يضطرنا بعضهم الى متابعته ببهجة، وإن كانت في الحديث ذيول مؤلمة. بدا المسرح طافحاً بحضور سيدتين، الفنانة كارول سماحة "السيدة"، والإعلامية جمانة بو عيد سيدة ثانية. نشتاق رقياً في الحوار، ففساد السلوك كاد يكون مهلكاً.
"لقاء خاص"، أو "Special كارول سماحة"، لشيء من دقة المعنى. تتقن بو عيد تحضير أوراقها في كل مرة تحاور فناناً. شخصية كارول ما عادت لغزاً منذ "اكس فاكتور"، فتركت بو عيد أمام تحدّي ما لم يُقل. البداية مع أغنية "احساس": "احساس كبير ضيّعتو".
اطلبوا منا وصفاً للحلقة بكلمة، وسيأتيكم الردّ: محترمة. لا صعوبة في الاختصار. لم تشأ بو عيد ان تباغتها كارول في التكتّم عما يخصّ شجون القلب. الذكاء متعب من أجل حلّ آخر. قد تُسمَّى الآلية حشرية أنيقة، وتشترط الخبرة والثقافة. فارق جوهري ما بين الحيلة المدروسة للحصول على الخبر، وابتذال الأسئلة الصفراء وسطحيتها.
انها الذكريات، وقد تبدو حاضراً لطيفاً حين يخوننا الواقع. ايلي أحوش أعدّ تقريراً عن المكان الذي ولدت فيه كارول، الخنشارة، وعن رحلة طويلة بدأت بموهبة وخطوة. والمخرج كميل طانيوس صوّر دموعاً بالكاد تُرى. نحتاج من وقت الى آخر لان نُعامَل مثل ورقة بيضاء، فتملؤنا الشاشة بأخبار نظنّ اننا نعرفها. كارول والمُشاهد العادي أمام الحق عينه في المعرفة.
اعادة قصّ الحلقة قد يبدو أشبه بوسيلة ملتوية لملء السطور، فيما المواقع الالكترونية جُهِّزت من أجل الباحثين عما فات. الومضات أجدر بأن تُكتب، كأن تقول كارول إن أغنيتها "تطلّع فيّ هيك" هي التي عرّفت مصر على الأغنية اللبنانية، لتقاطعها بو عيد مصوّبة: للأمانة، "مين حبيبي أنا" كانت أولاً. خاص كارول عبر الـMTV، هو خاص جمانة بو عيد، وهي تعرف متى تصغي، تقاطع، أو تلتزم الصمت اذعاناً لشعور يتطلّب ذلك.
لن نغيب عما نراه صريحاً في انسان. أطلّت بفستان أبيض أشبه بصفاء يسكنها، ومكياج وتسريحة شعر يرفضان المبالغة، وتحدثت عن معايير التقويم في لجان التحكيم: مراعاة شعور المشترك الذي لم يعتد هيبة المسرح، وشعور الحكام الزملاء في اللجنة، وانطباع الجمهور في كل الدول، وتكلّمت أيضاً على نقص في الثقافة الفنية عند بعض الأعضاء. سألتها بو عيد توقعاً: ماذا لو كانت الفنانة إليسا في مكانكِ الآن، ماذا كانت لتجيب؟ كارول تتهرّب. لا أحد يعلم في مكنونات النفوس. لا يهمّ. المهم ألا تطفو الأحقاد على الشاشة.
نصدّق أن كارول سماحة لم تغشّ الجمهور باصطناع مواقفها. بعضهم يغني فيطربنا، وحين يهمّ بالكلام، نتمنى لو اننا لم نولد مع حاسة السمع. ولكن كارول مغايرة. شخصية تعامل المسرح مثل رجل خُلق كي يُعشق. ما الذي أتانا على ذكر العشق وجمانة بو عيد سألتها عن الحب، فتلعثمت؟ يحق لها الاحتفاظ بأشياء تعتقدها لها وحدها، اسم الحبيب وهويته وما يُوشوَش همساً. في باريس، كان الاعتراف: "ليس واجباً على المرء أن يتعرّى. في الفنّ ممكن، وإنما في المقابلات، لا". أقنعتنا.
ساعتان ونحن نستطيب حديثاً عن الفن والمكان والنقص في المرأة وتعويضه في العمل. بو عيد لا تتركنا أمام الفراغ، وكارول لا تعبّر من دون أثر. هي الآن على وشك ان تتزوّج. تقول إن الحب ملأ حياتها بعد ثقل الوحدة. تسألها بو عيد ان تتمنى لإحداهن ارتباطاً قريباً. الجواب ذو حدّين: "أقول لإليسا عقبالك".
[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima
نبض