الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

النسيج اللبناني في خطر أمام سلطة عاجزة تحللت معها الدولة وفرص الحياة

المصدر: النهار
سابين عويس
سابين عويس
السلطة الحاكمة
السلطة الحاكمة
A+ A-

في حال الإنكار التي تعيشها السلطة الحاكمة لعمق الانهيار المالي والاقتصادي، وما رتبته ولا تزال على البنية المجتمعية وشبكة الأمان التي تحمي الاستقرار الاجتماعي، ثمة استحالة فاضحة لديها بما ومن تمثل، للاستفاقة ولو المتأخرة على حجم الكارثة الاجتماعية التي تتهدد اللبنانيين في حياتهم ومستقبلهم وآمالهم وطموحاتهم بالعيش الكريم في وطن آمن ومستقر ومزدهر.

في أوج الحرب الأهلية وعلى مدى عقود من الصراعات التي غلّبت الاضطراب وعدم الاستقرار على حياة اللبنانيين، لم يبلغ الذل والقهر واليأس والخيبة الحد الذي بلغته في بضعة اعوام، كانت كفيلة، تحت هدف إسقاط النموذج الاقتصادي القائم، إسقاط البلاد في جحيم الانهيار والافلاس، وتعرية نهج الفساد والاستهتار والزبائنية الذي أدى الى كشف تحلل الدولة بكل مؤسساتها.صحيح ان الانهيار ليس وليد ظروف آنية، ولا تُلقى بالتالي اسبابه على سلطة راهنة، لكنه من دون أدنى شك نتيجة حتمية لأداء سلطة قررت ان تعيش في الماضي وتتقاذف مسؤوليته، وتبكي فشلها وعجزها، عِوَض الانكباب على منع الانفجار الاجتماعي والمبادرة إلى قطع النار عن شرارته.

لكن الاحقاد كانت أكبر والتنصل من تحمل المسؤولية كان أعظم، رغم ان الحلول كانت ولا تزال موجودة، تماماً كما الفرص، ما دفع اللبنانيين الى اليأس والاحباط، بعدما ضاقت بهم سبل العيش في ظل تدهور مريع في قيمة العملة الوطنية أدى الى تراجع القدرة الشرائية لمداخيلهم، مقروناً بتراجع مقلق للثقة المحلية والخارجية بالاقتصاد والدولة، مع اعلان حكومة حسان دياب افلاس لبنان وتخلفه عن دفع متوجباته من الديون السيادية.

دخل لبنان في دائرة الغموض والقلق على المستقبل، بعدما أدى الانهيار المالي والاقتصادي الى فقدان نحو ٦٠ في المئة من القوى العاملة وظائفهم وسط أفق متشائم حيال إمكان استعادة تلك الوظائف او غيرها. فمؤسسات القطاع الخاص باتت على طريق الاقفال او الافلاس، الواحدة تلو الاخرى، من دون ان يرف جفن مسؤول بحثاً عن حل او دعم او حوافز توقف النزيف الاقتصادي، وتعيد شيئا من الحياة الى شرايين القطاع الخاص. فيما استمر القطاع العام المنتفخ والمترهل تحت عبء ٣٢٥ الف موظف مدني وعسكري، يتراجع ويثبت يوماً بعد يوم فساده وعجزه عن تقديم الحد الأدنى من الخدمات والانتاجية، كما تكشّف بعد الانفجار الزلزال في مرفأ بيروت.

انعدام فرص العمل والبطالة المتفاقمة أعداداً، معطوفَين على انعدام اي آفاق واعدة مستقبلية، دفعت اللبنانيين ولا سيما الشباب والشابات اصحاب الكفاءات الى أبواب السفارات طلبا للهجرة. وفي حين قدّرت مصادر ديبلوماسية الإعداد بنحو ٤٠٠ الف طلب هجرة، قالت دراسة معدة حديثاً عن احد الأحزاب السياسية ان هذه الإعداد ستصل الى المليون في نهاية السنة الجارية. علما ان الازمة تقترب كثيراً من القطاع العام الذي يعيش تحت وطأة بطالة مقنّعة مع تراجع القيمة الشرائية للرواتب بعد خسارة الليرة اللبنانية ٨٠ في المئة من قيمتها.

إن اخطر ما يواجهه لبنان اليوم بنتيجة الانزلاق التام نحو قعر الانهيار في كل ابعاده الاقتصادية والمالية وحتى السياسية، لا يكمن في التحلل الذي اصاب مؤسسات الدولة فحسب، معطِّلا قدرتها على التخطيط ووضع الرؤى الاقتصادية وتقديم الحوافز التي تصون وتحمي بقاء اللبنانيين في بلادهم، وانما ايضاً في التدمير الممنهج الذي تعرض له الاقتصاد بكل بنيته التحتية المصرفية أولاً ومن ثم التعليمية والاستشفائية والخدماتية والسياحية، تمهيداً لاعادة رسم النموذج الاقتصادي المرافق للنظام السياسي الجديد.

في الانتظار، تستمر السلطة في إغماض أعينها عن مستقبل شبابها، المستمرين بدورهم في اللهاث وراء تأشيرات دول تحترم الكفاءات وتؤمن بدورهم في بناء الاقتصادات وتأمين النمو والرخاء الاجتماعي والازدهار الاقتصادي.

هل من أمل بتدارك او باستفاقة متأخرة؟

علامة الاستفهام تبقى سيدة الموقف حتى سقوط النهج القائم.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم