بعد انفجار بيروت... طبيب يقدِّم جراحات تجميليّة مجانيّة للجرحى: "معاً نكون أقوى"
ما أحدثه انفجار بيروت سيرافقنا لشهور طويلة. هول الفاجعة ما زال يسكننا أينما ذهبنا. صور الضحايا ودموع الأمهات وأنينهم ترسخت في ذاكرتنا. ندوب كثيرة تركت آثارها في أجساد ووجوه الجرحى، بعضهم ما زال يُقاوم في المستشفيات فيما البعض الآخر نجا بأعجوبة. حروق وزجاج وجروح يصعب إخفاؤها. وبالرغم من القطب التي احتلت جزءاً كبيراً في وجوه الجرحى، إلا أن بعضها يصعب ترميمه بهذه السهولة.
خلف كل قطبة قصة، ووراء كل جرح ذكريات أليمة. نعرف جيداً أننا نحتاج إلى الكثير من الوقت لالتقاط أنفاسنا واستكمال حياتنا الطبيعية. ومن وسط الظلمة والفوضى، مبادرة إنسانية من شأنها أن تُبلسم الجراح، أطلقها طبيب التجميل الدكتور جو بارود لكل جرحى الانفجار من خلال تقديم جراحات تجميلية وترميمية لكل شخص يعاني من إصابات وحروق في الوجه.
يملك خبرة في الجراحة الحربية، هو الذي رافق بعض المرضى في حرب تموز يجد نفسه اليوم حاضراً لتقديم أي مساعدة لكل الجرحى الذين أصيبوا في الوجه. يريد المساعدة بأي طريقة، واليوم وجد الفرصة لتقديمها بما يتناسب مع مجاله وخبرته التجميلية. يتحدث لـ"النهار" عن مبادرته بالقول: "ما حدث مؤلم وصادم، الإصابات كثيرة، خسرنا أرواحاً عزيزة وشابة، ولدينا آلاف الجرحى بعضهم يحتاج إلى جراحات طارئة. وانطلاقاً من هول الكارثة، قررتُ وضع خبرتي وعيادتي في تصرف الجرحى الذين يعانون من إصابات وحروق في الوجه. يبدو واضحاً أن الإصابات المسجلة ناتجة عن تحطم الزجاج، وتتطلب المتابعة خصوصاً أن الوجه من أكثر المناطق التي تكون فيها الدورة الدموية جيدة فيه، وبالتالي يمكن العمل فيه وترميمه".
مشيراً إلى أن "حوالى 80 شخصاً لبّوا النداء، وخضع 30 منهم لعمليات في العيادة أما الباقون فتمّت متابعتهم هاتفياً عبر تقديم العلاج والأدوية اللازمة لمتابعة حالتهم. هناك تكسير في الأنف، وقطب تحتاج إلى تعديلها وتصحيحها حتى لا تترك ندوباً وآثاراً في الوجه. ومن خلال صور المرضى أعرف ما إذا كان الشخص بحاجة إلى جراحة أو معاينة مباشرة أو متابعة علاجهم عبر الهاتف. ولقد نجحت بالتعاون مع مساعِدتي على معالجة حوالى 30 شخصاً حتى الساعة في العيادة، حيث خضعوا لجراحات أو ترميم للقطب والعلاج. كما تلقيت اتصالات من زملاء وأطباء يعرضون عليّ المساعدة في هذا الموضوع. ولمن يريد المساعدة يهمنا تأمين القطب لنتمكن من إجراء الترميم والجراحات".
ويصف بارود أن "ما رأيته ليل الانفجار مأساة، توجهتُ إلى مستشفى خوري لتقديم المساعدة، لم أصدق هول الفاجعة، حقاً أعجز عن وصف حالات الناس والكارثة التي ألمت بنا جميعاً. لذلك قررتُ أن أنشر هذا البوست على صفحتي للوصول إلى كل شخص لم يتسنَ له أن يتلقى الرعاية الطبية اللازمة، من الواضح أن نظامنا مشلول وغير قادر على المساعدة، ولن نتمكن من اجتياز هذه المحنة إلا بجهود شخصية. قلبي محطم ولكنه لن يتوقف عن النبض، معاً نكون أقوى".