الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

كل ما تريد معرفته عن اللقاح الصيني... تقنية كلاسيكية والعقدة علمية! (1)

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
* هذا المقال هو جزء من سلسلة مقالات تقدّم للقارىء ما يريد معرفته تفصيلاً عن كل لقاح، قبيل البدء بوصول اللقاحات الى لبنان: 
 
تحتدّ المنافسة اليوم بعد بدء حملة تطعيم واسعة في بعض الدول، ويقف المواطن حائراً بين تعدد اللقاحات ومأمونيتها وفعاليتها وثمنها. عليك أن تفكر في كل شيء بالمنطق الطبي والعلمي، بطريقة التخزين وكلفته وآثاره الجانبية. وبين التسويق لهذا اللقاح أو ذاك، تفقد بوصلة الاختيار والتجاذبات بين الدول تزداد ضغوطاً.

دول كثيرة اعتمدت على خيارها في المضي بهذا اللقاح دون سواه من منطلق سياسي- اقتصادي، وقد شقت بعض اللقاحات طريقها إلى الدول العربية واتجهت الأنظار مؤخراً إلى الإمارات التي باشرت حملة تطعيم على نطاق واسع. حتى إن بعض الفنانين والمسؤولين توجهوا إلى هناك لأخذ جرعتهم من اللقاح دون أن ينسوا الكاميرات لترافقهم في حفلة التطعيم.

وبالعودة إلى الجدل القائم، سؤال واحد نطرحه جميعاً هل نتلقى اللقاح أم نتريث قليلاً؟ هل اختار الأميركي أو البريطاني أو الصيني؟ وتختلف وجهات النظر حسب مُطلقيها، وتبقى القراءة العلمية لكل لقاح أفضل طريقة لفهم كل لقاح ومعرفته عن كثب بنقاط قوته وضعفه. البداية ستكون مع اللقاح الصيني.


يشرح الاختصاصي في علم الفيروس والأمراض الوبائية الدكتور حسن زراقط لـ"النهار" أنه علينا التمييز بين اللقاحين الصينيين:
 
1- لقاح من شركة سينوفارم واسمه BBIBP-CorV 
 
2- لقاح ساينوفاك واسمه Coronavac 
 
يعتمد هذان اللقاحان على التقنية نفسها أي الفيروس المعطل. وتعتبر تقنية كلاسيكية حيث يكثّر الفيروس في الخلايا  ومن ثم يُعطّل بمادة كيميائية ويُنقى، بعد ذلك تُضاف إليه مادة لتحفيز الإستجابة المناعية. وتالياً عندما يدخل إلى الجسم يكون الفيروس معطلاً حيث يكوّن الجسم الاجسام المضادة وذاكرة مناعية ضد الفيروس. 
 
لكن في كلا اللقاحين، الدراسة الوحيدة التي نُشرت بتفاصيلها تشمل فقط المرحلتين الأولى والثانية التي تسمح لنا بمعرفة كمية الأجسام المضادة المكوّنة بعد حقن المتطوعين باللقاح والأعراض الجانبية حدثت بعد تلقي اللقاح. إلا أن عدد المتطوعين في هذه التجارب الأولية يكون قليلاً، وعليه ليس لدينا النتائج الكاملة او التفصيلية عن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية الخاصة بهذه اللقاحات بل خلاصة هذه التجارب فقط. 
 
دول مشاركة في الدراسات التجريبية
 
خاض بعض الدول مثل الصين والإمارات والبحرين ومصر تجارب سريرية للقاح BBIBP-CorV وبحسب النتائج الاولية المنشورة، اظهرت الصين عن فاعلية وصلت إلى 79% و86% في الإمارات. وعليه، أُعطيت الموافقة للاستخدام الطارىء كما هي الحال مع اللقاحات الأخرى. 
 
تطبق إدارة الغذاء والدواء معاييرها في أميركا، ويحق لكل دولة المضي بها أو وضع معايير وشروط قد تكون اكثر صرامة. وقد إعتمدت الإمارات لجنة خاصة لإعطاء الموافقة على الاستخدام الطارىء للقاح وباشروا باستخدامه على نطاق واسع.
 
الآثار الجانبية
 
ولئن هو لقاح كلاسيكي وفاعليته تعتبر جيدة جداً، كانت الأعراض الجانبية التي سُجلت في المرحلتين الأوليتين خفيفة جداً وموقتة من دون تسجيل عوارض طويلة الأمد. بالعودة الى تاريخ اللقاحات التي نالت موافقة ادارة الغذاء والدواء الاميركية FDA، عادة تظهر معظم الآثار الجانبية خلال 45 يوماً من تلقي اللقاح. لهذا السبب اشترطت الـ FDA ان تستمر الشركات لمراقبة نصف المتطوعين لفترة شهرين على الاقل من وقت حصولهم على اخر جرعة قبل التقدم بطلب الحصول على الموافقة للإستخدام الطارئ. لكن لا نعرف اذا كان هذا الشرط ينطبق على اللقاحات التي لم تخضع للمراجعة من الـ FDA.
 
العقدة الأساسية
 
على رغم من أن التوزيع جارٍ على نطاق واسع إلا أن النتائج العلمية التفصيلية للمرحلة الثالثة الخاصة بلقاحات ساينوفارم وساينوڤاك لم تُنشر بعد، وهذا ما يطرح علامات استفهام عند العلماء. فالقاعدة الذهبية في هذه المرحلة هو إتاحة ونشر البيانات التفصيلية بكل شفافية ووضوح، وهذا ما لم يحصل حتى الان في هذه الحالة. 
 

 
تخزين اللقاح 
 
يعدّ تخزين اللقاح أسهل من باقي اللقاحات لأنه لا يتطلب حرارة متدنية جداً، يكفي وضعه في أي ثلاجة عادية شرط أن تكون حرارته منتظمة لتخزينه وعند درجة حرارة تراوح بين 2 و 8 درجات مئوية.
 
الجرعة
يُحقن في الذراع على جرعتين يفصل بينهما 3 أسابيع على الأقل. 
طريقة الحقن: 
يجب إعطاء الحقنة بعضلة الكتف، ويجب أن يملك الشخص الذي يقوم بالتطعيم الخبرة باللقاحات. وان اعطاءها تحت الجلد لن تعطي الفاعلية المطلوبة، لذلك يجب التنبه كثيراً على بعض الأمور التقنية والطبية الخاصة بالتطعيم تفادياً لأي اخطاء قد تخفف من فاعلية التطعيم. 
الفئات العمرية:
السماح بإعطائه لكل من هم فوق الـ18 عاماً، علماً ان الصين ستباشر بإعطائه للأطفال فوق الثلاث سنوات في آذار. 

لقاح كورونافاك من شركة ساينوفاك 
 
لقد أجريت التجارب عليه في كل من الصين واندونيسيا وتركيا والبرازيل إلا أن هذا اللقاح شهد تضارباً في نتائجه بين دولة وأخرى. إذ أعلنت تركيا أن فعالية اللقاح بلغت 91.25% في حين بلغت 65% في اندونيسيا، وفي البرازيل وصلت إلى 50.4%. 
 
مقارنة باللقاحات الأخرى التي أُعلِنت نتائج فاعليتها، فإن لقاح "سينوفارم" يضع نفسه في آخر القائمة، فقد أعلنت شركتا "فايزر-بايونتك" عن نجاح لقاحهما بفاعلية 95%، وكذلك كان لقاح شركة موديرنا فعالاً بنسبة 94.5% ومن ثم يحتل لقاح "اوكسفورد – أسترازينكا" و"سبوتنك –في" الروسي المرتبة الثالثة بفعالية وصلت إلى 92%. ولكن جميعها ومن ضمنها أيضاً لقاح "سينوفارم" قد وصل إلى 50% أي النسبة التي أقرتها ادارة الغذاء والدواء الأميركية للموافقة على اللقاح. 
 
وتعتبر الفوارق في نتائج ساينوفاك أمراً مقلقاً لأن هامش التباين كبير. وفي حال أردنا النظر في اللقاحين الصينين، ندرك أن المسألة ليست في التقنية (اعتماد التقنية نفسها أي الفيروس المعطل) وإنما يعتمد على كيفية انجاز الدراسات وطرق وجودة التصنيع. هذا ما يؤكد أن أي خلل في تحليل البيانات قد يعطينا نتائج مبالغاً فيها ومضخمة، لذلك تكمن أهمية الشفافية والوضوح في البيانات الخاصة باللقاح وأن تكون متاحة بالكامل للباحثين وللجنة العلمية المتخصصة لتقييم هذه اللقاحات. 
 
أما بالنسبة إلى كلفة اللقاح، تبلغ حوالى 13.5 دولاراً في اندونيسيا، إلا أن مسألة تخزينه شبيهة بلقاح شركة سينوفارم . 

حملة التطعيم والمناعة الجماعية
 
يوضح زراقط أن "نسبة 70% المتعلقة بالمناعة الجماعية ليست رقماً مقدساً وانما نسبة تقديرية وحسابية بالإستناد إلى سرعة الفيروس في الانتقال والعدوى وتقدير نسبة السكان الذين بحاجة إلى التطعيم للحد من انتشار الفيروس. نعرف أيضاً أن ليس كل الأشخاص في المجتمع لديهم القابلية نفسها للإصابة، وبالتالي قد نحتاج إلى أقل من 70% من عدد السكان لتحقيق هذه المناعة الجماعية. 
 
في بعض الأبحاث الأخيرة التي نشرت، أشارت إلى أن النسبة قد تكون 50%  أو اقل للوصول إلى مناعة القطيع وفقا لكيفية اختيار الفئات التي ستحصل على اللقاح وتركيبة المجتمع العمرية. وستكون تجارب الدول التي بدأت بحملة التطعيم مثالاً سنكتشف من خلاله النسبة التي نحتاجها لتحقيق هذه المناعة الجماعية والسيطرة على انتشار الفيروس. 
 
كذلك في مراجعة للفئات الأولى التي تتصدر أولوية تلقي اللقاح فهي تبدأ مع الأشخاص الذين هم  بين 80 -90 مروراً بالفئة العمرية بين 60-70 وصولاً إلى 55 عاماً  وفق مراحل متتالية ومن الإنتقال إلى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة قبل الوصول إلى باقي فئات المجتمع. 
 
لكن علينا أن لا ننسى ان أكثر فئة مصابة بالفيروس تتمثل بفئة الشباب، واذا أردنا جمع نسبة الأشخاص الذين يتلقون اللقاح والأشخاص الذين يكتسبون المناعة بعد الإصابة بالفيروس قد نحصل على مناعة مجتمعية قبل الوصول إلى تطعيم 70% من السكان. 
 
ويشير إلى أنه "كلما زادت نسبة الناس المحصنين في المجتمع انخفضت نسبة انتقال الفيروس وانتشاره أكثر، وبالتالي ننجح في كسر حلقات الانتشار ونقضي عليه". 
 
 
 
 
المعلومات المغلوطة
يشدد الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية الدكتور حسن زراقط على أن "هذه الجائحة تدفعنا إلى الخوف والارتباك ودخول مختلف المجالات لخوض معركة ضد هذا الوباء. لكن على الإعلام كما المسؤولين والرأي العام معرفة كيفية تقصي المعلومات والإستفسار عنها وشرحها مع اختصاصيين في الامراض المعدية والجرثومية، لكل شخص عمله وخبرته ودوره. المشاهد يتلقى كل المعلومات الدقيقة والمغلوطة ويصعب عليه التمييز بينهما، والتي قد تؤدي إلى ممارسات وسلوكيات خاطئة قد تهدد حياتهم احياناً. 
 
لذلك تكمن اهمية دور الإعلام في توجيه الأسئلة إلى الاختصاصيين والخبراء المخولين بالإجابة عليها، لعدم الوقوع في الأخطاء والمعلومات غير الدقيقة.
 
رفض التسليم؟
بحسب ما اطعلنا عليه في الإعلام، الشركات الصينية ترفض تسليم اللقاح للدول التي لم تُشارك في التجارب والدراسات، فهي أعطت الأولوية للدول التي شاركت معها في التجارب، ولم يكن ليوافق لبنان على ذلك نتيجة الذهنية بان الدول تُجري تجاربها على شعبنا. 
 
لذلك قد يتفاوض بعض الدول الذي يملك القدرة على الإنتاج مع الصين لعقد اتفاق بالمساعدة في الانتاج شرط الحصول على اللقاح. لكن قد نحصل على دفعة عن طريق هبة حيث تشتري دولة ما جزءاً كبيراً من اللقاح وتقدم دفعة منه إلى دولة اخرى.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم