آخر صيحات"الموضة" الفنية: صغار يغنون الأوطان والمشاعر. بات لجورج زغيب، الولد الذي وُصف بالمعجزة فيما العالم تخطّى المعجزات، أكثر من منافس. مراهق في الرابعة عشرة يدعى كريم عبده، أحدهم. الشاب مدعوم من كاتب الأغنيات فارس اسكندر. باكورة اصدارته، أغنية "القلب الأبيض"، عرضتها حصرياً فضائية "أرابيكا"، قبل ان يُرفع طلب للعرض عبر القنوات الأرضية الى الأمن العام، فيتحفّظ ويمتعض من دون ضجة.
مهنة اليوم والغد وكل الأيام الآتية: أداء الأغنيات. كزميلاتها المنافسة، تتبنّى فضائية "أرابيكا"، التي تبثّ من لبنان، مواهب الباحثين عن فرص لم تعد نادرة. الـ "Exclusive" ترافق الكليب من نقطة الانطلاق الى خط الوصول. شيءٌ أطلّ عبر الشاشة بدا مختلفاً. اختلافٌ ليس من النوع الذي يحضّ على الصدمات الايجابية: ولدٌ تدرّب على تأدية دور العاشق! عندما يكون الوقت ليلاً، تُصبح الغرائب شبيهة بالهلوسات. علامات استفهام ملحّة تسيل من العين بينما نتثاءب. مراهقٌ يغني الخيانة، من كلمات فارس اسكندر وألحان سليم سلامة، ويظهر في الفيديو كليب كمن صال وجال في عالم المرأة، من دون ذاك الشعور الخارق الذي يحرّك أعماق البحار. دورٌ أوكل اليه جعل الصورة تبدو فضفاضة أمام الكاميرا: قيادة السيارة، ارتياد المطعم لملاقاة الحبيبة، وصولاً الى مشهد الخيانة وما يرافقه من دموع وذكريات بالأبيض والأسود، الى ملامسة وجه المراهقة وشعرها.
الاعلانات تجهد لنتقبّل أن للقيادة آداباً، والبعض كمن يضرب الجهود والآداب عرض الحائط. مراهق بينه وبين سنّ الرشد أربع سنوات، يقود سيارته كملك لا يخشى حدوداً أو اعتبارات! الليل والسهر وتبادل الهدايا، كالحرية ورخصة القيادة، كلها حمّالة أوجه. اسبوعان من العرض عبر فضائية "أرابيكا"، قبل ان يحين وقت الهبوط الى الأرض. لم يرق الأمن العام مشهد قاصر يسرح ويمرح في سيارة، فيما الدولة لا تفوّت مناسبة إلا وتعيد معزوفة الاجراءات الجدية لضبط مخالفات التساهل في منح رخص القيادة. علمت "النهار" ان الكليب لن يُعرض عبر القنوات الأرضية إلا بعد قصّ هذه المَشاهد. الجمعيات المعنية بسلامتنا استنفرت وأوعزت الى الأمن العام التحرك. الأمور تُطبخ على نار هادئة وسط استجابة كاملة من المعنيين بالأمر. فارس اسكندر يسجّل امتعاضاً كردّة فعل ضرورية. كونه ولي أمر مسيرة "فنانه الصاعد" بموجب عقد موقّع بينه وبين عائلته، بدا مدافعاً شرساً عن ظهوره "الطبيعي". يقول لـ "النهار": "كفانا مثالية. الجيل الجديد يفعل أكثر من ذلك". فات الابن البكر للفنان محمد اسكندر ان الجيل إياه الذي يتحدث عنه يفترض التعامل معه حساً اضافياً من المسؤولية، وأنّ مخاطبته بالغرائز والمغريات لن تردعه عن "الممنوعات" بقدر ما تستفزّه على الفعل الذي يُردد على ألسنة المراهقين دائماً: التجربة.
على خط متصل، برز جورج زغيب مغنياً عليه القدر والقيمة، يحيي الحفلات الطويلة. ذكرنا بأنه لم يعد صغيراً، قبل ان تتجمّع كل معالم السياحة اللبنانية في كليب وطني من الطراز الأول، عبر أغنية "وجعك يا وطني"! حتى العلم اللبناني، بالنسبة الى البعض، كومبارس بارع. جوليان عزام أيضاً "ظاهرة" قلّ نظيرها. تخرّج من برنامج "Talenteen" الخاص بالمواهب الصغيرة على OTV. الوالد قال لـ "النهار" ان عملاً جديداً، عاطفي الاتجاه، سيجمع ابنه بالجمهور في الأسابيع القليلة المقبلة.
الصغار يمتهنون الغناء في محاولة لاستعجال المستقبل وتصويره لاهثاً أمام الحاضر. يتركون انطباعاً لدى المُشاهد بأن الفانز والحفلات والفيديو كليبات والتصفيق والمقابلات أولاً، ثم المدرسة. المواهب مميزة، نقرّ لهم بذلك. ولكن عندما سئل شعبان لماذا لم يأت في رمضان، كان الجواب: "كل شي بوقتو حلو"، وهذا صحيح تماماً.
نبض