الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

خاص "النهار"- هنا المخيّم... عذراً الـ Social distancing "مستحيل"

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
خاص "النهار"- هنا المخيّم... عذراً الـ Social distancing "مستحيل"
خاص "النهار"- هنا المخيّم... عذراً الـ Social distancing "مستحيل"
A+ A-

الرعب من "كورونا" حول العالم يزداد مع ارتفاع عدد الحالات المصابة بالفيروس المستجد. دول متقدمة عجزت عن السيطرة عليه، فكيف إن تفشى في دول فقيرة وبيئة مكتظة؟! المخيمات الفلسطينية في لبنان أعلنت حالة التأهب، بدأت خطوات التعقيم، نسبة كبيرة التزمت بالإجراءات الوقائية، وبات خروجها من المنزل للضرورة فقط، لكن منع الاختلاط أو اقتراب شخص من آخر أو الـSocial distancing كما يتعارف، أمرٌ يصعب تطبيقه على الأرض لا سيما في الأسواق الشعبية.

الحركة تراجعت

مخيم شاتيلا الذي كان يعجّ باللاجئين في أزقته الضيقة تراجعت الحركة فيه بشكل كبير، إلا أنها لم تنعدم، فقرار منع التجول لم يطبق بشكل كامل، والسبب كما يقول أحد الشباب يعود إلى عدم وجود "دولة أو بلدية لها السيطرة على المخيم، توجد لجان أمنية لا يمكنها فرض القرار بالقوة تجنباً للمشاكل مع الأطراف الأخرى"، ومع هذا، هناك وعي وإن لم يكن كاملاً لدى البعض الذين التزموا بيوتهم منتظرين بفارغ الصبر إعلان القضاء على الوباء لاستعادة دورة الحياة من جديد، منهم نجاح صالح أحمد، الأمّ لأحد عشر ولداً، التي قالت لـ"النهار": "أنا من حيفا، ساقني القدر للعيش في المخيم، وتحمل الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء المخيمات، أنا الآن أسكن مع 7 من أولادي في منزل صغير تضيق جدرانه علينا، ومع هذا ليس أمامنا سوى الصبر والأمل بأن يأتي اليوم الذي يتغير فيه حالنا"، وأضافت: "ما زادَ الطين بلّة ظهور الفيروس المستجد الذي لا نعرف من وراءه، لكن نعلم تماماً كم فرض نفسه على يومياتنا، فقد أصبح خروجنا من المنزل مرعباً، حتى جيراني الذين يسكنون على بعد نصف متر من منزلي لا أتمكن من الحديث معهم، فكل منا يخشى من الآخر من أن يكون حاملاً للفيروس، لذلك أصبح الهاتف الوسيلة الوحيدة للتواصل مع محيطنا".

غياب مقوّمات الصمود

الخروج من المنزل، كما قالت نجاح، من أجل شراء الخبز والطعام فقط، حيث شرحت: "إبني يقوم بالمهمة". وعن كيفية تمضية يومها، قالت: "أجلس مع أولادي وأحفادي الذين يزورونني بين الحين والآخر، أحتسي القهوة وأتبادل الحديث مع العائلة، الكهرباء متوفرة من خلال الاشتراك، وكذلك الانترنت، كما أجلس على الشرفة لبعض الوقت، بانتظار الانتهاء من هذا الكابوس، فلم نعتد على البقاء في المنزل لمدة طويلة، أشعر وكأنني في سجن، مللت جداً"، لافتة إلى أنه "لا مال لدى سكان المخيّم يمكّنهم من الاستمرار في الحجر لمدة طويلة، السلطة في المخيمات لم توزع سلّة غذائية على المحتاجين للصمود في وجه الجوع، وبالنسبة لي كنت أتكل على ولديَّ في مصروف البيت كون زوجي متوفياً، أحدهما يعمل بلاّطاً والآخر في الألمينيوم، الآن بلا عمل كما باقي الناس".

صعوبات عدة

من مخيّم شاتيلا إلى مخيم عين الحلوة، حيث عُقدت "اجتماعات عدّة لجميع الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية والمشايخ والفعاليات في مخيم عين الحلوة مع الأونروا والهلال الأحمر أسفرت عن اتخاذ قرار تعقيم الاحياء والشوارع والمحال التجارية والسيارات الداخلة والخارجة من المخيم، إضافة إلى جولات في أزقة المخيم لتخفيف عدد المتواجدين في الشارع"، بحسب ما قاله جمال عيسى المستشار الاعلامي لأمين سر فصائل منظمة التحرير فتحي أبو العردات، مضيفاً: "أغلقت كل محلات الانترنت والمقاهي، ومعظم المخيمات اتخذت ذات الإجراء، وفي ما يتعلق بالحجر المنزلي، فإن المنازل مكتظة، وسائل الترفيه غير متوفرة، الكهرباء تقطع لمدة طويلة، إضافة إلى قلة العمل والأموال، هناك عائلات لا تملك ثمن ربطة خبز بعد توقف مصدر عيشها، وهي تناشد الأونروا وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية تأمين سلة غذائية أو مساعدة مالية عينية".

اكتظاظ محتّم

الاكتظاظ في مخيم عين الحلوة انخفض ولم يختف، لا سيما مع فتح سوق الخضر اليوم بعد إغلاقه على مدى يومين، وبحسب ما قالته تغريد حوران، والدة لأربعة أبناء، تسكن في حي حطين: "نعيش في أحياء شعبية متلاحمة مع بعضها البعض، قسم كبير من أبناء المخيم لا يخرج إلا للضرورة، الاهالي يمنعون أولادهم من الخروج الى الشارع إلا لوقت قصير، الزيارات عند الجيران خفضت بشكل كبير".

وأضافت: "هناك عائلات تسكن في بيوت غير صحية لا تدخلها الشمس، وإذا اضطرت الى حَجر أي مشتبه بإصابته بالفيروس لا يمكنها كون المنزل صغيراً والحمام مشتركاً وعدد الساكنين كبيراً". وعن الاكتظاظ في سوق الخضر أجابت: "اليوم قمت بزيارة الى منزل شقيقتي للاطمئنان عنها لسبب ضروري، أطلعتني أنها قصدت السوق حيث شاهدت الناس تشتري حاجياتها وتغادر مسرعة"، لافتة إلى أن "الوضع الاقتصادي لأبناء المخيم لا يسمح لهم بشراء حاجيات أسبوع كامل، لذلك يضطرون إلى مغادرة منزلهم بشكل يومي".


خطوات عملية

رئيس دائرة الصحة في الاونروا الدكتور عبد الحكيم شناعة أكد لـ"النهار" إلتزام الأونروا بإجراءات منظمة الصحة العالمية، بالتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية والقوى والفصائل الفلسطينية الموجودة داخل المخيمات، وشرح: "ابتدأنا حملات توعية داخل العيادات وخارجها، وضعنا فيها معقمات يستخدمها المريض عند دخوله، منعنا الاحتكاك بين المرضى، كما بدأنا حملة توعية على مواقع التواصل الاجتماعي كون التجمعات ممنوعة، واتخذنا خطوة تعقيم العيادات، خفّضنا مواعيد زيارات الحوامل والاطفال، والدواء أصبح يعطى لشهرين بدلاً من شهر".

مراكز للحجر

شناعة قال: "أطلعت الأونروا الحكومة اللبنانية بأنها ستغطي المرضى الفلسطينيين بحال التقطوا العدوى، وذلك بالتنسيق مع سفارة دولة فلسطين التي دفعت نحو 10 في المئة لتغطية المرضى، في حين دفعت الأونروا باقي المبلغ، وإلى الآن نحمد الله أن الحالات الثلاث المشتبه فيها ظهرت نتائجها سلبية، كما اتفقنا مع مستشفى رفيق الحريري أن يكون لدينا أطباء في المستشفى يتولى أطباء الأونروا المتواجدون في كافة المناطق التواصل معهم ومع الصليب الاحمر لنقل الحالات المشكوك بإصابتها بالفيروس من خارج المخيم الى المستشفى أو بواسطة الهلال الاحمر إن كانت الحالة داخل المخيم، كذلك تقوم الاونروا بإعداد مركز للحجر الصحي إذا اختلط شخص مع أي مريض وكان منزله لا يسمح له بذلك، بدأنا بإعداد مركز في سبلين وبعدها في كافة المخيمات".

وعن الحجر المنزلي الوقائي، أجاب: "طلبنا من كل الفلسطينيين الالتزام بقرار التعبئة العامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط، أما القدرة على تطبيق القرار داخل المخيمات فأمر يعود الى الفصائل الفلسطينية على الأرض، فحتى الحجر الصحي لا يمكننا إجبار أحد على الالتزام به".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم