عودة الجدل التونسي في ملف "أطفال داعش" المحتجزين في سوريا
أعاد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا الحديث في تونس عن أطفال المقاتلين التونسيين في التنظيمات الإرهابية المسلحة في بؤر التوتر.
ودعت جمعيات تونسية إلى استغلال التطورات الأخيرة من أجل العمل على استعادة أطفال المقاتلين التونسيين المحتجزين في مخيمات في سوريا، لا سيما مخيمي "الهول" و"الروج".
وأعلنت "جمعية انقاذ التونسيين العالقين في الخارج" اعتزامها تنظيم وقفة سلمية من أجل تحريك هذا الملف من جديد، داعية العائلات المعنية إلى المشاركة فيها.
وقال رئيس الجمعية محمد إقبال الغربي إن هذا الملف قديم لكن التطورات الأخيرة في سوريا حتمت إعادة فتحه. وأضاف في حديث إلى"النهار" أن الجمعية تلقت اتصالات من العديد من العائلات التونسية التي لديها أطفال عالقون في مخيمي "الهول" و"الروج" تطلب المساعدة على استعادتهم.
لا أرقام رسمية
وأفاد الغربي بأنه لا توجد أرقام دقيقة عن عدد الأطفال، لكنه أكد أنهم في حدود 120طفلاً في المخيمات السورية يعيشون في المناطق التي تقع تحت سيطرة الأكراد.
وأشار إلى أن أكراد سوريا رفضوا سابقاً التجاوب مع الدعوات التونسية إلى تسليم هؤلاء الأطفال إلى عائلاتهم في تونس، لكنه رأى أنه و"بعد إسقاط نظام الأسد الذي كان العائق الأبرز في حل الملف بات من الممكن اليوم التحرك من أجل إعادتهم".
كما أوضح أن عدداً منهم ينقل إلى السجون بعد بلوغه سناً معينة فيما يتلقى من يعيش منهم وسط المقاتلين تدريبات من أجل ضمه إلى صفوفها.
وكانت تونس استعادت قبل أشهر 6 أطفال من أبناء المقاتلين في ليبيا.
وقال الغربي إن إعادة هؤلاء الأطفال من شأنه أن يحميهم من الفكر المتطرف وأن يحمي أمن البلد أيضاً. ويعتبر أن من حقهم على الدولة التونسية أن تعمل على استعادتهم، لافتاً إلى أنه لا ذنب لهم في اختيارات عائلاتهم.
وذكر أن بعض الأمهات اللواتي التحقن بهذه التنظيمات تواصلن مع الجمعية سابقاً راغبات في نقل أبنائهن للعيش في تونس ومعربات عن استعدادهن للمحاسبة.
وأكد أن تونس اكتسبت خبرة وتجربة في التعامل مع هؤلاء الأطفال عند عودتهم، ما يدحض كل المخاوف من هذه الخطوة، لافتاً إلى أن عملية إدماج من عاد منهم كانت ناجحةً.
ملف جدالي
وكثيراً ما كان ملف "أبناء دواعش تونس" كما يعرفون في البلد محل جدال واسع بين من يرى أنه لا بد من استعادتهم لحمايتهم من الفكر المتطرف، خصوصاً أنهم لم يختاروا هذا المصير، كما قال الغربي، وبين من يحذر من عودتهم معتبراً أنهم "قنابل موقوتة".
وفي عام 2018 أعلنت تونس نجاحها في استعادة 51 طفلاً من بؤر التوتر، وقالت وزارة المرأة التونسية حينها إن أولياءهم كانوا من مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتم نقل هؤلاء الأطفال إلى تونس وتسليمهم إلى عائلاتهم بالتنسيق مع مصالح رعاية الطفولة التونسية.
وسبق للرئيس قيس سعيّد أن استقبل في قصر قرطاج عدداً من هؤلاء الأطفال ما أثار ضجةً كبيرةً حينها ودفعه إلى التوضيح لاحقاً بأن"لا ذنب لهم إن كان أولياؤهم إرهابيين".
قنابل موقوتة
وبعد حوادث 2011 وبسبب تنامي حضور الأحزاب الدينية المتطرفة شهدت تونس خلال فترة حكم الإسلاميين موجات هجرة كبيرة نحو ما يسمى ببؤر التطرف، وتحديداً نحو سوريا وليبيا، إذ التحق آلاف التونسيين بالتنظيمات الإرهابية المقاتلة هناك.
والأسبوع الماضي قالت شركة الخطوط الجوية التونسية إنه سيجري استقبال الرحلات الآة من تركيا في محطة منفصلة عن مطار تونس قرطاج الدولي الرئيسي.
ولم توضح السلطات رسمياً دوافع هذا القرار، لكن العديد من المراقبين أكدوا أنه إجراء استباقي تحسباً لعودة المقاتلين التونسيين من سوريا. وكانت تركيا تعتبر المحطة التي عبرها يمر أغلب الشباب التونسيين ممن التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في سوريا وسبق أن وجهت لها اتهامات بالضلوع في شبكات تسفيرهم نحو هذه المناطق عبر تسهيل مرورهم لها.
وتجري في تونس محاكمة عدد من السياسيين والمسؤولين الإسلاميين بتهم تتعلق بشبكات التسفير نحو بؤر التوتر ومن بينهم رئيس "حركة النهضة" والبرلمان السابق راشد الغنوشي.
نبض