الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

"النصر الإلهي" الأخير

رندة حيدر
A+ A-

الانجاز العسكري الباهر الذي حققه "حزب الله" على إسرائيل في حرب تموز 2006 ترك صدمة عميقة الأثر في وعي الإسرائيليين مجتمعاً وجيشاً. وقد اعتبر في حينه أن مجرد صمود الحزب في مواجهة الجيش الإسرائيلي مدة 33 يوماً، واطلاقه الصواريخ حتى الساعات الأخيرة التي سبقت وقف النار، هما بمثابة انتصار تاريخي، و"نصر إلهي" على حد تعبير الأمين العام للحزب حسن نصر الله، على أهم قوة عسكرية في المنطقة.


لقد استطاع "حزب الله" بصموده هذا تحقيق ما سماه "توازن الردع"، ونجح في ارساء نوع من هدوء هش على طول الحدود مع إسرائيل لا يزال مستمراً منذ عشر سنين على رغم بعض الخروقات التي سجلت هنا وهناك. واستغل سنوات الهدوء الأولى من أجل بناء ترسانته الصاروخية التي أصبحت أقوى أضعاف أضعاف ما كانت عام 2006. وباعتراف الإسرائيليين أنفسهم تحول الحزب من ميليشيا إلى جيش نظامي بكل معنى الكلمة، وأصبح عملياً القوة العسكرية الوحيدة التي تهدد إسرائيل بعد تفكك الجيش السوري وتبدد الجيش العراقي.
خلال سنوات العقد الماضي أجرت إسرائيل مراجعة نقدية لإخفاقاتها في حرب تموز واستخلصت العبر. وبناء على ذلك أدخلت القيادة العسكرية تغييرات مهمة على عقيدتها القتالية وجعلتها أكثر ملاءمة لهذا النوع من الحروب غير المتناظرة. ومن أهم الدروس التي تعلمتها إسرائيل أن اي حرب جديدة تقع سيدفع ثمنها في الدرجة الأولى المدنيون من الطرفين، لذا بدأت بإعداد المجتمع الإسرائيلي لهذا الامكان، وطورت منظوماتها الدفاعية المضادة للصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى مثل "القبة الحديد". الدرس الثاني ان الشروط الاستهلالية للحرب المقبلة ستكون صاعقة ومدمرة، وستشارك جميع أسلحة الجيش من دون استثناء في المواجهات، مع احتمال كبير لعمليات توغل بري داخل أراضي لبنان. والدرس الأهم أن اي مواجهة عسكرية مستقبلية يجب أن تنتهي بحسم عسكري وبتغيير جوهري للوضع.
التقديرات الإسرائيلية التي ظهرت في الفترة الأخيرة في ذكرى مرور 10 سنين على حرب تموز استبعدت ان يجرؤ الحزب في ظل الظروف الحالية التي تعصف بالمنطقة وفي ضوء تورطه الكبير في الحرب الأهلية السورية الدموية على شن حرب أخرى على إسرائيل، لأنه يدرك أنه سيعرض لبنان كله لدمار غير مسبوق.
لقد تبدل مضمون الانتصار الذي حققه "حزب الله" في حرب تموز 2006 مع مرور الوقت ومع التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة وانعكاساتها على القدرات العسكرية للحزب ومكانته داخل لبنان وخارجه. وهو صار يشبه الانتصار الذي حققه الجيش المصري في حرب تشرين 1973، آخر الحروب المصرية – الإسرائيلية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم