القاهرة بوابة أفريقيا الواسعة لشراكة روسيا مع القارّة السمراء

شمال إفريقيا 25-12-2025 | 07:04

القاهرة بوابة أفريقيا الواسعة لشراكة روسيا مع القارّة السمراء

تؤدّي مصر دوراً محورياً في تعزيز الشراكة بين روسيا ودول أفريقيا.
القاهرة بوابة أفريقيا الواسعة لشراكة روسيا مع القارّة السمراء
صورة تذكارية للرئيس المصري والمشاركين بالمؤتمر الوزاري للشراكة الأفريقية الروسية في القاهرة. (وزارة الخارجية المصرية)
Smaller Bigger
تؤدي مصر دوراً محورياً في تعزيز الشراكة بين روسيا ودول أفريقيا. فخلال رئاستها الاتحاد الأفريقي عام 2019، انطلقت أولى خطوات هذه الشراكة من خلال قمّة عُقدت في مدينة سوتشي الروسية، وقادها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ومنذ ذلك الحين، واصلت القاهرة العمل الدؤوب مع العواصم الأفريقية وموسكو، ما منح هذا التعاون زخماً متزايداً ودفعه قدماً.
وخلال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة "روسيا – أفريقيا"، الذي استضافته العاصمة المصرية يومي الجمعة والسبت، وبمشاركة وزراء ورؤساء وفود من أكثر من 50 دولة أفريقية، جرى التمهيد للقمة الأفريقية-الروسية المقبلة. وأشار البيان الختامي للمؤتمر إلى "مواصلة العمل معاً لتوسيع مجالات التعاون وضمان نجاح القمة الروسية-الأفريقية الثالثة المقررة عام 2026 على أرض القارة الأفريقية".
وقال الرئيس السيسي في كلمته الموجهة إلى المشاركين في المؤتمر: "أؤكد عزمنا الراسخ على مواصلة العمل المشترك لتعزيز التعاون بين أفريقيا وروسيا، والمساهمة في إطلاق مرحلة الإعداد للقمة الأفريقية-الروسية الثالثة، لتكون خطوة نوعية جديدة في مسار هذه الشراكة الاستراتيجية".

 

 

 

بوابة تاريخية
يقول الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية السفير أحمد حجاج، لـ"النهار"، إن "مصر كانت بوابة الاتحاد السوفياتي إلى أفريقيا في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد قدّم الاتحاد السوفياتي حينها مساعدات لحركات التحرر الوطني في القارة، عندما كانت لا تزال خاضعة للنفوذ الاستعماري".
ويضيف حجاج: "تتمتع مصر بعلاقات قوية مع دول القارة بحكم عضويتها في الاتحاد الأفريقي، ووجود سفاراتها المقيمة في معظم الدول الأفريقية، وهذه الدول تمتلك بدورها سفارات مقيمة في مصر تتخذها مركزاً لإدارة علاقاتها مع الدول العربية".
وعن أهداف روسيا من هذا التقارب، يقول إن "موسكو تسعى إلى استعادة حضورها في أفريقيا بعد انشغالها بالحرب في أوكرانيا، كما ترغب في الحصول على تأييد الدول الأفريقية في هذا الصدد".
ويشير الديبلوماسي المصري إلى أن "الوجود الروسي في أفريقيا تضرر بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، إذ أُغلقت عدة سفارات روسية في القارة. لذلك أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه سيتم الإعلان عن إعادة افتتاح السفارات التي أُغلقت، إلى جانب فتح سفارات جديدة، حتى في الدول الصغيرة مثل غامبيا وجزر القمر".
ويلفت حجاج إلى أن "الصادرات الروسية إلى أفريقيا لا تزال محدودة مقارنة بالدول الكبرى، إذ تبلغ نحو 17 مليار دولار، فيما تصل صادرات الصين إلى القارة السمراء، على سبيل المثال، إلى نحو 220 مليار دولار".
ومن جهة أخرى، يرى حجاج أن "موسكو تعتبر الظروف الراهنة أرضاً خصبة للعودة إلى أفريقيا، في ظل إنهاء الولايات المتحدة مساعداتها لعدد من دول العالم، بما فيها دول أفريقية، فضلاً عن قرارات واشنطن المتعلقة بتقييد استقبال زيارات من مواطني عدد كبير من بلدان القارة".

 

جانب من المؤتمر الوزاري الذي استضافته القاهرة. (وزارة الخارجية المصرية)
جانب من المؤتمر الوزاري الذي استضافته القاهرة. (وزارة الخارجية المصرية)

توجّه واضح
ويقول الكاتب والمحلل السياسي عمرو حسين، لـ"النهار"، إن "مؤتمر الشراكة الأفريقية-الروسية يمثل محطة استراتيجية بالغة الأهمية في إعادة صياغة توازنات النفوذ داخل القارة الأفريقية، في ظل التحولات المتسارعة في النظام الدولي وتراجع الهيمنة الأحادية".

ويرى حسين أن الشراكة الروسية-الأفريقية "لا تقتصر على تعزيز التعاون الاقتصادي أو العسكري فحسب، بل تعكس توجهاً روسياً واضحاً لبناء شراكات طويلة الأمد تقوم على المصالح المتبادلة واحترام السيادة الوطنية للدول الأفريقية".
ويضيف: "تؤدّي مصر دوراً محورياً في هذه الشراكة، باعتبارها بوابة روسيا الرئيسية إلى القارة الأفريقية، مستندة إلى موقعها الجغرافي الفريد، وثقلها السياسي والتاريخي، وشبكة علاقاتها المتوازنة مع مختلف العواصم الأفريقية. وبما تمتلكه من خبرة مؤسسية وديبلوماسية أفريقية ممتدة، تمثل القاهرة منصّة انطلاق آمنة وموثوقة لموسكو لتعزيز حضورها في مجالات الطاقة، والبنية التحتية، والأمن الغذائي، ونقل التكنولوجيا".
ويعتقد أن "الدور المصري لا يقتصر على الوساطة أو التنسيق، بل يمتد إلى صياغة رؤية مشتركة للتعاون الأفريقي-الروسي تقوم على التنمية المستدامة، وعدم تكرار أنماط الاستغلال التقليدية. ونجاح هذه الشراكة مرهون بقدرة مصر على توظيف ثقلها الإقليمي لتقريب المصالح الروسية من الأولويات الأفريقية، بما يخدم استقرار القارة ويعزز استقلال قرارها السياسي والاقتصادي".

قفزة تجارية
وعلى الرغم من أن الشراكة الأفريقية-الروسية الجديدة تمتد إلى آفاق سياسية وأمنية ومناخية وغيرها، يظلّ الاقتصاد عنصراً محورياً في هذا التعاون.
وتشير تقارير إلى ارتفاع التبادل التجاري بين روسيا ودول القارة (54 دولة) بنسبة لافتة، على الرغم من محدودية حجمه مقارنة بشركاء دوليين آخرين. فقد بلغت نسبة الزيادة في عام 2023 نحو 37 في المئة، بقيمة تبادل تجاري وصلت إلى 24.5 مليار دولار، بعدما كانت تراوح في السنوات السابقة بين 18 و20 مليار دولار.
وكان نائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفرتشوك قد قال في أيلول/ سبتمبر الماضي إن "من المهم للغاية تعريف مجتمع الأعمال الروسي بالفرص التي توفرها المنطقة، سواء من حيث الامتيازات الضريبية والجمركية، أو ظروف تنفيذ المشروعات، أو الخدمات التي تفتح آفاقاً جديدة للعمل في أفريقيا".
وبناءً على ذلك، يتوقع محللون أن يكون للمنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس دورٌ مهم في تنشيط التجارة بين روسيا ودول القارة السمراء، من خلال جذب استثمارات روسية كبيرة في مجالات متعددة.



 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/23/2025 10:17:00 PM
أحد أبرز القادة العسكريين الذين قادوا مساعي توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وعززوا علاقاتها الإقليمية والدولية.
المشرق-العربي 12/24/2025 10:00:00 AM
أراد يسوع بيت لحم بدون حواجز ولا قيود. أرادها مدينة تصدّر السلام من هذه البقعة الجغرافية إلى كل العالم.
المشرق-العربي 12/24/2025 12:33:00 PM
القوة مؤلفة من سيارتين إحداهما من نوع هايلكس والأخرى هامر عسكرية
شمال إفريقيا 12/24/2025 10:42:00 AM
مضى الحداد، الذي ينحدر من مدينة مصراتة ذات الثقل في صنع قرار غرب ليبيا، خلال السنوات الأخيرة عكس التيار، متمسكاً بحلم "توحيد المؤسسة العسكرية".