الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

صوت خليجي لا يقل حماسة عن الإمارات

المصدر: النهار
حمزة عليان
صوت خليجي لا يقل حماسة عن الإمارات
صوت خليجي لا يقل حماسة عن الإمارات
A+ A-

الصوت الفاعل في الخليج العربي لا يقل حماسة عما أقدمت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة.

ما تسمعه في المنتديات السياسية وبين صفوف النخبة من التجار ورجال الأعمال ينتهي عند القول "آن للمنطقة أن تنعم بالسلام والتنمية" .

وفي النقاشات المغلقة، نبرة عالية إن قطار التصالح مع ٍإسرائيل لم يبدأ الآن، فالبوابة القطرية سبقت الخليج بسنوات بفتح مكتب تجاري تطل منه على المنطقة وسلطنة عمان ساحة خلفية للقاءات إسرائيلية توّجها السلطان قابوس قبل أن يتوفاه الله باستقبال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في العاصمة مسقط، والبحرين في قلب الحدث تستقبل شخصيات رفيعة، وإن كانت السعودية تستعين على قضاء حوائجها بالكتمان. هذا بخلاف ما تم توقيعه من معاهدات سلام بين الأردن (وادي عربة 1994) ومصر (كمب ديفيد 1979) .

وإذا شئت التوسع قليلاً، فانظر إلى ما حصل بين السودان وتل أبيب، أو ما بين موريتانيا والمغرب من جهة أخرى وإسرائيل؟

إن الخطاب السياسي السائد اليوم وعلى امتداد شطآن الخليج العربي مفاده، لقد ضاعت علينا فرص كثيرة في سبيل حياة مزدهرة وما حدث ليس "قضية خطيرة" كما أوضحها عبدالرحمن الراشد في صحيفة "الشرق الأوسط"، فهناك 163 دولة بالعالم من أصل 193 تعترف بإسرائيل كما يكتب، مستغرباً الضجة المثارة فقد تجاوز العرب على حد تعبيره "مرحلة التعامل معها ولم تعد صدمة بل قصة قديمة ومملّة"!

اليوم أبوظبي وغداً عواصم خليجية تتهيأ للدخول في "نادي السلام الإسرائيلي" باعتبار أن هذه القرارات هي شأن سيادي يعود إلى الدولة نفسها، وفقاً لمصالحها ورؤيتها، وتالياً تسقط المحرمات، السياسية من القاموس العربي.

إن ضخامة وتشعب العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وإسرائيل، قد تفوق في مستواها العلاقات بين الدول التي تقيم علاقات معها بشكل رسمي كمصر والأردن، وبالتالي كان الإعلان عن "السلام التاريخي" تحصيل حاصل.

يسود اعتقاد قوي في الأوساط الخليجية أن معظم دول المنطقة على استعداد، ومنذ فترة، "للتقرب" من إسرائيل بسبب خوفها المشترك من سياسات وأفعال طهران وأسباب أخرى، وهذا واقع سيكون من العبث تجاهله.

في القضايا الإستراتيجية يحضر السؤال الأكبر، ما هو الثمن الذي ستحصل عليه مقابل هذه الخطوة، وما هي المكاسب التي يمكن تحقيقها؟

إذا استبعدنا حالة الضعف التي تنتاب "مجلس التعاون الخليجي" والخلاف المستحكم مع قطر فستقرأ عناوين أخرى، تصب في إطار رؤية ذات طابع اقتصادي أكثر منه أيديولوجي، وهذا ما تعكسه خطة ترامب المعروفة "بصفقة القرن" .

لقد حققت خطوة السلام هذه اختراقاً نوعياً بوقف مخطط ضم الأراضي الفلسطينية وشراء الوقت لمصلحة حل الدولتين، وهذا ما جاء في افتتاحية صحيفة "الإتحاد" الإماراتية.

التحالف الاقتصادي بين اثنين من أكبر المجموعات الاقتصادية في الشرق الأوسط "صندوق أبوظبي السيادي يساوي 580 مليار دولار"، من شأنه إذا تحقق أن يؤدي إلى النهوض بالمنطقة ويخلق حالة من الازدهار والاستقرار! هكذا يتراءى لهم.

إذاً نحن أمام شرق أوسط جديد، سبق وأن دعا إليه شيمون بيريز وعمل على ترويجه وكذلك الإدارات الأميركية المتعاقبة.

ففي ظل توافر المال العائد من بيع النفط سيكون مربحاً الإبحار في تحويله إلى قوة سياسية، قبل أن يتهاوى ويفقد بريقه!

إدارة ترامب تشجع "رؤية للتعاون الإقليمي من أجل السلام والتكامل الإقتصادي" كما ينظر إليها ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، والتي تجد لها صدى تفاعلياً لدى رجال أعمال خليجيين.

في المسعى الأميركي، وكما في قراءة "صفقة القرن"، أن ثمّة خلطاً بين نزاعين منفصلين، النزاع الإقليمي والأمني بين إسرائيل وفلسطين والنزاع الديني بينها وبين العام الإسلامي،  لذلك تشجع المبادرة "قيام أكبر عدد من الدول العربية والإسلامية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل" لأن ذلك  سيساعد في الدفع بحل "عادل" للصراع!

لقد طورت "صفقة القرن"، "رؤية اقتصادية مفصلة لما يمكن أن يكون عليه مستقبل الفلسطينيين والمنطقة في حال وجود سلام ودعت وبإلحاح إلى أن تبدأ الدول العربية التي لم تحقق السلام مع "دولة إسرائيل" على الفور في تطبيع العلاقات معها والتفاوض في نهاية المطاف على اتفاقات السلام.

لقد سبق إعلان "صفقة القرن" أن استضافت مملكة البحرين مؤتمراً عالمياً أطلقت فيه الإدارة الأميركية "الخطة الاقتصادية للسلام في الشرق الأوسط" دعت فيه لإنشاء صندوق يجمع 50 مليار دولار من الاستثمارات وعلى مدى عشر سنوات!

من هنا يرى المراقبون الدوليون أن المنطقة الخليجية دخلت في مرحلة مختلفة تماماً هذه المرة عن سابقاتها وفق معطيات فرضت نفسها لتخرج من بحر الخليج العربي وهو ما يتلمسونه بكونه غير بعيد عن ما جاء في "صفقة القرن.

*إعلامي وباحث لبناني في الكويت

 [email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم