الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ساحة النور: قصة مدينة... ومباراة تجذب الجمهور

المصدر: طرابلس- رولا حميد
رولا حميد
ساحة النور: قصة مدينة... ومباراة تجذب الجمهور
ساحة النور: قصة مدينة... ومباراة تجذب الجمهور
A+ A-

تجوابا لساحة النور، المقر الذي تحول إلى رمز الثورة المندلعة في لبنان منذ السابع عشر من تشرين الأول الفائت، تضم الساحة كل المدينة، برمزية تعابيرها، وما يختلج فيها من سراء وضراء، كأن كل من عنده قصة جاء يرويها، أو من عنده مشكلة أتى يطرحها، ويشكوها، وقد باتت الساحة محجتهم، وأمل إنقاذهم مما تراكم عليهم منذ عشرات السنين، من ممارسات السلطات المتعاقبة، وضرائبها، وفسادها، حتى بات كل المسؤولين.. مسؤولين عن ضائقتهم، وما يعانون من آلام ومشاكل، فانجذبوا إلى شعار الثورة الأول: كلن يعني كلن".

تزخمت الساحة هذه الأمسية، فاكتظت بالمحتشدين لمواكبة مباراة لبنان وكوريا الشمالية بكرة القدم عبر شاشة عملاقة قدمتها بلدية المدينة للجمهور، فراحوا حشودا مكتظة يراقبون المباراة، ويركزون اهتمامهم عليها.

لم يمنع ذلك من مشاركة وجوه لافتة أخرى في التحرك. فاطمة متقدمة في العمر، علقت برقبتها لافتة تروي مأساتها: "انا فاطمة ما إلي غير الله.. أنام في الطرقات ما إلي حدا..بدون مأوى وحمام.. بدون طعام..بدي عيش مع حفيدي بكرامة".

حملتها فاطمة شاكية للثورة، عارضة مأساتها. إنها مأساة كثيرين من الطرابلسيين في بيوتهم المتواضعة، يختفون، ويخفون معهم مآسيهم، فالسترة هي ثقافة المجتمع.

زياد عباس، فتى لم يجد غير الثورة موئلا له، فحضر بكباياته من "الكاسترد" و"الهيطلية"، يعرض عشرات منها على طاولة صغيرة، وينتظر من يمر لشراء إحداها، ويقول: "حمتني الثورة منذ أن التحقت بالساحة، وبت أجد عملا ومدخولا مقبولا. والتحقت بالساحة في الربع الأول من التحركات، وأشعر هنا بالطمأنينة، وبالشعور بعدم التشرد. أشعر أن الثورة تحميني".

وتلفت شعارات غرافيتي رسمت على جدران المبنى المطل على الساحة، واحدة تثبت مقولة جديدة: "وطن وشعب وجيش" بمقابل "مقاومة وشعب وجيش"، كأنه تأكيد على محاولة الخروج من الثلاثية التي درجت في السلطة والبلاد في الفترة الماضية.

كما تتجلى صورتان غرافيتي تحت شرفة جانبية، لكل من علاء أبو فخر، وحسن العطار اللتان رسمتهما أيادٍ طلابية ملتزمة بالتحركات الاحتجاجية.

لافتة فش خلقك تتصدر إحدى الخيم، وتقول إحدى الناشطات فيها: "لدينا أساليبنا في الاستماع لمن لديه مشكلة تقض مضجعه، يأتي إلى هنا ويحكي قصته، وثمة ما يخفف من معاناته في خيمتنا".

قبل بدء عرض مباراة لبنان وكوريا الشمالية، كان لا بد من وصلة نضالية مع المنشطين من على المنصة، يرددون هتافات الثورة: ثورة.. ثورة.. وأغان حماسية، فتلقى الهتافات أصداءها بطرق وأساليب شتى في الساحة، ويتحلق شباب يمارسون الدبكة على وقع إيقاعات الموسيقى الصاخبة الصادرة من الدي جاي، وثمة كثيرون يحملون أطفالهم معهم، كأنهم يريدون تربيتهم على الثورة والرفض والتحرر.

أنشطة كثيرة تعج بها الساحة وخيمها عادة، لكن لمباراة كرة القدم الجاذب الأكبر لدى الشباب والمشاركين في الاعتصام هذه الليلة، فتراجعت تجمعات الحوار في الخيم، واحتشد الجمهور في الوسط يراقب بحماسة، ويتعالى الصراخ كلما وصلت الكرة لقدم لاعب لبناني.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم