الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مناضلو 7 آب 2001 في "التيار"... هل فرّقتهم المصالح؟

المصدر: "النهار"
فرج عبجي
فرج عبجي
مناضلو 7 آب 2001 في "التيار"... هل فرّقتهم المصالح؟
مناضلو 7 آب 2001 في "التيار"... هل فرّقتهم المصالح؟
A+ A-

في 7 آب 2001 لم يعلم النظام المخابراتي اللبناني-السوري أن ايامه شارفت على النهاية، وظنّ أن في امكانه طمس الحقيقة كما فعل دوماً منذ إحكام قبضته على لبنان بعد اتفاق الطائف. صحيح انه أعد عدته واعتقل شباب "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" مساء ذلك اليوم، لكن ذلك لم يمنع عدداً من المناضلين الذين لم يعتادوا الخنوع والزحف الى عنجر آنذاك، من التجمع امام قصر العدل في التاسع من آب للمطالبة بالعدالة للوطن والمواطن. أزلام النظام السوري لم يوفروا شيئاً لضرب الشبان الذين تجرأوا وتجمعوا نصرةً للعدل والحرية والسيادة. بالأيدي، بالأقدام، بالعصي والهراوات وبالبارودة والمسدس، اعتدوا عليهم ضرباً على الرأس والوجه في كل نقطة من أجسامهم، جرّوهم من شعرهم، لم يوفروا شيئاً ليؤكدوا وفاءهم للظالم والمحتل. لكن المناضلين صمدوا وخرجوا أحراراً من السجون حتى كلّلوا نضالهم بالنصر وخروج المحتلّ في العام 2005. البعض يعتبر ان مسيرة "التيار" الذي كان ينتمي اليه معظم المشاركين في تحرك 7 آب، تسير اليوم بعكس السياق النضالي الذي عُمّد بالدم والتضحيات، والبعض الآخر يجد ان السلوك السياسي الجديد للتيار يتناسب مع المرحلة الجديدة ولا يلغي التضحيات السابقة بل يكملها.


معظم المناضلين من الذين تعرضوا للملاحقة والضرب كانوا من "التيار"، وفي طليعتهم النائب الحالي زياد أسود الذي انتشرت صورته في معظم وكالات الأنباء والصحف حين كانوا يجرونه ويضربونه تحت صور الرئيس السابق اميل لحود.


"ضربوني وجرّوني وكنت هادئاً"
يستعيد أسود تلك اللحظات قائلاً: "عندما ضربوني وجروني على الأرض كنت بصفاء ذهني كبير واعتبرتها نعمة من الرب، لأنني كنتُ أعلم أن الذي يضربني خصم شرس لا يخاف شيئاً، أعصابي كانت فولاذية واعتبرت نفسي انني انتقل إلى مرحلة اخرى عليّ التكيّف معها ومواجهتها بهدوء، وفي المحكمة العسكرية واجهتهم وأتعبتهم وورطتهم، وأثبتت أن الذين كانوا يحكموننا حفنة صغيرة من الاحتلاليين وكانوا يجعلوننا نوقّع على أمور مزورة وغير صحيحة".


رفضنا الدولة القمعية
وعن سبب مشاركته في تحرك 9 آب، لا يتردد بالقول ان احداً لم ولن يستطيع منع حلمنا بدولة قوية حتى الاحتلال السوري، وان نزوله الى تلك ساحة كان باقتناع كامل وبلا خوف. وأوضح: "شاركت في 9 آب لأن رفاقي كانوا موجودين، ولأسجل اعتراضاً على هذه الدولة القمعية الاحتلالية، ولنقول لها امام قصر العدل انك قادرة على اعتقال 200 شاب لكن ليس في امكانك قمع شعب. بإمكانك ان تستعملي القضاء أداة للقمع لكن لا يمكنك ان تزوري العدالة، شباب 7 و9 آب لم يتغيروا، حلمهم لا يزال نفسه بناء الدولة القوية".


يفضلون المصالح على الدولة القوية
أسود المناضل الشرس في السابق والنائب الجريء في "التيار" لا يخفي بعض الملاحظات التي يجدها اساسية، ويجب التمعن بها من اجل تضحيات الماضي وبناء مستقبل افضل. ويقول: "اليوم، ويا للأسف، نصطدم بمجموعة تريد نقل هذا الحلم الى مكان آخر، الى مكان أكثر سهولة لترتيب المصالح، بعكسنا نحن، لو أردنا ان نكون هكذا كنا تركنا النضال في العام 2001 وذهبنا للاهتمام بأعمالنا ومستقبلنا وبعائلاتنا، وليس التضرر جسدياً كما حصل للبعض منا ولم يتمكنوا من إكمال دراستهم، والبعض منا كانت أعمالهم ناجحة وتضررت لأنهم انخرطوا في النضال والبعض تم التعرض الى كراماته. البعض تعب من النضال بعكسنا، بدأنا في 7 آب 2001 300 شاب وما زلنا اليوم في 7 آب 2016 نحو 300 شاب، لم تكن ثمة مصالح شخصية كما حاصل اليوم، كان هناك قضية مركزية ".


لا يمكن بناء دولة مع سارقها
ويضع أسود الإصبع على الجرح الذي بدأ اليوم شيئاً فشيئاً بين فكرين في "التيار" ، قائلاً: "المشكلة اليوم مع البعض انهم نسوا التضحيات ويمارسون سياسات ربح موسمية تدرّ عليهم منافع مادية وسلطوية، لكن نحن مناضلو 7 آب كان الموقف السياسي يخسرنا معنوياً وجسدياً ومادياً. حلمنا كان بناء دولة حقيقية للجميع وتحكم بالعدل بين الجميع، وصحيح انه في امكانك بناء الدولة مع من هدمها، ولكن ليس صحيحاً ان تبني دولة مع مَن تعامل مع المحتل، وأن تحارب الفساد مع من سرق الدولة".


لم نتمكن من توقيف سارق
"اليوم لا يزال النضال موجوداً في قلوب بعض الشباب ولكن ليس في سلوكهم، هناك ادبيات يجب ان نعممها مجدداً، البعض في قلبه النضال ولا يفعل شيئاً، تعب. والبعض الآخر اراد ان يقلد الآخرين ويريد ان يحسن وضعه ومصالحه الشخصية، والبعض مثلنا يواصل النضال كل يوم ولا يزال على صلابته وصفاء ذهنه. اليوم هناك بلادة سياسية، أو خمول سياسي وتخلي عن القناعات السياسية، وترسيخ لفكرة ان السياسة فن الممكن "ومين أخد امي صار عمي". صحيحة هذه الأفكار لكنها أوصلت لبنان الى هذه المرحلة السيئة، اذاً يجب الترفع عن المصالح والماديات والا سنكون تياراً سياسياً مثل غيرنا غير قادر على التمرد والتغيير، وأصبح لنا 10 سنوات في السلطة ولم نتمكن من تحقيق أي خطوة إصلاحية دستورية قانونية ومالية واقتصادية، ولم نتمكن من توقيف سارق، ولا زلنا ننتظر اشارة من الخارج لنقوم بشيء يخصّ لبنان ونحن أصحاب القرار في شأنه، لم يعد هناك قضية جدية عند المسيحيين، ويجب ايجاد قضية تعيد وحدتهم ونضالهم".


ضربونا ولم نخف
القيادي في "التيار" منصور فاضل الذي تحدى ايضاً حقد الاحتلال السوري وعمالة أزلامه في لبنان، وأراد استعادة الحقوق المسلوبة، لم يتردد من المشاركة في تحرك 9 آب. ويتذكر تلك الحقبة بفخر كبير، قائلاً "في 7 آب داهموا مكاتبنا واعتقلوا البعض، وفي 9 اب انقضوا علينا امام قصر العدل وضربونا لكن لم نخف لاننا اصحاب حق. وهذا اليوم مؤرشف في ذهني وفي الصور التي لا زلت احتفظ بها حتى اللحظة، والصفحة الاولى من جريدة "النهار" في اليوم الثاني، ولو عاد التاريخ بي الى الوراء لكنت قمت بالشيء نفسه من دون تردد".



تحركنا أساس كل شيء
ويولي فاضل أهمية كبيرة للتحرك البطولي الذي قام به المناضلون أمام قصر العدل ويعتبر انه اساس التحرر الذي حصل في ما بعد، وأعاد الحقوق للبنانيين والمسيحيين خصوصاً. وقال: "سألني ضابط المخابرات في وزارة الدفاع، لماذا شاركت في التحرك امام وزارة العدل، ولديك عائلة وولدان وعملك يسير بشكل جيد، فأجبته:" لأنه لدي اولاد، انا هنا، اردت ان أحافظ على حقوقنا المسلوبة". واعتبر انه "لولا التحرك الذي قمنا به، ما كان ليعود الجنرال عون ويخرج الدكتور سمير جعجع من السجن، وحصلت الانتخابات النيابية في غياب الوصاية السورية، وما قمنا به في ذلك اليوم لم يذهب سدى".


النضال موجود لكن بأسلوب جديد
ويرفض فاضل مقولة أن النضال لم يعد موجوداً، ويؤكد وجوده لكن الاسلوب تغيّر وفق المرحلة الجديدة التي نعيشها من النضال السياسي، وقال: "النضال تغيّر لأن الظروف تغيّرت، التحرير غير التحرر. نحن اليوم في مرحلة طويلة وصعبة اكثر من التحرير، في السابق كان خصمنا واضحاً وظاهراً ومحدداً، نحن اليوم في مسيرة اصلاح وعادات ومجتمع واسع عليك ان تتكيّف معه وان تلبس لباسه كي لا تكون مختلفاً عنه ويرفضك".
دم جديد ملتزم بالتيار
ويتابع "البعض اعتبر ان النضال انتهى مع خروج الجيش السوري من لبنان، وان العمل السياسي والنضال في السلطة شيئان ثانويان واتفهمهم لكن لا اؤيدهم، والبعض الاخر اعتبر ان الانتقال الى المرحلة السياسية امر صعب بعدما جربوها ولم يتمكنوا من التأقلم معها، وهناك فريق آخر في "التيار" دخل على اللعبة السياسية لكنه لا يعلم شيئاً عن النضال القديم، لكنه ملتزم بالتيار وبقيادته وطرحه السياسي".


 


جاهزون للتضحيات مجدداً
وعن التضحيات التي قد تتطلبها اي مرحلة جديدة من النضال، قال: "النضال مسيرة طويلة، في الماضي تطلبت منا مقاومة على الارض وبالجسم الحي، واليوم هناك مقاومة في مكان آخر وبطريقة جديدة وفي اسلوب مختلف عن السابق، ونحن نخوضها، واذا تطلب يوماً ما النضال العودة الى الارض، نحن جاهزون".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم