مؤتمر فيينا : قطار الحل على مسار وعر

وضع مؤتمر فيينا قطار الحل السياسي في سوريا على السكة، ولكن المسار بدا وعراً وفيه الكثير من التجاذبات والخلافات. وما اتفق عليه ادرج في بيان مقتضب، وما وقع الخلاف حوله ارجئ الى جولة مقبلة تحدد في الاسبوعين المقبلين. شهد المؤتمر الكثير من شد الحبال والسجالات والاتهامات المتبادلة لاسيما بين وزيري خارجية ايران والمملكة العربية السعودية ازاء الدور في سوريا. وخارج قاعة المؤتمر عقد الكثير من اللقاءات والمشاورات الثنائية ، بقي الأخذ والرد ساعات حول نقاط خلافية لاسيما بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد وحول توصيف الارهاب ومن ينطبق عليه هذا التوصيف.

اللقاء الدولي الموسٰع في فيينا لم يأتِ لمجرد التقاط صورة تذكارية بقدر ما يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الاتفاق الدولي على الحل السياسي في سوريا ، حتى وان احتاج الى مسار طويل. وعلم من اكثر من وفد مشارك ان مسار الحل السياسي جدي ولكنه طويل ومعقَّد".

واشار الموفد الروسي الى الشرق ميخائيل بوغدانوف الذي كان الى جانب وزير الخارجية سيرغي لافروف ان البيان الختامي مقبول ولا بأس به
الدعوة وجهتها الولايات المتحدة الاميركية، وللمرة الاولى جمعت وزراء خارجية ١٧ دولة تقدٰمهم رؤساء دبلوماسية الولايات المتحدة وروسيا والدول الاعضاء في مجلس الامن، اضافة الى ممثل الامين العام للأمم المتحدة ستيفان دو مستورا، ووزراء خارجية دول الجوار مع سوريا، وبعض دول الخليج ، اضافة الى ايران التي جلست للمرة الاولى مع المملكة العربية السعودية على طاولة واحدة وان موسّعة للبحث في الموضوع السوري. كما شارك وزير خارجية سلطنة عمان التي تلعب دور الوسيط في التوصل الى حل يضع حداً للحرب الأهلية في سوريا.

الغائب الاكبر عن المؤتمر الذي يبحث آلية الحل في سوريا كان النظام السوري كما كل اطياف المعارضة السورية. ووفق المعطيات ، ان المحور الاساس لورقة العمل قيد التداول بين المشاركين في المؤتمر كان "الحل السياسي والمرحلة الانتقالية في سوريا". والنقطة التي انقسم حولها المجتمعون كانت دور ومصير الرئيس السوري بشار الأسد،وهم بذلك توزعوا في ثلاثة محاور :

- روسيا وايران الداعمان الاكبر للاسد ويصرّان على إلزامية اشراكه في الحلّ ويرفضان رحيله الفوري .
- الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية يصران على رحيله.
- الدول الغربية ولاسيما اوروبا التي ترى امكانية اشراك الأسد في المرحلة الانتقالية.
لم يكن متوقعاً ان يصدر اتفاق في المؤتمر الذي يعتبر تمهيداً لاتفاقات لاحقة يفترض ان يستكمل البحث بشأنها في اجتماع اخر يعقد الاسبوع المقبل، وستعمل الولايات المتحدة على ترتيب موعده.
وكان وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية جون كيري ولدى وصوله الى المؤتمر عبٰر عن امل لا يرقى الى مستوى التفاؤل بإمكان التوصٰل الى حلٰ.
ووزير خارجية فرنسا لوران فاببوس عبّر بدوره عن امله بحصول تقدّم بالرغم من انه يراه صعباً جداً .

وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل كانت له مداخلة في المؤتمر المغلق شدد فيها على الحل السياسي في سوريا وعلى عدم فرض اي قرارات على الشعب السوري الذي يعود له تحديد خياراته بشأن قيادته. وعرض للمشاكل التي يعاني منها لبنان جراء الحرب السورية لجهة النزوح وتمدّد الارهاب ودعا الى المساعدة في اعادة النازحين السوريين الى ارضهم وتقديم المساعدات لهم داخل سوريالتشجيعهم على العودة كي يأتي الحل السياسي شاملاً ولا تبقى هناك مشاكل كبيرة دون معالجة جوهرية. وأثر المؤتمر عبّر باسيل عن ارتياحه للبداية الجديدة لاسيما لجهة اعتماد خيار الحل السياسي ، آملاً بالتوصل الى تفاهم يشمل كل القضايا الخلافية.

والاجتماعات الثنائية التي عقدت على هامش المؤتمر اكتسبت اهمية كبرى في تعبيد الجسور بين الدول المتنازعة بشأن القضية السورية. ولعل ابرز هذه اللقاءات التي عقدت عشية اللقاء الموسع بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والايراني محمد جواد ظريف، وبين ظريف وكل من وزير خارجية روسيا ، وموغوريني ظريف وفيديريكا موغريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي التي كانت قالت ان هذا اللقاء هو لتمهيد الطريق لمؤتمر ثان في الثالث والرابع من الشهر المقبل.

مشاركة ايران للمرة الاولى ومشاركة سلطنة عمان التي تلعب دور الوسيط في التوصل الى حل يضع حداً للحرب الأهلية في سوريا
وللمرة الاولى يكون ايران والمملكة العربية السعودية على طاولة واحدة في موضوع سوريا
وقال الجبير :"اصررنا على عدم وجود اي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا ولا زال هناك خلافات حول موعد رحيل الأسد واتفقنا على عقد اجتماع مقبل لتقريب المواقف بما يتعلق بموعد ووسيلة رحيل الأسد .
وموقف المملكة خط احمر لجهة التمسك برحيل الأسد، ونامل ان يكون الحل في سوريا سياسياً ونتطلع الى القدرة على ايجاد حل وان نستطيع الوصول الى وسيلة تحقق ذلك واذا لم نتوصل الى ذلك فستستمر بدعم المعارضة ألسورية المعتدلة.

روسيا يمكن ان تلعب دوراً إيجابياً جداً في سوريا بدفع لأسد الى الرحيل وتطبيق جنيف واحد ومساعدة الشعب السوري ببناء مستقبله وبمحاربة داعش".
الموقف الروسي من بشار الأسد مازال نفسه وهو ان الشعب السوري هو الذي يحدد قيادته.
الحديث عن الموعد المقبل يتحدد في الاسبوعين المقبلين وبقي عالقاً كيفية البدء بالعملية السياسية وانشاء المجلس الانتقالي...

باسيل تحدٰث بعد اللقاء عن "محاولة ابعاد لبنان عن المشاكل في سوريا وعن الانطلاق من أفكار تجمع ولا تقسم ومنها محاربة الارهاب والنازحون، وانه طالب بأن يترك للشعب السوري تحديد مصيره."
واعتبر ان ما تمّ التوصّل اليه في اجتماع طويل ومنهك هو "بداية تضعنا على طريق الحل السياسي ، وابعاد الخيار العسكري، واعتماد الحوار بدلاً من الحرب".
ورأى ان الورقة فيها الكثير من النقاط الالتقائية وما حصل خلاف حوله يستكمل في جولة اخرى قريبة .