السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

طرابلس: معرض الكتاب نابضاً بروّاده... الحياة تنتصر ولو لبرهة

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
طرابلس: معرض الكتاب نابضاً بروّاده... الحياة تنتصر ولو لبرهة
طرابلس: معرض الكتاب نابضاً بروّاده... الحياة تنتصر ولو لبرهة
A+ A-

يطل "معرض الكتاب السادس والأربعين"، مشاكسًا كورونا والدولار بالإضافةإلى عوامل عضوية في صناعة الكتاب، فرضت على حكومات وكبريات المؤسسات إلغاء برامجها. لكنها طرابلس التي بادرت، بمرونة تقاوم الانهيارات، أو هي أسلوب حياة يرقى لحرفة طرابلسية، حرفة صناعة الأمل الذي يغرز خيط حياة داخل مشهديات الموت.

تكثّف المعرض ضمن مساحة أصغر. ربما هي "برَكة" من كورونا التي تعيدنا إلى الجذور والجوهر. فقد عاد المعرض إلى مبنى الرابطة الثقافية، وهي الحاضنة الأمّ التي أطلقته في أيار 1974، بعد أن نقل فاعلياته إلى معرض رشيد كرامي الدولي منذ عام 1992 على مساحة 80 هكتاراً.

كورونا ودولار: تذليل عقبات

خلف انتقال المعرض إلى الرابطة عوائق تحايلَ عليها المنظّمون. فمن أراد استطاع. يلفت رئيس الرابطة الثقافية رامز الفري، أن التكلفة المالية التي تبلغ حوالي 45 ألف دولار ما عادت واردة بعد جنون الدولار. والعائق الثاني تفرضه إجراءات كورونا شبه المستحيلة على مساحة المعرض الدولي الذي يستوعب بين 80 و90 ألف زائر. والوضع الأمني المأزوم غير قابل للضبط في مجال المعرض.

في الشكل، يبدو المعرض اليوم أكثر حميمية. وربما الأجواء هذه هي المفضلة لدى محبّي الكتب. فالزائر، بعد معاينة وقائية سريعة، يدخل ليجد المكان صومعة كتب هادئة بدون بهرجة أو تكلف. حضور الكتب كثيف في مكتبات داخل قاعات وأروقة الطابق السفلي، كأنها مقتطعة من بيت قارئ نهم. هذا الانطباع يتعزز حين نكتشف أن عدداً وافراً من الكتب مستعمل، ومنها ما أمّنه متطوعون لملموها من متبرعين في طرابلس أرادوا دعم المعرض. بيت المعرض، أي طرابلس، كريمة، وهي تقاوم ثقافياً من "حواضر" البيت.

في المضمون، يضم المعرض كتباً لأكثر من 60 دار نشر. واجتهد في إتاحة الكتاب للجميع، في ظروف ضيقت على "شراء" الثقافة الكتابية. فغالبية المكتبات اعتمدت صرف 1500 ليرة للدولار. وهناك مكتبة الأب إبرهيم سروج (السائح) التي سعّرت الدولار بألف ليرة. وتنشط الندوات الثقافية، وعددها 22، في مسرح الرابطة وفي الطابق الثاني الذي يضم أجنحة لمكتبات ومبادرات ثقافية واجتماعية وزوايا فنّ تشكيلي. وتتوالى تواقيع لأكثر من 50 كتاباً من طرابلس ولبنان والعدد وحده (المضمون مسألة ثانية) مؤشر لحركة ثقافية.

نبض ونور

فاجأ الإقبال المنظمين والزوار. بلغ عددهم أكثر من 6 آلاف زائر خلال أربعة أيام، وفق شركة ipublish للإحصاء، التي تصنف هذا الرقم بـ"الكبير"، في ضوء الظروف الراهنة. وهو رقم يدعو للتفاؤل في معيار الإقبال على الكتاب، فمجال الرابطة الثقافية مضبوط ومغلق، ولا يقصده إلا القراء والمهتمون بالثقافة، فيما كان المعرض الدولي وجهاً من أوجه الاجتماعيات والنزهة، وكان بالتالي من الصعب تقييم فعاليته من خلال عدد الزوار.

صمود المعرض برغم الظروف الاستثنائية ليس استثناء. فمنذ إطلاقه في أيار 1974، مروراً بالحرب الأهلية وتلاها اهتزازات الأمن في التبانة وجبل محسن وغيرها من المحطات العصيبة، لم يتخلف معرض الكتاب عن موعده. وفي إطلاقه اليوم موقف ثقافي، وفي استمراره أثر النور وسط الظلمة. تعلم طرابلس وتعلّم، أنّ الجوع والخوف لا يميتان دائماً، أما الركود فيفعل. طرابلس التي تحضن هذا المعرض جديرة اليوم بالإعجاب لا الرثاء.

*يستمر المعرض في الرابطة الثقافية من 15 إلى 26 تموز الجاري من الساعة الثالثة حتى الثامنة مساء.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم