


ويغطي المشروع كافة شرائح المجتمع بغض النظر عن تحصيلهم العلمي، وكافة القطاعات على كل الأراضي اللبنانية. والهدف منه هو دعم أصحاب المصالح الذين يواجهون صعوبات في الحصول على تسليفات من المصارف نظراً إلى عدم تسجيل نشاطهم التجاري أو عدم توافر البيانات المالية لديهم أو الضمانات الكافية لتغطية القروض. وينصبّ التركيز على المشاريع التي لديها إمكان في تأمين فرص عمل، وقد موّل الصندوق في السنوات المتعاقبة الآلاف من المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم في مختلف القطاعات. وقسم كبير من هذه المشاريع لاقت نجاحاً باهراً واستطاعت توسيع أعمالها بشكل ملحوظ، وخلق فرص عمل جديدة، خصوصاً في قطاع الزراعة والمهن الحرة والحرف والخدمات. وهو موّل في الفصل الثاني من العام 2016، 177 مشروعاً خاصاً بـ4.8 مليارات ليرة تؤمن 252 فرصة عمل جديدة.


في هذا الاطار، يشير مدير صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، المهندس هيثم عمر في حديثٍ لـ"النهار" الى أن "صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية أنشئ ضمن إطار الشراكة الأوروبية- المتوسطية، من خلال اتفاقية التمويل الموقّعة في تشرين الثاني 2000 بين الحكومة اللبنانية ممثّلةً بمجلس الإنماء والإعمار وبين المفوضية الأوروبية. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لأكثر فئات المجتمع اللبناني حرماناً ومحدودية في الدخل، وتقضي بتأسيس صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية كمشروع أساسٍ لتحقيق هذه الأهداف، إذ إنّه يعمل على الحد من نسبة الفقر عبر إيجاد فرص للتنمية الاقتصادية والعمل والدخل في المناطق المحرومة من خلال تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتأمين الدعم لها، إضافة إلى الحد من عدم التوازن في التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال مستوى أفضل من التغطية للفئات المحرومة".


ويلفت الى أن "الصندوق قام منذ انطلاقه في العام 2002 كمؤسّسة دائمة للتّخفيف من وطأة الفقر والفوارق المعيشية بين المجتمعات المحلية، بالمساهمة في التنمية الاجتماعيّة في لبنان مستهدفاً بشكل أساسي الطبقات المحرومة من السكّان، كما عمِل على تحسين الظروف المعيشية في المجتمعات المحليّة المحرومة وخلق فرص عملٍ لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسّطة". برأيك الى أي مدى بات انشاء المشاريع الخاصة الطريقة المثلى للهروب من البطالة بدلاً من السعي وراء الفوز بوظيفة في القطاعين العام والخاص؟"، يجيب بأن "أزمة البطالة في لبنان ناتجة من التدهور الإقتصادي وغياب النمو وغياب سياسات حكومية واضحة لسوق العمل، والفارق الشاسع بين متطلبات سوق العمل وبرامج إعداد الكادرات المهنية والتقنية في الجامعات. يشكل القطاع الخاص، كما هو دائماً، الدينامية المحرّكة للإقتصاد والتي بدونها ترتفع نسبة البطالة والهجرة للشباب".


بين التطلع نحو الهجرة وبين تفضيل العمل المؤسساتي
ينقل المشهد اللبناني عامةً رغبة الشباب في الهجرة بعد انهاء دراستهم الجامعية نظراً إلى عوامل عدة، أبرزها الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية السيئة في لبنان. لكن الى أي مدى يمكن لفكرة جديّة كمبادرة تمويل المشاريع الصغيرة أن تحد من نسب الهجرة المتزايدة سنوياً؟ بحسب عمر، إن أزمة البطالة ومحدودية الدخل مضافاً إليهما غلاء المعيشة في لبنان، تدفع عنصر الشباب للهجرة بحثاً عن ظروف معيشيّة ومستقبل أفضل. ناهيك بأن الشباب اللبنانيين يعانون من الإحباط نظراً إلى عدم قدرتهم على تحقيق طموحاتهم ويرون في الخارج فرصاً تحقق تطلعاتهم. لذلك، إن تشجيع ريادة الأعمال ومنح الشباب فرصاً للمشاركة في الحياة الاقتصادية من خلال تنفيذ مشاريع جديدة يمكن أن تؤمّن للجيل الجديد فرصاً للحصول على حياة أفضل، وتالياً تحضهم على العدول عن فكرة الهجرة.


وعنصر الشباب هو في أمس الحاجة إلى التعبير عن رأيه والمشاركة بشكل فاعل في الحياة الاقتصادية، إلا أن إحدى الصعوبات الأساسية التي تواجهه تكمن في عدم توافر المساعدات التقنية والتدريب، إضافةً إلى صعوبة الحصول على التمويل. من هنا يشير إلى دور صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في خلق فرص العمل وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي بدورها تشكل حافزاً أساسياً للشباب من أجل الإنطلاق بعملهم الخاص وإدارة مشروعهم بعيداً من الإنشغال بالبحث على وظيفة في لبنان أو الخارج تحدّ مدخولهم وقدراتهم في تحقيق مستقبلهم. لذلك، فإن مساعدة الشباب في الحصول على التمويل يمكن أن يفتح لهم آفاقاً جديدة لتنفيذ مشاريع جديدة تمكنهم من تحقيق طموحاتهم، وتحسين ظروفهم المعيشية، وبالتالي تعدلهم عن فكرة الهجرة إلى الخارج بحثاً عن مستقبل أفضل.


الى اي مدى تجدون أن نسبة لا بأس بها من الشباب في لبنان لا يهتمون بإنشاء المشاريع الخاصّة ويفضّلون الحصول على وظيفة في اطار مؤسساتي. ولماذا؟، يردّ: "مما لا شك فيه أن المواطن اللبناني هو صاحب مبادرة وخبير في الـ entrepreneurship، إلا أن وضع البنى التحتية، المواصلات، وعوامل الانتاج سيئة في لبنان، مما يقف عائقاً للمبادرة في إطلاق مشروع خاص. كما إنّ تعذّر تلبية عدد من الحاجات الأساسية، إن على مستوى الخدمات الاجتماعية أو البنى التحتية، بالإضافة إلى عدم القدرة من الاستفادة من الخدمات التعليمية نظراً لارتفاع قيمة الأقساط وقدرة الوصول إلى المعلومات، بخاصة التقنية منها التي تسمح للشباب بالانخراط في سوق العمل. ولا ننسى إهمال البنى التحتية الأساسية التي تُعتبر عنصراً رئيسياً في عمليّة تأمين الظروف المعيشية الملائمة لمختلف المجتمعات، كل هذه الأسباب تقف عائقاً أمام الشباب في انشاء المشاريع الخاصة. لذلك يتوجّهون نحو الوظيفة في الإطار المؤسساتي من أجل تأمين نوع من الاستقرار من حيث المردود المالي والضمانات الاجتماعية، رغم أن المردود المادي للوظيفة محدود ولا يلبي طموحات الشباب وتطلعاتهم".


لعلّ أبرز الأمثلة على فاعلية القروض التي تقدّمها برامج صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تنطبق على علي مكي، مواطن من جنوب لبنان، عمِلَ في افريقيا في بعض معامل اعادة تدوير النفايات، مما جعله يفكر جدياً بتطبيق هذا المشروع في بلدته. ففي لبنان مسألة تدوير النفايات لا تزال جديدة وغير موجودة تقريباً. بالتالي، يعتبر أبناء القرية أنها منفذ حقيقي لهم من أجل إيجاد حل لأزمة النفايات. بالمصادفة تعرف مكي منذ سنتين تقريباً إلى برامج صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحصل على قرض بقيمة 40 مليون ليرة لبنانية ساعده بشكل أساسي في تأسيس مؤسسته لتدوير النفايات، وتطور عمله بشكل ملموس. ويعمل اليوم مع مكي 4 موظفين وسائق، كما يعمل معه مياومون تحت الطلب بحسب الحاجة اليهم. يقول مكي إنّه بدون هذا القرض لما استطاع تحقيق أهدافه المهنية، "إن قرض صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية كان بمثابة اليد التي امتدت لمساعدتي في مشروع حلمت به طويلاً".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم