
شركة "سيال"
"من فرنسا إلى فرنسا ولمصلحة فرنسا"، هكذا وصفت الجزائر المساعدات المالية الفرنسية التي هددت باريس بوقفها بسبب التوترات السياسية التي تعرفها علاقات البلدين منذ أشهر، وتصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة.
وقالت الجزائر عبر وكالة أنبائها الرسمية إن أرقام التعاون الاقتصادي بينها وبين فرنسا بعيدة كل البعد عن حجم التبادل والاستثمارات مع دول أخرى، مؤكدة أن إحصائيات المفوضية الأوروبية تنفي مزاعم فرنسية عن بلوغ ما سمّي بالمساعدات الفرنسية للجزائر 800 مليون يورو، وأنها لا تتعدى 130 مليون يورو، في حين أن التقديرات الجزائرية تشير إلى مبلغ 5 ملايين يورو فقط، وهو مبلغ مرتبط بتنفيذ مشاريع التعاون الثنائي.
وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي أحمد حيدوسي لـ"النهار"، إن "من العار الحديث عن مبلغ ضئيل جداً تقدمه فرنسا للجزائر على شكل اتفاقيات شراكة وتعاون ثقافي ودعم تقني وبرامج تعاون تعليمي وأكاديمي"، ويضيف: "هي ليست مساعدات اقتصادية بل شكل من أشكال الشراكة الثقافية. إنه مبلغ لا يكاد يذكر"، لافتاً إلى أنها تدخل في أغلبها في إطار الاتحاد الأوروبي مثل دعم بعض مشاريع البحث الجامعي وغيرها.
ويلفت حيدوسي إلى أن الاقتصاد الجزائري يصنف ضمن اقتصادات الدول متوسطة الدخل "وبالتالي فهي ليست في حاجة لمساعدات تنموية أو اقتصادية مباشرة من فرنسا"، معتبراً حديث المسؤولين الفرنسيين "نوعاً من أنواع المزايدة السياسية".
وتكشف الأرقام أن حجم الاستثمارات الفرنسية في الجزائر لا يتعدى حدود الـ2.5 ملياري دولار، ومقارنة بسيطة باستثمارات الصين التي تخطط لرفعها من 20 إلى 36 مليار دولار، تشير إلى حضور اقتصادي ضئيل لفرنسا في الجزائر.
ويشرح حيدوسي أن الأمر بالنسبة إلى الجزائر لا يتوقف عند حجم الاستثمارات الضعيف، بل يتعداه إلى نوعيتها ومجالاتها، إذ إن الجزائر كثيراً ما أبدت امتعاضاً من تركيز الفرنسيين على قطاعات المصارف والخدمات والتأمينات، وهي قطاعات غير منتجة للثروة.
ويذهب حيدوسي إلى أبعد من ذلك عندما يثير نقطة تعد بمثابة تابوات في العلاقة الاقتصادية بين الجزائر وباريس، بخاصة في زمن الرئيس الجزائري السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وهي تتعلق بالامتيازات التي حصلت عليها الكثير من الشركات الفرنسية في الجزائر لإعادة الروح إليها بعد تراجعها في السوق الفرنسية والأوروبية، بل ومنها من استغلت السوق الجزائرية لإنقاذ نفسها من الإفلاس الحتمي، مستنتجاً أن كل هذه المعطيات تدل على أن العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وباريس ليست قائمة على المساعدات بل على المصالح المتبادلة.
ويلفت حيدوسي إلى أن الجزائر دخلت مرحلة أخرى من مراحل نهضتها الاقتصادية، ما يدفعها للبحث عن استثمارات مهمة في قطاعات التعدين والطاقات المتجددة والصناعات التحويلية والزراعة وغيرها، وكثيراً ما انتظرت الجزائر استثمارات فرنسية جادة بعيدة عن المصالح الاقتصادية ذات الجانب الأحادي.
وفي السياق نفسه يؤكد المحلل الاقتصادي العربي أولحسن لـ"النهار" أن المساعدات المالية التي هدد مسؤولون فرنسيون بوقفها عن الجزائر لا تتعدى بعض الامتيازات المقدمة لبعض الديبلوماسيين الجزائريين، مشيراً إلى عدم ارتكاز التصريحات الفرنسية على معطيات سليمة وحقيقية خاصة في العلاقات الاقتصادية الثنائية.
ويلفت أولحسن إلى أن شركات فرنسية كثيرة غادرت الجزائر مكرهة بعد "تأميم" عملية تسيير الكثير منها خلال الأعوام القليلة الماضية، على غرار ما حدث لشركة توزيع المياه "سيال"، ما جعل الوجود الاقتصادي الفرنسي ضعيفاً جداً".
رئيس منتدى الاستثمار في الجزائر يوسف ميلي يعتقد أن "خلطاً في المفاهيم أصاب المسؤولين الفرنسيين"، نافياً تماماً وجود مساعدات فرنسية للجزائر.
ويقول ميلي لـ"النهار"، إن فرنسا تقدم مساعدات لشركاتها الناشطة في السوق الجزائرية، ومنحاً إلى مراكزها وقنصلياتها من أجل الحفاظ على الفرنكوفونية في البلاد، ومنحاً مالية أخرى تخصص لبعض النشاطات الثقافية "والتي تحولت إلى نشاطات تجسس كشفها الأمن الجزائري".
ويبدي ميلي امتعاضاً مما وصفه بالتحريض الفرنسي ضد الجزائر، معتبراً أن التوترات الاقتصادية التي عرفتها العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في فترات متقطعة "كانت فرنسا المتسبب الرئيسي فيها، زاعمة أن الجزائر تخالف الاتفاقية الاقتصادية الموقعة بين الطرفين قبل أكثر من 20 سنة".
كما يصف ميلي الاستثمارات الفرنسية في الجزائر بأنها "وهمية وتعتبر السوق الجزائرية سوقاً استهلاكية فحسب"، ضارباً مثالاً بصناعة السيارات الفرنسية التي "تعد فضيحة بكل المقاييس باختيارها تركيب سيارات رديئة ومميتة مع استفادات من إعفاءات ضريبية كبيرة من دون أي استفادة للاقتصاد الجزائري".
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
شمال إفريقيا
10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق
10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته.
العالم
10/6/2025 5:00:00 PM
مرحبا من "النهار"...
لبنان
10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".