الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حلم حكومة الوحدة الوطنية والطريق الوعرة المؤدية إليه

المصدر: النهار
بلال خريس
حلم حكومة الوحدة الوطنية والطريق الوعرة المؤدية إليه
حلم حكومة الوحدة الوطنية والطريق الوعرة المؤدية إليه
A+ A-

مما لا ريب فيه أن حكومة حسان دياب فقدت شرعيتها بعد انفجار 4 آب. أطاحت هذه الجريمة بأي مبرر لاستمرار الحكومة من ناحية الإهمال والتقاعس تجاه التحذيرات من خطورة تخزين مواد متفجرة في المرفأ، في المرحلة المؤدية إلى الفضيحة الكبرى، أو من ناحية التقصير في إدارة الأزمة بعد حلولها سواء في تحمّل المسؤوليات أو التحقيق أو إعادة الإعمار. كما بدأت تظهر سريعاً مؤشرات التخلي عن الحكومة والطعن في الظهر ممن أعطاها الثقة في شباط 2020 من خلال كرّ مسبحة الاستقالات وبالتالي التصدّع في الركائز الداعمة لها من أفرقاء وأحزاب. وبالفعل، أتت الاستقالة الجماعية بعد أسبوع من الانفجار.

وفي ظل تسارع وتيرة التطورات السياسية، توازياً مع تحركات الشارع الغاضبة، بدأ يراود البعض حلم حكومة الوحدة الوطنية كحلٍّ إنقاذي بديل. في الواقع، فإن حكومة الوفاق هي حلم جميع الأفرقاء بدون إستثناء فهي تعود بالفائدة عليهم وتضمن ديمومتهم. أمنياً، تؤمّن هكذا حكومة سيطرة الزعماء والأحزاب على جميع الأجهزة الأمنية المخابراتية العسكرية كما يستطيعون مشاطرة النفوذ على مرافق الدولة الحيوية كالمرفأ والمطار والحدود البرية.

مالياً، تُعيد هكذا معادلة سيطرة السلطة على القرار المالي في البلد من خلال المحاصصة والمحسوبيات وترسّخ من جديد حكم المصرف لما فيه من مصلحة مباشرة لأصحاب رأسمال وطبقة الـ1%.

سياسياً، تحتكر هكذا حكومة القرار السياسي وتنفرد بالبت بمصير البلد عملاً بقاعدة "إحميني تإحميك" متيحة لمعارضة شكلية، ما هي إلا "ديكور"، لا تقدّم ولا تؤخّر وعلى الأرجح مستعدة أن تكبح جماح معارضتها إذا ما تم شملها في المنظومة والحصص.

طائفياً، تستكمل هكذا حكومة إستباحة تركيبة لبنان المتنوعة طائفياً فتُجاهر في تصرفاتها وقراراتها الطائفية وإحترامها لمفهوم 6 و 6 مكرر، وتكتفي بالتأسف لاضطرارها أن تتكلم بهذه اللغة. تستطيع من خلال الطائفية السياسية أن تأسر القضاء وجهات المحاسبة وقوانين الانتخابات وحتى المناهج التربوية.

في ظل هذه الإغراءات لتشكيل حكومة وحدة وطنية تصطدم السلطة بشارع فائر غاضب ليس لديه ما يخسره بعد الآن. كيف تستطيع هذه المافيا تجاوز هذا الحاجز الشعبي الثوري الرافض للوضع الراهن والمنادي بـ"كلن يعني كلن"؟ الحل قد يكون، لا سمح الله، فرض أمر واقع عبر اللعب على الوتر الطائفي المذهبي من خلال افتعال حادث أمني داخلي يمهّد الطريق الوعر أمام ضرورة إنشاء حكومة شاملة لحقن الدماء وتهدية النفوس. من المؤكّد أن زعماء الفتنة لن يجلسوا مكتوفي الأيدي يتفرجون على انهيار هيكل منظومتهم نتيجة التصدع المهول الذي أصابها جرّاء انفجار 4 آب، هي التي عملوا على تمتينها وتصليبها في آخر 4 عقود. فقد أتى هذا الانفجار ليقضي على نهج الفساد المستشري منذ عقود مبرراً أي محاولة لإقتلاع هذه السلطة من شلوشها خاصة بعد تراكمات الإنهيارات المعيشية والاقتصادية خلال السنة الماضية. وبالتالي، فإن فرصها بالنجاة والبقاء قد تستوجب حدثاً ذي حجم متناسب نسبي، يُوظَف سياسياً ليُعيد ترتيب الاصطفافات وتوليد الغرائز، وقد يأخذ شكل توترات مذهبية تكون أبشع من أحداث 6/6 وليس ببشاعة 7 آيار، أو عملية إاتيال. لا سمح الله.

أيّاً كانت الوسيلة لتحقيق هذا الحلم، يجب على الشعب أن يكون واعياً يقظاً متحذراً من الانجرار والاستدراج. سوف يتم نصب الأفخاخ وإخراج السيناريوات وحياكة المؤامرات. فقد دخلت هذه السلطة في معركة وجودية واقتربت صلاحيتها من الانتهاء وهي مستعدة أن تفتعل المستحيل للنجاة. حمى الله لبنان.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم