تحقيقات 11-01-2025 | 06:30

التغير المناخي يفاقم معاناة الزراعة في ليبيا

ليبيا التي تمتلك ساحلاً بطول 1700 كلم على البحر المتوسط، باتت مهدده بتأثيرات ارتفاع درجات الحرارة.
التغير المناخي يفاقم معاناة الزراعة في ليبيا
القطاع الزراعي تحت رحمة التغيرات المناخية
Smaller Bigger

قبل كارثة الإعصار "دانيال" الذي ضرب ساحل شرق ليبيا في أيلول (سبتمبر) 2023، كان ملف التغير المناخي وتأثيراته غائبين عن المناقشة والبحث إلا في دوائر علمية متخصصة تعتمد بالأساس على تحذيرات تُطلقها منظمات وجامعات دولية. لكن الخسائر الفادحة التي تكبدتها مدن الساحل الشرقي، وخصوصاً درنة جراء الفيضانات، وما تبع الكارثة من أمطار غير مسبوقة  شرقاً وغرباً وجنوباً خلال العامين الأخيرين، دقت نواقيس الخطر المحدق الذي يهدد البلد وسلته الغذائية، ودفعت ملف التكيف مع التطرف المناخي إلى الواجهة.

 

كارثة "دانيال" وغزارة الأمطار على مناطق صحراوية لم يكن متوقعاً هطولها فيها، تؤكدان تأثر ليبيا بشكل كبير بالتغير المناخي، أو ما يعرف بـ"التطرف المناخي"، وفق مدير مركز الاستشارات للعلوم البيئية في جامعة بنغازي الدكتور سامي الأوجلي، الذي شدد لـ "النهار" على الحاجة الملحة لاستراتيجية وطنية للتكييف. 

 

فليبيا التي تمتلك ساحلاً بطول 1700 كلم على البحر المتوسط، باتت مهدده بتأثيرات ارتفاع درجات الحرارة التي تؤدي إلى كثافة في كميات الأمطار وأعاصير وارتفاع في منسوب البحر بالإضافة إلى احتمالات وقوع زلازل، وفق الأوجلي الذي أشار إلى أن هذه التداعيات "أنعكست على الغطاء النباتي في ليبيا وسلتها الغذائية، كما يشكل التصحر أحد أكثر التحديات المناخية إلحاحاً في بلد تُمثل الصحراء 95 في المئة من مساحته". 

 

ويحذر أستاذ أمراض النبات في كلية الزراعة في جامعة بنغازي الدكتور عبد الله العلواني من أن استمرار التغيرات المناخية واشتداد حدتها خلال السنوات المقبلة "سيفاقمان معاناة القطاع الزراعي بشكل كبير جداً، لاسيما في ظل هشاشة القطاع في ليبيا، وعدم تخصيص موازنات له تُمكنه من مقاومة الطوارئ". 

 

وتحتل ليبيا مرتبة متقدمة على المستوى العالمي في إنتاج الزيتون والتمور، إذ تملك 8 ملايين شجرة زيتون، و10 ملايين نخلة، وسط آمال بارتفاع مساهمة القطاع في الاقتصاد الليبي في حال الاهتمام به. لكن الأوجلي والعلواني لاحظا تدهور إنتاجية كثير من المحاصيل الاستراتيجية، خلال الفترة الماضية.

 

وأوضح العلواني لـ"النهار" أن فرق الخبراء "قامت بجولات على مدن الجنوب: واحات جالو وأوجلة الشهيرة بإنتاج التمور وكذلك مناطق الجفرة ولاحظنا التأثر بالتغير المناخي، سواء على صعيد ارتفاع درجات الحرارة بشدة في فصل الصيف أم هطول الأمطار في غير أوقاتها، وبالمثل تضرر انتاج الثروة الحيوانية وخسر كثير من مربي النحل خلاياهم".

ولفت العلواني إلى أنه "نتيجة لغزارة الأمطار تشكلت مستنقعات في منطقة المرج التي تعد إحد أهم مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني في ليبيا، وهذه البرك أدت إلى انتشار أنواع من الحشرات والطفيليات التي أصابت قطعان الماشية والأغنام بأمراض لم تكن معروفة في ليبيا. كما أن الكثير من المحاصيل الزراعية أُصيبت بآفات تنشط في المناخ الرطب". وشرح الأوجلي أن "الانجرافات المائية الشديدة أثرت أيضاً على البيئة الساحلية وأدت إلى تصحر الشواطئ نتيجة للتلوث، ما قلّل من إنتاج الأسماك. وتعتبر ليبيا أيضاً من مناطق استقبال الطيور المهاجرة، وهذا أمر تأثر بفعل التصحر".

 

أما مدينة درنة (شمال شرقي ليبيا) التي لا تزال تلملم جراحها جراء الإعصار "دانيال"، فأشار أستاذ الاقتصاد في جامعتها الدكتور زياد أبو شيحة إلى أن "وادي درنة الذي كان يشتهر بزراعة الفواكه عالية الجودة، لاسيما الرمان والعنب والمشمش، جرفت الفيضانات مزارع الوادي وسكانه"، لافتاً لـ"النهار" إلى أنه نتيجة للفيضانات التي اقتلعت المباني السكنية تضررت الأراضي الزراعية وأغلب المساحات لم تعد صالحة للزراعة، كما أنها ستظل مهددة في حال جريان الأودية مرة أخرى".

 

وشدد الأوجلي الذي يشغل منصب نائب مدير "شبكة التغيير المناخي العربي"، على حاجة ليبيا الملحة لوضع استراتيجية للتكيف المناخي وتخفيف وطأته، خصوصاً أن هناك الكثير من الكوارث المناخية التي تهدد ليبيا في هذه الفترة، وكذلك على ضرورة وضع استراتيجية لحوكمة المياة في ظل امتداد رقعة التصحر. وأوضح أنه "يجب أن تشمل الاستراتيجية العمل على الاستفادة من زيادة كميات الأمطار وتخزينها لكي يتم استخدامها في زراعات تستطيع التكيف مع التغير المناخي". وعبر عن أسفه لعدم الاستفادة من وفرة المياة خلال السنوات الأخيرة، داعياً إلى سياسة واضحة للزراعة واستصلاح الاراضي بأنواع جديدة من الزراعات المقاومة للتغير المناخي.

 

لكن العلواني لفت إلى أن تغيير التركيبة المحصولية في ليبيا "يحتاج إلى مدى زمني أطول لتقييم مدى إمكان توافر كميات كبيرة من الأمطار توفر مخزوناً جوفياً كبيراً من المياة، وحينها يمكن وضع استراتيجية ودراسات معمقة للتوسع في محاصيل تعتمد على المياه وتتكيف مع التغيرات".

 

أما أبو شيحة فيستبعد إمكان اعتماد ليبيا استراتيجية لتغيير أنواع المحاصيل الزراعية في هذه المرحلة، موضحاً أن "اقتصاد ليبيا ريعي يعتمد على مصدر دخل وحيد هو النفط وتصديره. في المقابل تم إهمال قطاع الزراعة منذ عقود ولا يتم دعم المزارعين، رغم أن اقتصاد ليبيا،قبل اكتشاف النفط في خمسينيات القرن الماضي، كان يعتمد على الزراعة والثروة الحيوانية".    

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.