تحقيقات
12-01-2025 | 13:25
"أسقاس أمرفوح"... احتفالات برأس السنة الأمازيغية في الجزائر
في رأس السنة الأمازيغية حرصت الروضات والمدارس على أن تكون الاحتفالات عُرساً شعبياً مفتوحاً للثقافة الأمازيغية، ومن بينها تنظيم عُروض مسرحية وتقديم أكلات شعبية.

بعض من "سفرة" رأس السنة الامازيغية
لم يكُن يوماً عادياً في المدارس والروضات الجزائرية، كان يوماً مليئاً بالجمال والحماسة، إذ امتزج جمال البراءة بسحر اللباس التقليدي الجزائري. في رأس السنة الأمازيغية حرصت الروضات والمدارس على أن تكون الاحتفالات عُرساً شعبياً مفتوحاً للثقافة الأمازيغية، وبينها تنظيم عروض مسرحية وتقديم أكلات شعبية.
ففي روضة "ماريا وزكريا" في مدينة المعالمة (الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية)، حرصت صاحبتها نسيمة توري على إعداد طبق الكسكس التقليدي، وبعد انقضاء الفترة الصباحية، قامت مع المربيات بجمع أصغر عناقيد الروضة وهم ثلاثة رضّع يبلغون من العمر 8 أشهر، 16 شهراً و24 شهراً على التوالي ووضعتهم داخل قصعة (إناء واسع)، وألقت فوق رؤوسهم الحلويات والسكر وأنواعاً مختلفة من المكسرات وبعض الفاكهة الموسمية المجففة كالتين والبرتقال والفول السوداني، والتمر، وتُعرف جميعها بـ "الدراز" أو "القشقشة" لتوزع كلها لاحقاً على الأطفال الصغار والكبار أيضاً، ليكون العام الجديد فأل خير عليهم وعلى جميع من أكلوا من القصعة.
واللافت أن مختلف الملابس التقليدية، سواء من منطقة القبائل أم من مناطق جزائرية أخرى، كانت حاضرة في الاحتفال مثل "الكاراكو" و"الملحفة"و"القفطان" وغيرها، بحيث قام الأطفال بإبراز الموروث الشعبي الذي تفتخر به العائلات الجزائرية على غرار تقندورث (الجبة القبائلية) وبرنوس (منطقة القبائل) من الصوف والذي يشتهر بلونه الأبيض.
وفي وسط تلك الأجواء، صدحت الأغاني المستوحاة من عمق الثقافة الأمازيغية الجزائرية، أغان حملها الأحفاد على امتداد الطفولة والمراهقة على غرار أغنية "سندو" لأسطورة الفن الأمازيغي حميد شريات المعروف بـ"ايدير"، هذه الأغنية مستوحاة من الحياة اليومية للمرأة الأمازيغية في الأرياف، ومن كلماتها: "يا مخاضة اللبن امخضي على مهل وامنحينا قشدة صافية من صفوة الحليب، يا مخاضة اللبن امنحينا زبدة واملئي الوعاء ذلك ما اتمناه، امخضي على مهل واملئي الصحن قشدة فذلك فضل من الله القدير، يا قدرة تعانقها الأيدي فيك كل أسراري جئتك أطلب الخير رغم فقري أغني لأخفف احزاني".
بطقوس مشابهة وعادات متجذرة، احتفلت روضة "créche grandir A petits pas " بالمناسبة، واللافت أن صاحبة الروضة محيا نصيرة التي تنحدر من محافظة البويرة (تقع في الجزء الشمالي من وسط البلاد)، حرصت على طهو الكسكس بسبع حبوب أو ما يُعرف بـ (كسكسي سبع أسوفار) الذي يعدُ سيد الأطباق التراثية الاحتفالية في هذا اليوم، وتقول أصيلة لـ "النهار" إن "لهذا الطبق أبعاداً ودلالات تتضمن رموزاً تتعلق بالأرض والزراعة والمحصول الزراعي، ويتشكل هذا الطبق من سبعة أنواع من البقوليات هي الحمص المنقوع في الماء، الجلبانة (البازلاء) المجففة، العدس، الفول المدشش، الفاصولياء القبائلية وأخيراً حبات من القمح. ويعدّ هذا الطبق بالدجاج البلدي أو ما يُسمى بالمحلية أيازيط أوحشاد (الديك الرومي).
والتفسير الشائع لبداية العام الأمازيغي حسبما كشفته نصيرة، أنه بداية للروزنامة الفلاحية، وللتدليل على هذا المعطى تشرح قائلة: "يناير شهر انطلاق مرحلة السنة الزراعية ووفرة المحاصيل، ففي هذا اليوم يخرج معظم الفلاحين إلى الأرض من أجل الزراعة والبذر كما يعتبر شهر الأمطار والخيرات، فالكل يتفاءل بسنة فلاحية وفيرة".
وأقر رسمياً للمرة الأولى الاحتفال بالعام الأمازيغي في الجزائر بعد تعديل دستور عام 2016، وأصبح عيداً وطنياً يجري الاحتفال به في الروضات والمدارس والمؤسسات الرسمية منذ يناير (كانون الثاني) 2017، بعدما أقرت السلطات الاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية ورسمية في الدستور.
وسنوياً ترعى السلطات المحلية الاحتفالات الوطنية بعيد السنة الأمازيغية، وانطلقت هذا العام من أقصى الجنوب، وتحديداً من الواحة الحمراء نسبة إلى بيوتها الملونة بالأحمر، وهي مدينة جميلة تمتاز بطابعها المعماري الإسلامي إلى مدينة تيميمون تحت شعار "يناير.. أصالة الجزائر المنتصرة تنسجها قصور قورارة"، بحضور مجموعة من الفنانين والأدباء والشعراء القادمين من ربوع الوطن تحت إشراف المحافظة السامية للأمازيغية.
وتقام برامج ثقافية ومعارض خاصة بالتراث المادي وغير المادي، كتنظيم استعراض كبير للقطاعات المشاركة وورش حول حماية التراث الثقافي الأمازيغي، ويوم دراسي حول المرجعيات الوطنية للهوية الجزائرية بمشاركة خبراء وطنيين، كما تنظم ندوة أكاديمية حول البعد التاريخي والحضاري للعيد والروزنامة الفلاحية، تشارك فيها نخبة من الأساتذة الجامعيين، إضافة إلى تدشين واجهات مرافق عامة مدونة باللغتين الوطنيتين، العربية والأمازيغية، وتختتم فعاليات هذه التظاهرات بتسليم جائزة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للأدب واللغة الأمازيغية إلى الفائزين، ومراسم ختم طابع بريدي يوثق الاحتفال بالطبعة الخامسة من جائزة الرئيس للأدب واللغة الأمازيغية.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال
10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
النهار تتحقق
10/8/2025 9:20:00 AM
إعلان مفرح من محمد شاكر خلال الساعات الماضية. "صدر حكم ببراءة والدي، فضل شاكر"، وفقاً للمتناقل. فيديو تكشف "النّهار" حقيقته.
سياسة
10/8/2025 1:16:00 AM
تمام بليق يوضح حقيقة ما جرى مع الشيخ حسن مرعب في صيدا