الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

لبنان يواجه العاصفة السوداء

المصدر: النهار
عباس صالح
A+ A-

ينظر مرجع أمني كبير بعين الارتياح الى ما تم انجازه على مستوى حفظ الامن والاستقرار في لبنان، ويعتبر أننا ما زلنا رغم كل ما يحدث وما يمكن ان يحدث من خروق، بألف خير في إزاء تداعيات العاصفة السوداء التي تجتاح المنطقة ككل. وذلك ناتج من اعتبارات عدة ليس أقلها، بل في مقدمتها الاجراءات الامنية الاستباقية التي تنفذها الاجهزة الامنية اللبنانية على اختلافها، والمستوى العالي من التنسيق فيما بينها، اضافة الى الامن السياسي الناتج من التفاهم على ضرورة مكافحة الافكار المضللة التي نخرت المجتمعات العربية والاسلامية وباتت تطرق بقوة على ابواب دول الخليج العربي.


في هذا السياق يكشف المرجع الامني لـ"النهار" الى ان الوثائق الامنية التي عممت قبل يومين صحيحة في شقها المعلوماتي، بحيث ان ثمة تقارير وصلت فعلا الى الاجهزة الامنية تشير الى ان سيارات تم تفخيخها، في أمكنة معينة ويعتزم ارهابيون تفجيرها في أماكن غير محددة في أي لحظة. ونحن عادة ما نأخذ هذا النوع من المعلومات على محمل كبير من الجدية باعتبار أننا مجبرين على ان نتعاطى مع هذا النوع من "الاخباريات" على أنه صحيح مئة بالمئة وليس بوسعنا ان نتوغل في عملية تدقيق المعلومات ومدى مصداقيتها نظرا لان عامل الوقت قد يغدر بنا وبالتالي قد تنفجر أي سيارة من تلك السيارات التي تمت الاشارة اليها في الوقت الذي نكون فيه في طور تأكيد المعلومات، ونحن وغيرنا من الاجهزة الامنية، مجبرين على التعاطي بمنتهى الجدية مع الاخباريات التي تردنا في هذه السياق، سواء كانت صحيحة او غير صحيحة، لا بل نحن مجبرين على أن نعتمد إجراءات الامن الاستباقي التي اعتمدناها منذ مدة والتي حصدنا من خلالها انجازات شهد لنا فيها الجميع، وكنا سباقين في هذا الصدد حيث تمكنا من احباط عدد لا بأس به من العمليات الارهابية التي كان الارهابيون يعتزمون تنفيذها في مناطق لبنانية معينة.


ولكن، في مقابل ذلك، كيف يقرأ في أبعاد ومرتكزات هذا النوع من التسريبات اذا ما كانت تعمم في اطار التضليل الامني للاجهزة من قبيل مجموعات إرهابية، وهل يؤخذ هذا الاحتمال في الحسبان لدى الاجهزة المعنية يقول :"بالطبع، نحن لا نهمل أي فرضية على هذا المستوى سواء كانت سلبية أم ايجابية، وهناك احتمال كبير ان يكون تعميم هذا الجو مطلوبا بهدف تخويف المواطنين وإبعاد الانظار عن نوع آخر من العمليات او حتى إلهاء الاجهزة لتمرير شيء آخر في مناطق أخرى،أو ربما يكون للأمر أبعادا اقتصادية، بعد الارقام الكبيرة في الحجوازات وحركة المسافرين الضخمة في المطار وعلى المعابر الحدودية، لا سيما وان أعداد الوافدين الى لبنان فاقت كل التوقعات ولا سيما في صفوف المغتربين اللبنانيين والذين يعملون في الخارج، وثمة مثالا على ذلك حيث أرسلت شركات الطيران قبل نحو اسبوع 9 طائرات فارغة الى دول خليجية بهدف تحميلها بمسافرين لبنانيين وخليجيين حجزوا لقضاء العطلة الصيفية في ربوع الوطن، في حين تشير ارقام الحجوزات في الفنادق اللبنانية الى شيء مماثل، وكل ذلك ناتج من ثقة اللبنانيين بوطنهم وأجهزته الامنية، ومن إدراك الجميع لحقيقة مفادها ان أي مكان في هذا العالم ليس في مأمن من الهجمات الارهابية، وان مستوى المخاطر على هذا المستوى مرتفع في كل بلدان العالم وأولها بلدان الخليج العربي وبما فيها بلدان أوروبا واميركا التي لم تعد في مأمن، وبالتالي أصبح الكل في هذا الهم وهذه المخاوف سواء، وبات الجميع يدرك اننا في مواجهة مفتوحة مع طروحات ظلامية سوداء لا أفق لها، كونها لا تدين بعقل ولا منطق ولا دين ولا أي قواعد إنسانية يمكن ان تشكل لمعتنقيها نقطة التقاء حولها او امكانية تعايش مع أي كان، وبالتالي بات هؤلاء الإرهابيون عبارة عن آلات قتل عشوائي، يقتلون ويسلبون أياً كان من أجل القتل، ويرتكبون أبشع انواع الجرائم، أينما كان، ولا سيما على بعض الساحات التي احتضنتهم بداية بهدف الافادة منهم.


في هذا السياق، يفصح المرجع الامني لـ"النهار"، عن حقيقة باتت واضحة أمام الجميع اليوم، هي ان تنظيم داعش تحديدا، هو ورقة حاولت جميع الاطراف في المنطقة والعالم وحتى في الداخل استثمارها من اجل ابتزاز أخصامهم بها في لعبة شد الحبال السياسية، ويشدد على كلمة "الجميع بلا استثناء" أي ان كل الدول والاطراف السياسية في الشرق الاوسط وفي العالم، حاولت اللعب بهذه الورقة واسثتمارها، في وجه الاخرين انطلاقا من ان عملية استثمار مثل هذه الجماعات مسألة سهلة جدا، وبالتالي حاول الجميع ذلك، لكن أيا من تلك الدول والاطراف والجهات لم يسلم من ضربات الارهابيين، بل ربما كان نصيب كل من لعبوا بهذه الورقة من الاعتداءات الارهابية أكبر من غيرهم ممن حاولوا.


وعليه يخلص المرجع الامني، الى القول، من هنا فاننا نتفهم تعالي الصرخات التي تصدر من بعض الساحات، وخصوصا من تلك التي حاولت بداية احتضان تلك الوحوش البشرية، في اطار حسابات سياسية وغير سياسية لتصطدم بعد مدة بواقع كان صادما للجميع حقا، وهو ان هذا الفكر قاتل واحتضانه ليس الا كاحتضان قنبلة منزوعة الصاعق، ستنفجر بحاملها، قبل غيره، في أقرب وقت.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم