الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

وجه الله

المصدر: "النهار"
عقل عويط
وجه الله
وجه الله
A+ A-

صديقي #عمران،
لم أشأ أن أمسح وجهكَ بالياسمين الدمشقي، ولا بالزوفى. لم أشأ أن أطرّي الدم بماء النواعير، ولا بشهقات بردى، لئلاّ يشعر القاتل بأنه في مأمن. أنتَ لم تتعرّف، في تلك الوهلة، إلى ذلك الشخص المجهول الذي نقلكَ إلى سيارة الإسعاف. كنتُ أنا هو، رمزياً، وأكاد أقول واقعياً، وكان ينبغي لي أن أترك كلّ شيء على ما هو عليه، لكي يعرف هذا "العالم" القميء أن لا مكان يخبّئ فيه الجريمة.
لا أستثني أحداً يا عمران. لا الرئيس الواحد الأحد. لا جماعة التكفير. لا الشبّيحة. لا روسيا. لا إيران. لا "حزب الله". لا تركيا. ولا أيضاً وخصوصاً أميركا. هل يجب أن أسمّي الجميع لكي يهدأ روعكَ قليلاً، وأنتَ ذاهلٌ عما أنتَ فيه؟! هل يجب أن أبكي لكي تدرك أن لا حيلة لي سوى الحبر ممزوجاً بأفكار العيون؟ كان بودّي أن أندمج بهذا الخراب الذي ارتسم على وجهكَ الملطّف بالأسى الطفوليّ. كان بودّي أن أكون بعضاً من جمالكَ المأسويّ لتشعر روحي بشيءٍ من العزاء. لكنْ، من أين لي، يا عمران، أن أعزّي نفسي، أنا الجرحُ اللبناني الذي يرى في ما يعانيه السوريون الأحرار، وما تعانيه سوريا الحرّة الأبيّة، امتداداً للطعنة المشرقية الهائلة التي صراخُها سقفُ السماء، وصمتُها أنينُ الأرض!
لو شئتُ أن أغيّر اسمي، في هذه اللحظة بالذات، لجعلْتُه عمران، تيمّناً بوجهكَ الذي بعضُهُ وجهُ قلبي، وبعضُه الآخر وجهُ الله!
[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم