الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

السلفية الدعويّة حاضنة السلفية الجهادية بمصر

المصدر: "النهار"
القاهرة - ياسر خليل
السلفية الدعويّة حاضنة السلفية الجهادية بمصر
السلفية الدعويّة حاضنة السلفية الجهادية بمصر
A+ A-
و"أبو شعيب المصري" هو نجل رجل الدين الأزهري المعروف محمد المسير، الذي يقول متخصصون في جماعات الإسلام السياسي إنه ينتمي لجماعة "الإخوان المسلمين"، كما أن طلحة كان عضواً بحزب النور السلفي الذي يسيطر على 12 مقعداً بمجلس النواب المصري. وتسلل طلحة إلى سوريا في العام 2013 وانضم للجماعات الجهادية المقاتلة هناك.

وعلى الرغم من أن جذور التيار السلفي بمصر تعود إلى "الجمعية الشرعية" التي أسسها عدد من رجال الأزهر في العام 1912، إلا أن تأثير هذا التيار تزايد في العقود الخمسة الماضية، مع تراكم عائدات النفط في بعض دول الخليج، وذهاب جزء من هذه الأموال إلى تلك الجماعات "الوهابية" المتعصبة.

وتشير المعلومات المتاحة عن الجهاديين الذين انضموا إلى صفوف "داعش"، و"جبهة النصرة"، و"القاعدة" وغيرهم من جماعات العنف الديني التي بدأت تزدهر في سبعينيات القرن الماضي، إلى أن الكثير من عناصر تلك الجماعات بدأ في رحلته إلى العنف من أرضية دعوية أو انتمائه إلى أحد تيارات الإسلام السياسي الذي يدعي أنه يرفض العنف مثل "الإخوان المسلمين".

حاضنة للجهاديين

ويقول الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، عمرو فاروق لـ"النهار": "إن تيارات السلفية الدعوية أو السلفية السائلة تمثل حاضنة مهمة لتغلغل أفكار السلفية الجهادية في مصر والمنطقة العربية. منذ تسعينات القرن الماضي، فإن التيارات السلفية، لا سيما السلفية الحركية كانت المنبع الأساسي لانتشار ما يعرف بالسلفية الجهادية، في ظل تشبع التيارات الوهابية السلفية بأفكار سيد قطب، وأبو الأعلى المودودي، وشكري مصطفى، وغيرهم من دعاة الأفكار التكفيرية والقطبية".

ويشير فاروق إلى أن "أول قضية جمعت بين التيار السلفي والتيار الجهادي، كانت قضية تنظيم (الوعد)، بالقاهرة عام 2001، وخططت لمحاولة قلب نظام الحكم، وغالبية قياداتها كانوا من تيار السلفية الحركية، أو سلفية القاهرة، كما يطلق عليهم، وهذا التيار تحديدا أقرب فكريا وسلوكيا لمشروع جماعة الإخوان، أمثال محمد عبد المقصود، وفوزي السعيد، ونشأت إبراهيم".

ويؤكد الباحث أن "أهم الفروق الفكرية بين السلفية الدعوية وتيارات السلفية الجهادية، تتبلور ظاهريا في بعض الأفكار مثل الحاكمية، والتكفير، وجاهلية المجتمع، والإيمان بفكرة التغيير من أعلى (الوصول للسلطة بالقوة)، وليس بفكرة التغيير من أسفل ( الوصول للسلطة من طريق الاستقطاب الفكري للمجتمع)".

"إن غالبية تيارات الإسلام السياسي وفي مقدمتهم السلفية الدعوية لديها خطاب معلن موجه للرأي العام وللنظام السياسي الحاكم، مبني على فكرة الاستئناس وتجنب التضييقات والملاحقات الأمنية" يقول فاروق، "هناك خطاب غير معلن موجه للدوائر الداخلية سواء الفكرية أو التنظيمية، تتكشف فيه الأدبيات الفكرية الصريحة التي تعتنقها هذه التيارات، من باب (فقه التقية)، وهذا الخطاب يحمل التوجهات الحقيقية لهذه التيارات السلفية، وفي مقدمتها تكفير الحاكم".

ويرى الباحث أن "الاختلاف الوحيد بين تيارات السلفية الدعوية وتيار السلفية الجهادية، قد يكون هو عدم التوسع في قضية التكفير، وتوظيف ما يسمى بـ(العذر بالجهل)، وهناك تيارات سلفية دعوية اختلفت في هذه القضية، إذ إن بعضهم اعتبر أن قضية (الحاكمية) تحديداً تدخل ضمن الأمور العقائدية التي لا يجوز فيها العذر بالجهل نهائياً".

ويشير فاروق إلى أن "عدداً كبيراً من أبناء الدعوة السلفية بالإسكندرية، وحزب النور، إضافة لجماعة التبليغ والدعوة، اتجهوا إلى الانضمام لتيار السلفية الجهادية، في سوريا والعراق وليبيا، نتيجة تأثرهم بأفكار رفاعي سرور شيخ منظري السلفية الجهادية في مصر".

المؤسسة الدينية

ويرى متخصصون في شؤون الحركات الإسلامية أن المؤسسة الدينية وفي مقدمتها الأزهر توفر الغذاء الفكري والروحي لهذه الجماعات، أو على الأقل تدافع عن الكتب التي تشرعن العنف واعتداءات الجهاديين، كما أن المتخصصين يشيرون إلى تداخل بين بعض قيادات تلك المؤسسات وحركات الإسلام السياسي، بخاصة التيار السلفي وجماعة "الإخوان".

ويقول الباحث في حركات الإسلام السياسي محمد أبو العيون: "نحن عاجزون عن تجفيف منابع الإرهاب، لأن المجابهة الفكرية غائبة، ولأن شيخ الأزهر (الدكتور أحمد الطيب) ما زال حتى اليوم يصف - في مؤلفه (التراث والتجديد... مناقشات وردود)- سيد قطب بأنه (من عظماء مفكري مصر)، وأنه مثّل له ولجيله طوق النجاة".

ويكشف مقطع فيديو بثه، قبل يومين، القيادي بجماعة الإخوان عصام تليمية، بعنوان "ندعم شيخ الأزهر الذي يقف سداً منيعاً ضد النيل من التراث بدعوى التجديد"، مدى أهمية الدعم الفكري والروحي الذي يقدمه الأزهر لتلك الجماعات، بدفاعه المستميت عن كتب التراث الديني المثيرة للجدل.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي علّق مرات عدة على أهمية تجديد الخطاب الديني، وضرورة عمل الأزهر على الاضطلاع بهذه المهمة، لأن المؤسسة الدينية العتيقة، واجهت هذه الدعوات بالرفض الشديد، واعتبر الشيخ الطيب، في أحد أحاديثه أن التراث يمثل "ثلاثة أرباع الدين"، وهو ما استنفر قطاعات واسعة من المسلمين الذين تسرب إليهم شعور بأن تجديد الخطاب الديني يشكل تهديداً للدين نفسه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم